«فابتدأ الجميع برأي واحد يستعفون» (لو14: 18)
في أحد أيام الأسبوع ”يوم السبت“، دعا واحد من رؤساء الفريسيين، الرب يسوع ليأكل عنده. وفي هذه الوليمة، لاحظ الرب غياب نوعية من الناس، وهم فئة الفقراء والمعوَّقين. فأراد الرب أن يلفت نظر صاحب الوليمة والمدعوين قائلاً: ”إن على مَنْ يصنع وليمة، أن يدعو إليها هذه الفئة من الناس المساكين والجُدع والعُرج والعُمي، لأن مَنْ يفعل ذلك، سيُكافَأ في قيامة الأبرار“. وكان ضمن الجالسين يهودي كان واثقًا أنه ذاهب إلى ملكوت الله ليأكل هناك خبزًا، وذلك حسب مفهوم اليهود في ذلك الوقت عن ملكوت الله، فأراد أن يضع هذا الرجل في مواجهة مع إخلاصه وثقته من جهة اعتقاده أنه سيكون أحد الضيوف في ملكوت الله. فأعلن المسيح عن دعوة يقدمها الله للإنسان، يدعوه فيها إلى وليمة الإنجيل، حيث يقدم الله للإنسان وليمة تحتوي على الخلاص بكل مُشتملاته وبركاته ـ الخلاص الذي حصّله لنا المسيح على الصليب. فعن طريق قبول الإنسان لهذه الدعوة القائلة: «تعالوا لأن كل شيء قد أُعد» نشارك الله سروره وفرحه بما أنجزه المسيح بعمل الصليب، ونحن يكون لنا نصيب في وليمة الإنجيل، حيث التمتع القلبي بالإيمان بنصيبنا في هذه الوليمة، وهو ”شخص المسيح“.
وعندما قدَّم الله الدعوة «ابتدأ الجميع برأي واحد يستعفون». فالأول اعتذر عن الحضور، لأنه اشترى حقلاً، وهذا يُرينا أن قلب هذا الرجل متعلق بالأرض والممتلكات الأرضية، وهذا ما أعاقه عن تلبية الدعوة. والثاني أعاقه الانشغال بالأبقار التي اشتراها، وهذا يُرينا أن هذا الرجل ارتبك ذهنه بأمور الحياة الزمنية الوقتية، بدلاً من الأمور الروحية الأبدية. أما الأخير، فقد حرمته الميول الجسدية والروابط الاجتماعية من التجاوب مع وليمة الإنجيل، وإن كان يجب ألاّ نهمل واجباتنا الأسرية والاجتماعية، ولكنها ليست مقبولة كعذر يمنع الإنسان عن التجاوب مع دعوة الله له للمجيء لوليمة الإنجيل.
إذًا فالأول أعاقه الارتباط القلبي بالممتلكات الأرضية، والثاني أعاقته المشغوليات الذهنية بالحياة الزمنية، والثالث أعاقته الرغائب الجسدية والروابط الاجتماعية. فهل أنت واحد من هؤلاء المُعتذرين عن دعوة الله للدخول إلى الوليمة التي يقدمها لك الله، عن طريق قبولك لشخص المسيح مخلصًا؟