(لوقا19: 2- 10)
الرب يسوع إلى أريحا حيث كان يعيش زكا رئيس العشارين الغني. لكن ثروته لم تستطع أن تجلب له احترام الناس. فقد كان العشارون موظفين عند الحكومة الرومانية، وهم غالبًا كانوا يخدعون مواطنيهم ويظلمونهم، ولهذا كانوا ينتسبون إلى طائفة مكروهة من الناس. لذلك لم يستطع زكا أن يكون إنسانًا سعيدًا حقًا رغم غناه. لكن كان هناك شيء آخر في حياته ضغط عليه أكثر من الاحتقار الذي عاناه، هو قلقه واضطرابه من جهة موقفه أمام الله. لكن الآن جاء يسوع إلى مدينته التي استوطن فيها. ولا بد أن زكا قد سمع عن يسوع وعن المعجزات التي أجراها. لكن هذه الآيات لم تكن تهمه كثيرًا. كان يريد أن يعرف مَنْ هو يسوع. لقد بشَّر الرب بغفران الخطايا، كما أنه لم يتحاش «العشارين والخطاة». هل يمكن أن يكون هو الفادي الموعود به في العهد القديم، ابن الله؟ وهل كان هناك رجاء لشخص مثل زكا؟ هل يمكن لحياته الخَرِبة أن تنتظم وتصبح ذات معنى؟ كانت هذه هي الأشياء التي احتاج زكا أن يعرفها ويتأكد منها. لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة له، لأن جمهورًا غفيرًا كان يحيط بالرب، بينما كان زكا قصير القامة. لذلك ركض متقدمًا وصعد إلى جميزة لكي يراه بطريقة أفضل، ولكي يستطيع أن يسمع ما كان يقوله. وقد توقع زكا أن تخفيه أوراق الشجرة عن الأنظار، فهو لم يرغب في أن يكون مركز الانتباه. كان زكا يبحث عن الغفران لخطاياه، والسلام لنفسه المُتعبة. هل كان هناك رجاء له؟ هل يستطيع يسوع أن يُعينه؟ وهل هو مستعد أن يفعل شيئًا لشخص كان مرفوضًا من كل الناس تقريبًا؟ لنقرأ ما حدث بعد ذلك. «فلما جاء يسوع إلى المكان، نظر إلى فوق، فرآه، وقال له: يا زكا، أسرع وانزل لأنه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك» (لوقا19: 5). حينما يبدأ أي شخص في طلب الرب يسوع، يكتشف في الحال أنه هو شخصيًا كان موضوع البحث لفترة طويلة. كان زكا ينتظر أن يرى يسوع، لكن المخلص كان يفتش عنه، وقد وجده في مخبأه فوق شجرة الجميز. لم يسبق أن تقابلا إطلاقًا من قبل، لكن الرب دعاه باسمه. كان الرب يعرف تمامًا مَنْ هو زكا، وكان يعرف أيضًا نوعية الحياة التي عاشها. والآن كان على زكا أن يكتشف مَنْ هو يسوع. إن الرب الذي دعاه باسمه، متجاهلاً الرأي الشائع عن العشارين، عبَّر الآن عن رغبته أن يكون ضيفًا في بيته، وطلب منه بمحبة وموَّدة أن يسرع وينزل. لا بد أنه هو الفادي الذي طال انتظاره والذي يستطيع أن يجري تغييرًا حاسمًا وجذريًا في حياته. وقد قبله زكا فَرِحًا ورحَّب به في بيته وفي قلبه. أما الجمع ذوو البر الذاتي فقد أظهروا استياءهم، لكن الرب قد جاء بوجه خاص للهالكين: لذلك قال لزكا «اليوم حصل خلاص لهذا البيت ... لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلِّص ما قد هلك». لو كان زكا لم يعتبر نفسه هالكًا، ولو تجاهل دعوة الرب لكي يُسرع وينزل من الشجرة لكي يقبله، لكان قد خسر فرصة العمر، فلم يكن يسوع مُزمعًا أن يعود إلى أريحا. وقد قبل زكا المخلِّص بفرح، وتمتع بالسلام، وأصبح له شركة مع الله، كما أن السلام سكن في بيته كما في قلبه. عزيزي القارئ .. هل اختبرت هذه البركات العظيمة في حياتك؟ الطريق الوحيد لذلك هو أن تؤمن بالرب يسوع المسيح كمَنْ مات لأجلك على الصليب لكي يخلِّصك من خطاياك، ويعطيك الغفران والسلام. لا تتردد، لأن الأمر ضروري وحيوي. إذا أهملت هذا الأمر، فأنت وحدك الخاسر.