«وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ قَدَّمُوا إِلَيْهِ مَجَانِينَ كَثِيرِينَ، فَأَخْرَجَ الأَرْوَاحَ بِكَلِمَةٍ، وَجَمِيعَ الْمَرْضَى شَفَاهُمْ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا» (مت ٨: ١٦، ١٧).
لعله أمر مثير للدهشة الفائقة أن إسرائيل لم يدرك مَنْ هو هذا، وأنه ليس مجرد إنسان عادي، بعدما عاينوا الشفاء المعجزي الذي أجراه إبان فترة خدمته في كل مكان ذهب إليه. حتى هيرودس الملك أبدى شغفًا بالغًا بأن يرى معجزة على يدي يسوع، بعد كل ذلك الذي سمعه عنه. لكن الرب لم يبد اهتمامًا بإشباع فضول هيرودس. لقد كان معنيًا فقط بحاجة النفوس الثمينة – المُلّحة.
وفي الأعداد التي نحن بصددها، شفى الرب يسوع كثيرين كانوا مرضى، وأخرج الأرواح الشريرة من ساكنيها، ولم يرد أحدًا خائبًا. بعض مدعي الإيمان الذين يزعمون أنهم يُجرون الشفاء المعجزي، يُحاولون تقليد الرب يسوع، وعندما يفشلون فإنهم يلومون المُتلقي، زاعمين أنه ليس لديه الإيمان الكافي. لم يفعل الرب يسوع شيئًا من ذلك، لأنه لم يفشل قط.
واليوم يوجد البعض الذين يَدَّعون أن الكفارة تشفي الأمراض الجسدية؛ إنهم يفتكرون أن متلقي الخلاص يُوهب الشفاء من أي مرض، ويلومون المؤمن إذا هو عانى من أي مرض. والأعداد التي نحن بصددها تبرهن كذب هذا الاعتقاد، ذلك لأنها تؤكد بكل وضوح أن تتميم نبوة إشعياء بأن الرب أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا، كان إبان فترة خدمته على الأرض، لا عندما عُلّق على الصليب ليُتمم عمل الكفارة. ففي ذبيحته حمل خطايانا، ولكن في فترة خدمته في حياته على الأرض حمل أمراض كل الذين شفاهم. كيف فعل ذلك؟ في كل حالة شفاء، لنا أن نتيقن أنه كان يشعر بعمق الحزن والأسى التي كانت تكابدها النفوس الثمينة في ضيقتهم. يا له من سيد ورب رائع!