أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مارس السنة 2019
ما بين حُورِيب وسُوخَار
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«النَّامُـوسَ بِمُوسَـى أُعْطِيَ، أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا» (يو١: ١٧)

في حُورِيب جاء الرب يُحرِّرُ شعبًا ... وفـي سُـوخَار جـاء يُحـرِّرُ امرأة

لن أبدأ من آدم ... أو حتى إبراهيم

وأطوي الصفحات ... لآخر التكوين

أسير خلف مُوسَى ... في غابر السنين

نمضي إلى حُورِيب ... في مشهد مهيب

ومال مُوسَى ليرى ... ذا المنظر العجيب

عُليَّقة وارفة ... زاهية الخضار

لكنها تشتعل ... في قلبها بالنار

وجاء صوت مرهب ... قف عندك يا مُوسَى

لا تدن من قريب ... واخلع حذاءك حالاً

فالمشهد كما ترى ... مًقدَّسٌ رهيب

*****

مَن أنت يا سَيِّدي؟!

أنا أَهْيَه الَّذِي أَهْيَهْ ... الواجب الوجود

مَن وعد الآباء ... والحافظ العهود

ذكرت إبراهيم ... ونسله الموعود

شعب هناك يرزح ... تحت ثقل القيود

حان ميعاد العودة ... مِن مصر يخرجون

أنت لهم تقود

*****

وبعد أخذ وعطاء ... امتثل لأمر السماء

وصنع الآيات والعجائب

ببيت فرعون وكل شعبه ... قد حلَّت المصائب

وفي ليلة فاصلة

قد صنع الفصح ... به احتمى الأبكار

في نفس تلك الليلة ... قد بدأ الخروج

تحدَّد المسار

وفي فَمِ الْحِيرُوثِ

الرب شق البحر ... أمامهم قد سار

ورنموا الترنيمة ... دليل الانتصار

وبعد مَارَّة وإِيلِيم ... حلّوا في رَفِيدِيم

وعطش الشعب هناك واشتكى

ووسط هذا المشهد الرهيب

يأمر الرب بضرب الصخرة

ولأمر الرب مُوسَى يستجيب

يضرب الصخرة ... والصخر يستجيب

تأتي بالماء الصبيب

وشرب الشعب هناك وارتوى

ومن الخلف يجيء عماليق ... يضرب المُستضعَفين

للرب حرب معه

دَوْرٍ ودَوْرٍ ... وعلى طول الطريق

*****

وأتى الشعب مقابل الجبل

صعد مُوسَى هناك

وهناك الرب أيضًا قد نزل

وصارت البروق والرعود

وحول ذلك الجبل ... أُقيمت الحدود

والشعب خاف وابتعد ... بل حتى موسى قد ارتعد

*****

نأتي إلى سُوخَار

نترك ذاك المشهد الرهيب

وتنظر العيون هذا المشهد العجيب

جاء رجل غريب

تعب مِن السفر ... عند بئر جلس ليستريح

مَن تراه قد يكون؟

ولماذا قد حضر؟

مَن تراه ينتظر؟

إنه من كان في عُليَّقة ... بها نار تستعر

عندما جاء لموسى ... في زمان قد عبَر

ثم في حُورِيب أيضًا

بالرعود والبروق ... والدخان قد ظهر

ومنه قد رجف الحجر ... فما بالنا بالبشر

الشعب خاف وابتعد ... ومُوسَى خاف وارتعد

*****

واليوم قد جاء إلى سُوخَار

جاء يُحرِّر امرأة

هي مِن سقط المتاع

قد أضاعت عمرها ... مِن ضياع لضياع

أيقظ ضميرها ... كشف أسرارها

فرأت فيه نبيًا ... وسألت عن المَسِيَّا

فأجاب سؤلها ... وأزاح حملها

*****

قد أتى إلى سُوخَار ... في هدوء وإبهار

لا سماع لصوت بوق ... لا دخان ولا بروق

بل بكل الحب جاء ... يُعلن حب السماء

بل ويُعطي بسخاء ... ماء طهر ونقاء

به ترتوي النفوس ... وخطاياها تدوس

وانظروا للسامرية ... عند أقدام المَسِيَّا

قد سباها حُبُّه ... قد رواها ماؤه

تركت جَرَّتَهَا ... دخلت بلدتها

لتنادي أهلها ... تشهد لقومها

خرج أهل المكان... ورأوه بالعيان

طلبوا منه البقاء ... لهم لبى النداء

لا ليوم بل ليومين ... وقد طاب اللقاء

دخل قلوبهم ... دخل ديارهم ... شهدوا بدورهم

أن رأت عيونهم ... مَن إليهم قد حَضَر

لا لجنس أو لشعب

جاء لكل البشر ... فيه وحده الخلاص

بالوداد قد سباهم ... وبحبهم ظفر


فخري وهبه