أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مارس السنة 2019
لماذا لستُ أَعْلَمُ؟!
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

لماذا لستُ أَعْلَمُ، كما لم يَعْلَم ملاك كنيسة لاودكية؟

«لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ» (رؤ ٣: ١٧)

في مذكراتها بعنوان: “اليوم الذي فقدت فيه نفسي”، كتبت د. أوسبون تقول:

“مع أنني شرحت مرارًا وتكرارًا لتلاميذي، من طلبة كلية الطب، قصة السيدة التي جاءتني تشتكي بصداع خفيف بينما هي تجر قدمها اليسرى، وذراعها الأيسر يتدلى جانبها بارتخاء واضح، وعندما حاولت أن أوضح لها أن هناك مشكلة مرضية خطيرة قد أصابتها، رفضت أن تستمع لي مؤكدة أنها لا تعاني من أي مرض خطير. كنت أُكرِّر للتلاميذ أن السبب في ذلك الجهل بحالة الجسم الصحية؛ أنه عندما تنقطع العلاقة بين الجسد والرأس، لا يستطيع الجسد أن يُميّز حالته، لأن الرأس هو الذي يميّز حالة الجسد. ومع ذلك عندما أصبتُ أنا بإصابة بالغة في المخ، إثر حادث أليم، رفضتُ كل أراء الأطباء بضرورة الخضوع لعلاج تأهيلي، لأنني كنت أشعر وقتها أنني بصحة جيدة، ولا أُعاني مِن أي قصور صحي”.

وإذا كان المظهر الخارجي للإنسان قد لا يبدو عليه انفصال الجسد عن الرأس، كما في حالة الدكتورة “أوسبون”، لكن هذا لا ينفي وجود انفصال مرضي حقيقي. وهذا عين ما هو حادث في المسيحية اليوم، وأخشى أنه حادث بيننا نحن المؤمنين.

آه ما أخطر هذا المرض!! أن أظن أنني غني بينما أنا في فقر مدقع!! أظن أن كل شيء على ما يرام وأنا الشقي والبئس!! أظن أنني أستطيع أن أُميّز الأمور المتخالفة، وأحكم في الأمور الروحية، بينما أنا أعمى لا أرى!!

تذكر أخي المؤمن أن بني الأنبياء ما كان لهم أن يُميّزوا أن «فِي الْقِدْرِ مَوْتٌ»، لولا وجودهم جلوسٌ في الجلجال أمام أليشع (٢مل ٤: ٣٨-٤١).

ألا ليتنا نفحص أنفسنا - كأفراد وكجماعة - لئلا تكون شركتنا مع الرب مظهرية غير حقيقية، لأنه من المستحيل أن نُميّز حالتنا بدون علاقة صحيحة مع رأسنا المبارك. لئلا نكون مثل أفرايم الذي «أَكَلَ الْغُرَبَاءُ ثَرْوَتَهُ وَهُوَ لاَ يَعْرِفُ، وَقَدْ رُشَّ عَلَيْهِ الشَّيْبُ وَهُوَ لاَ يَعْرِفُ» (هو ٧: ٩).


فيبي فارس