«يا اللهُ، إِلهي أنت. إليكَ أُبَكِّرُ. عَطِشَتْ إليكَ نفسي، يشتاقُ إليكَ جسدي في أرضٍ ناشفةٍ ويابسةٍ بلا ماءٍ، لكي أُبصرَ قُوَّتكَ ومجدكَ. كما قد رأيتك في قُدسِكَ» (مز63: 1,2 ) إنه لأمر رائع يجلُّ عن الوصف أنه بمقدور كل منّا، أن يدعو الله العظيم، خالق الأكوان، المرتفع والذي لا يقدر أحدٌ من الناس أن يراهُ، أن يدعوه: «إلهي أنت» وإن كان في عرف البشر، أن العظماء والرؤساء يظلون بمنأى عن العامة بمسافة كبيرة لدرجة يستحيل معها على أولئك العامة أن يعرفوهم. إلا أن الله وضع في قلوب الناس إدراكًا أنهم لا يحتاجون إلى أقل من معرفة الله الحيّ ذاته ليروى ظمأ قلوبهم المتلهفة العطشى. وتحت الناموس، جعل الله موسى وسيطًا. إلا أن موسى لم يكن بقادر على إرواء ظمأ قلب الإنسان، كلا، ولا كل القوَّاد الدينيين الذين يقودون البشر خلفهم، بقادرين على ذلك. غير أن الله، مع كونه لا يُرى، قد أعلن ذاته بالتمام للإنسان في شخص ابنه الحبيب، الذي أتى إلى العالم ليُخلِّص الخطاة الآثمين. ولقد أخبر الرب يسوع المرأة السامرية عند البئر وقال لها: «لو كُنتِ تعلَمين عطيَّة الله، ومن هو الذي يقول لكِ أعطيني لأشرب، لطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حيًّا» ( يو4: 10). كانت نفسها عطشى، وفي ذلك اليوم قَبِلَتْ الماء الحيّ من الرب يسوع المسيح، الذي يُروي هذا الظمأ بالتمام. وها هو الشخص المجيد، الذي اقترب إلى هذه المرأة الخاطئة المسكينة، موجود اليوم لكل نفس تحتاجه وتضع ثقتها فيه. ورغم أن المؤمن المسيحي «لن يعطش إلى الأبد، بحصوله على الخلاص وعلى عطية الروح القدس، إلا أنه، اختباريًا، قد يعطش إلى الله الحيّ، نظرًا لسيره في بريةٍ جدباءٍ مُقفرةٍ، وفي أرضٍ ناشفةٍ ويابسةٍ بلا ماءٍ، ولذلك نحن نحتاج إلى شركة دائمة ومستمرة مع الرب يسوع المسيح ليروي مثل هذا الظمأ في قلوبنا ونفوسنا.
|