فإن كلمة الصليب عند الهالكين جَهالةُ. وأما عندنا نحن المُخلَّصين فهي قُوَّةَ الله» (1كو1: 18).
جاء مقعده في الطائرة إلى جوار مقعدي، فجلسنا متجاورين قرابة الساعتين. وقد لفت نظره كتابي المقدس. وكنت أقرأ الآية التي في رأس الكلام (1كو1 :18) عندما سألني : ماذا تقرأ؟ قرأت الآية له، فاستوقفته كلمة «قوة». فاستطرد يقول كلامًا مفاده: ”أتمتع بقوة وظيفية؛ فمركزي على رأس شركة كبيرة معروفة.... وأتمتع بقوة شخصية؛ فكثيرًا ما يُطلب منى أن أحكم في قضايا متشابكة وأفض منازعات شائكة... وامتلك قوة جسمانية هائلة؛ فأنا أعمل يوميًا لساعات طويلة، وبإمكاني أن أركض في مسابقات العدو لمدة تزيد على الثلاث ساعات... كما أنني أمتلك قوة نفسية جبارة؛ فأنا أستطيع أن أحكم طبعي وأضبط لساني وأطوع لغتي وكلماتي حتى في أدق المواقف وأكثرها إثارة... كما أن لديَّ قوة إقناع ساحرة؛ فأنا عميق في داخلي، حاولت أن أملأه بالتصوف والاستغراق في التأمل والتفكير، ولكنني لم أفلح، ولم أجنِ سوى الخوف“.
عزيزي القارئ: تُرى ماذا كان ينقص تلك الحياة المقتدرة من قوة؟ إنني عندما سألته عما إذا كانت هناك أوقات في حياته لم يكن يشعر فيها بالفراغ الذي ينغص حياته الآن، فإنه – لدهشتي - رجع بذاكرته إلى طفولته، وردد كلامًا عن الكنيسة التي كان يتردد عليها، وعن مدارس الأحد، وعن اجتماعات دراسة الكتاب. لقد سمع عن قوة الصليب المُخلِّصة مرات كثيرة، ولكنه لم يستجب لأية دعوة للاعتراف بخطاياه والإيمان بشخص الرب يسوع مُخلَّصًا وفاديًا شخصيًا له، وبدلاً من ذلك وضع ثقته في ذاته وانشغل بتحقيق طموحاته وأحلامه، فالتحق بالجامعة، وسار في سلسلة من النجاحات، ونسي كل ما سمع.
لقد بدأ حديثه معي بالسؤال عن الكتاب المقدس. فهل هو آمن بأن القوة الوحيدة القادرة على أن تملأ فراغ حياته، وتجلب له السعادة، وتُزيل مخاوفه، هي قوة الله؟ لقد طلب مني أن أخبره المزيد عن هذه القوة وكيفية التمتع بها. ولقد تكلمت إليه، وهو أصغى، وإنني أصلي ألا يكون ما زال مفتقدًا هذه القوة اليوم.