(تابع ما قبله)
«لا تضلوا. الله لا يُشمخ عليه، فإن الذي يزرعه الإنسان، إياه يحصد أيضًا» (غلا 6: 7). «وكما فعلت يُفعل بك، عملك يرتد على رأسك» (عو15). مبدأ الزرع والحصاد، مبدأ واضح في الكتاب، ونراه في كل من يعقوب وعيسو، أما بالنسبة لعيسو، نرى ما زرعه لا بد أن يحصده، كما جاء في هذه النبوة على النحو التالي. 1. ساعد في سلب ونهب أورشليم يوم دخل الغرباء أرضه (ع11، 12)، وها هو يحصد ما زرعه، فستُنهب ثروته (ع5، 6). 2. لقد رفع السيف واستعمل العُنف والظلم ضد يهوذا (ع10)، وها هو يحصد ما زرعه، فسيرتاع أبطاله، وينقرض كل واحد من جبل عيسو بالقتل (ع9). 3. وقف موقف الشماتة يوم مصيبة يعقوب، وفرح في خراب يهوذا (ع12- 14). وها هو يحصد ما زرعه، فسيخرب بالكامل (ع10، 18). 4. وقف على الطريق ليقطع منفلتي يعقوب (البقية) وسلمهم لأعدائهم (ع14). وها هو يحصد ما زرعه. فبقية يعقوب في وقت النهاية سترث أرضه (ع19). خامسًا: الأحكام القضائية التي يوقعها الرب على أدوم بسبب كبريائه: قبل الحديث عما سيوقعه الرب على أدوم بسبب كبريائه نذكر في عجالة نظرة الرب لكل من الكبرياء والتواضع كما تحدثنا عنهما كلمة الله الكبرياء: الله لا يحتمل المتكبرين كما هو مكتوب: «مُستكبر العين ومُنتفخ القلب لا أحتمله» (مز 101: 5). وهاك بعض دينونات الله التي ستقع على المتكبرين 1. الكسر: «قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح» (أم 16: 18). 2. يقلعه الرب: «الرب يقلع بيت المتكبرين، ويوطد تُخم الأرملة» (أم 15: 25). 3. يذله الرب: «ومَنْ يسلك بالكبرياء، فهو قادر على أن يذله» (دا 4: 37). 4. يشتته الرب: «شتت المستكبرين بفكر قلوبهم» (لو 1: 51). 5. يقاومه الرب: «يقاوم الله المُستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة» (يع 4: 6). وعلى العكس من ذلك، فهناك بركات للتواضع، نذكر منها: 1. يأخذ نعمة من الرب: «كما أنه يستهزئ بالمستهزئين، هكذا يعطي نعمة للمتواضعين» (أم 3: 34). 2. يُكافَئ من الرب: «ثواب التواضع ومخافة الرب هو غنى وكرامة وحياة» (أم 22: 4). 3. يُمدح من الرب ويُمجَّد: «كبرياء الإنسان تضعه، والوضيع الروح ينال مجدًا» (أم 29: 23). 4. يراه الرب: «وإلى هذا أنظر إلى المسكين والمُنسحق الروح» (إش 66: 2). 5. يكون الرب قريبًا منه «قريبٌ هو الرب من المنكسري القلوب، ويخلص المُنسحق الروح» (مز 34: 18). 6. يفرح بالرب: «يسمع الودعاء فيفرحون» (مز 34: 2). 7. يسمعه الرب: «تأوه الودعاء قد سمعت يا رب، تثبت قلوبهم، تميل أذنك» (مز 10: 17). 8. يسكن معه الرب: «لأنه هكذا قال العلي المرتفع ساكن الأبد، القدوس اسمه، في الموضع المرتفع المقدس أسكن، ومع المنسحق والمتواضع الروح» (إش 57: 15). وتكلمنا الأعداد من ع2- 9 عن الأحكام القضائية التي يوقعها الرب على أدوم. 1 ـ سيجعله صغيرًا ومُحتقرًا (ع2) «إني قد جعلتك صغيرًا بين الأمم، أنت مُحتقر جدًا» (ع2). فكبرياء قلبه هي التي أذلته وجعلته صغيرًا ومُحتقرًا بين الأمم، وهذا ما حدث مع نبوخذنصر عندما ارتفع قلبه وتكبَّر. فقد طُرد من بين الناس وسكن مع حيوان البر، وابتل جسمه بندى السماء وتغيَّر عقله (انظر دا 4). ثم شهد هذه الشهادة عندما أرجع له الرب عقله، فقال: «كل أعماله حق وطرقه عدل، ومَنْ يسلك بالكبرياء، فهو قادر على أن يذله» (دا 4: 37). 2 ـ سيُخفضه الرب «تكبُّر قلبك قد خدعك أيها الساكن في محاجئ الصخر .. القائل في قلبه مَنْ يحدرني إلى الأرض؟» (ع3). لقد فكّر أدوم أنه في أمان عندما قال: ”مَنْ يحدرني إلى الأرض؟“ كان يفتكر أنه مرتفع كالنسر، وعُشه موضوعًا بين النجوم» (ع3، 4)، لكن ماذا كان جواب الرب عليه: «فمن هناك أُحدرك يقول الرب» (ع4). فإذلال أدوم قد تقرر، وليس هناك قوة تحجز تنفيذه، حتى وإن كان عشه عاليًا كالنسور. وهم إن فكروا أنهم مرتفعون كالنجوم، لكن الرب سيُحدرهم، وسيكون خرابهم كاملاً. 3 ـ ستُنهب ثروته. «إن أتاك سارقون أو لصوص ليل .. إن أتاك قاطفون، أ فلا يُبقون خُصاصة. كيف فتش عيسو وفحصت مخابئه» (ع5، 6). أي أن سالبيهم لن يكونوا كالسارقين الذين يسرقون ويقولون كفى. أو مثل قاطفي العنب الذين يتركون شيئًا خلفهم، لكن سيكتسحون كل شيء، فكل مخبأ في الصخر في عاصمتهم سيُسرق، وكل كنز موجود فيها سيؤخذ عن آخره. 4 ـ سيطرده حلفاؤه (ع7). «طردوك إلى التُخم كل مُعاهديك. خدعك وغلب عليك مُسالموك. أهل خبزك وضعوا شَرَكًا تحتك. لا فهم فيه » (ع7). أي أن الرب سيجعل الأمم الذين استخدموهم مرة ضد إسرائيل، يتخلون عنهم، بل وينقلبون عليهم. وليس ذلك فقط، بل سيهجمون عليهم ويطردونهم. 5 ـ ستُباد حكمته (ع8) «ألا أبيد في ذلك اليوم يقول الرب الحكماء من أدوم، والفهم من جبل عيسو؟» (ع8). أي أن القضاء الذي سيحل عليهم، يجعل الحكماء عاجزين عن مساعدتهم ومدّهم بالمعونة، لأن حكمتهم وفهمهم سينتهيان. وهذا ما أشار إليه إرميا بالقول: «هكذا قال رب الجنود: ألا حكمة بعد في تيمان، هل بادت المشورة من الفهماء؟ هل فرغت حكمتهم؟» (إر 49: 7). 6 ـ سيقضي على جيشه (ع9). «فيرتاع أبطالك يا تيمان، لكي ينقرض كل واحد من جبل عيسو بالقتل» (ع9). ذِكر تيمان هنا يدل على أنهم كانوا مشهورين بالحكمة، ومنهم أليفاز التيماني صاحب أيوب الذي تكلم حسنًا عن أيوب في البداية عندما قال: «ها أنت قد أرشدت كثيرين وشددت أيادي مرتخية. قد أقام كلامك العاثر، وثبَّت الركب المرتعشة» (أي 4: 3، 4). معنى هذا أن أقوياء تيمان وجنودهم الأشداء وحكماءهم، سيرتبكون ويصبحون عاجزين عن أن يمنعوا القضاء الذي سيقع عليهم. (يُتبَع)