«لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء» (رو12: 19)
«فقال رجال داود له: هوذا اليوم الذي قال لك عنه الرب: هأنذا أدفع عدوك ليدك فتفعل به ما يحسن في عينيك. فقام داود وقطع طرف جُبة شاول سرًا. وكان بعد ذلك أن قلب داود ضربه على قطعه طرف جُبة شاول» (1صم24: 4- 6).
إن عداوة شاول وحسده اقتفيا أثر داود بلا هوادة وجعلاه طريدًا في الجبال. وقليلاً ما كان يهدأ الملك ويمسك عن مطاردته، حتى يجد سببًا يُحفِّزه على شن الحملة عليه من جديد. وعلى طول الخط كان داود يغلب الشر بالخير (رو12: 21؛ 1صم24: 17- 19).
وفي 1صموئيل24: 1- 6 نقرأ أن شاول أخذ ثلاثة آلاف رجل مُنتخبين من جميع إسرائيل وذهب يطلب داود ورجاله على صخور الوعول. وكان هناك كَهف دخله شاول بمفرده لكي يغطي رجليه، غير عالم أن داود ورجاله مُختبئون فيه. وبعضٌ من رجال داود حرّضوه على قتل شاول. ولكن داود رفض أن يمد يده إلى شاول مهما يكن من أمر. ولكنه قام وقطع طرف جُبة شاول سرًا. وكان بعد ذلك أن قلب داود ضربه على مجرد قطعه طرف جُبة شاول. فقد شعر أنه ما كان ينبغي فعل هذا الأمر. والآن ماذا نتعلم من ذلك؟
إننا عندما نتألم ظلمًا، فمن الطبيعي ـ لا روحيًا بل جسديًا ـ أن نحاول رد الشر بمثله، ولكن ليُعطنا الرب نعمة لنقاوم هذه التجربة، وليحفظنا من كل روح خصام طلبًا لحقوقنا. وليَحمِنا من أن نحاول تبرير أنفسنا بفضح الخصم في عيون الآخرين ليعلموا أننا على حق. ولكن إذا كنا سائرين مع الله سنحاول تجنب حتى ذلك. فالإيمان يستطيع أن يعوّل على الله لوضع الأمور في نصابها. ومن الحكمة ألا نحاول أن نفضح شر الخصم: دعه لله.
وبالتأكيد، أنه عندما دعا الله داود للعرش أخيرًا، لم يندم داود على احتماله الألم بصبر وتسليم. ولكن ماذا عنا؟ عندما نصل إلى السماء لننال رضى واستحسان الرب، ليتنا عندئذٍ نشكره لأجل نعمته التي مكنّتنا من الصبر في الضيق وعدم الانتقام لأنفسنا.