«هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي، هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ! عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ مِنْ تَحْتِ نَقَابِكِ. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ مِعْزٍ رَابِضٍ عَلَى جَبَلِ جِلْعَادَ. أَسْنَانُكِ كَقَطِيعِ الْجَزَائِزِ الصَّادِرَةِ مِنَ الْغَسْلِ، اللَّوَاتِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مُتْئِمٌ، وَلَيْسَ فِيهِنَّ عَقِيمٌ» (نش٤: ١، ٢)
«عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ مِنْ تَحْتِ نَقَابِكِ» ... العين الطبيعية هي نافذة النفس على العالم. وعيون الإيمان (١يو٥: ٢٠) هي لاتصال أرواحنا، بعالم الروح. أو قل: لرؤية ملكوت الله (يو٣: ٣)، وبركاتنا الروحية. وعيون الحمام بسيطة تستقر على شيء واحد، في الوقت الواحد؛ فهل أعين إيماننا، على المسيح مستقرة؟ ويمتاز الحمام أيضًا بحدة البصر. فمن بعيد ينظر برجه. والعين المستقرة على المسيح، الخاضعة للروح القدس تتمتع ببصيرة حادة، وتُمَيِّز ما لها في السماويات في المسيح. والنقاب “تحت نقابك”، يعلن أن لها زوجًا (تك٢٤: ٦٥). وجمال عينيها، وما تميزه وتتمتع به من مقدسات، هو للعريس وحده. وما أجمل عيني عروس، كعيني عريسها، “كالحمام” (نش٥: ١٢)!
«شَعْرُكِ كَقَطِيعِ مِعْزٍ رَابِضٍ عَلَى جَبَلِ جِلْعَادَ» ... الشعر يكلمنا عن الخضوع (١كو١١: ٣)، فعيب على المرأة أن يُقص شعرها، فهي بخضوعها لرجلها فخورة. كما أن إرخاء الشعر صورة للتكريس وللانتذار الحقيقي لله (سفر العدد ص٦). وطالما كانت خصل شعر رأس شمشون (نذير الأمة)، غير محلوقة، ظلت قوة الروح، له ملازمة. والقوة الروحية وعد لنا، طالما نحن، في تمام الخضوع لله نسير، مكرسين له. ويوصف الشعر هنا، بقطيع الماعز؛ صورة لغزارة الشعر، فالخضوع بوفرة، في كل جوانب الحياة. والقطيع رابض مستريح، يعلن أن راحة العروس وسعادتها، في تكريسها وخضوعها. والنفوس المكرسة لله، لا بد لأعالي (جبل) جلعاد قاصدة، أي لقمم جبال الشركة مع الآب، صاعدة، حاملة معها، جمالها لإلهها؛ تكريسها وخضوعها.
«أَسْنَانُكِ كَقَطِيعِ الْجَزَائِزِ الصَّادِرَةِ مِنَ الْغَسْلِ»: أسنان العروس، صورة لقدرتها على التغذي بالمسيح. وتُشَبَّه أسنان العروس بالقطيع؛ فهي لطبيعة الحمل تمتلك؛ فالطبيعة الجديدة أمر حتمي للتغذي على المسيح. والقطيع هنا، قطيع من الجزائز. وجز الغنم عملية مؤلمة؛ فالخروف بين رجلي جازيه، مضبوط دون حراك، وبآلة حادة يجزُه. ومن الصوف (نتاج الطبيعة العتيقة) يعريه. والجز صورة للحكم على الذات، أو قل: ضبط النفس. وهي تزيل كل ما يعطل تغذيتنا على المسيح، لذا فهي فاتحة للشهية الروحية. ومن الجانب الآخر، فالصوف هدية الغنم لراعيه. وإذ أُقدم لإخوتي مما تعطيني النعمة، تجدني في حاجة ماسة لمزيد من الطعام. وقطيع الجزائز «كُلُّ وَاحِدَةٍ مُتْئِمٌ، وَلَيْسَ فِيهِنَّ عَقِيمٌ»؛ أي ينجب توأمًا مضاعفًا، فإذ تُخلصنا النعمة مما هو بشري، ونشارك إخوتنا فيما هو إلهي، تصير قدراتنا الروحية في التغذي وهضم المقدسات (أسناننا) مضاعفة. ما أمجدها النعمة المعلمة!