أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد سبتمبر السنة 2018
سماوات مفتوحة
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

نجد في العهد الجديد أربع مناسبات عظيمة حيث نرى فيها السماوات مفتوحة:

(١) في معمودية الرب يسوع، حيت عبَّر الآب عن سروره بهذا الشخص المُبارك (مت٣: ١٦: مر١: ١٠؛ لو٣: ٢١).

(٢) عند موت استفانوس الذي وُهِبَ رؤية مجد الله، ويسوع قائمًا عن يمين الله (أع٧: ٥٥).

(٣) في ظهور الرب يسوع العلني (رؤ١٩: ١١).

(٤) في يوم قادم عندما ستُرى ملائكة الله صاعدة ونازلة على ابن الإنسان. وهذا المنظر الأخير يُشير إلى المستقبل؛ إلى الملك الألفي (يو١: ٥١).

عند المعمودية نجد منظرًا بديعًا، حيث نرى الرب يسوع خارجًا من عزلة الناصرة، ليحمل الشهادة العلانية لله بين الناس. كان يوحنا المعمدان قد أُرسِلَ مِن قِبَل الله، إلى الأمة «لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُسْتَعِدًّا» (لو١: ١٧). لقد نادى على الأمة لتتوب عن خطاياها، وتخضع لمعموديته. ولكننا نعرف النتيجة: «جَمِيعُ الشَّعْبِ إِذْ سَمِعُوا وَالْعَشَّارُونَ بَرَّرُوا اللهَ مُعْتَمِدِينَ بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا. وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ وَالنَّامُوسِيُّونَ فَرَفَضُوا مَشُورَةَ اللهِ مِنْ جِهَةِ أَنْفُسِهِمْ، غَيْرَ مُعْتَمِدِينَ مِنْهُ» (لو٧: ٢٩، ٣٠). إن العشارين والخطاة الذين عمل الله في قلوبهم؛ البقية التقية الحقيقية في ذلك اليوم، اتخذوا مكانهم الصحيح قدَّام الله في مياه الأردن، معترفين بخطاياهم. كان ذلك يقينًا نشاطًا للإيمان، وعملاً أدبيًا مُسِراّ لله، وثمرة عمل نعمته في الداخل.

ولقد أراد الرب يسوع – في نعمته – أن يأخذ مكانه بينهم، من حيث، كونهم - في نظره –القديسين الذين في الأرض والأفاضل، الذين وجد فيهم كل مَسَرَّته (مز١٦: ٣). ليس أن له – تبارك اسمه - خطاياه ليعترف بها. حاشا من فكر كهذا، بل إن هذا الفعل من جانبه - كما قال هو نفسه ليوحنا المُتردد – كان ”لِتَكْمِيلِ كُلَّ بِرٍّ» (مت٣: ١٥)، وهكذا اتخذ مكانه بينهم، في نعمة عجيبة، كإنسان وضع نفسه تحت نير الطاعة في كل شيء، وذهب يُتحِد نفسه مع هذه البقية، في تجاوب نفسهم نحو الله، رغم كونه كامل قدوس بلا شر ولا دنس (عب٧: ٢٦).

ويُخبرنا لوقا أن الرب وهو صاعدٌ من الماء «كَانَ يُصَلِّي» (لو٣: ٢١). وهذه الملاحظة عن هذا الشخص المُبارك تأتي تماشيًا مع طابع الإنجيل الثالث الذي يضع أمامنا شخص الرب يسوع باعتباره ابن الإنسان (انظر بصفة خاصة لوقا ٣: ٢١؛ ٥: ١٦؛ ٦: ١٢؛ ٩: ١٨، ٢٩؛ ١١: ١؛ ٢٢: ٤٤).

وبينما هو صاعدٌ من الْمَاءِ «إِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللَّهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ (تمامًا)» (مت٣: ١٦، ١٧). يا له من منظر! ويا له من فكر لقلوبنا! ذات السماوات انفتحت لإنسان على الأرض، وسُمِعَ صوت الآب مُعبِّرًا عن سرور قلبه البالغ به!

لمن انفتحت السماوات مِن قبل على هذا النحو؟ ولمن شهد الآب مثل هذه الشهادة من قبل؟ وعَبْر الكتاب عَبَّر الله عن سروره الذي وجده في قديسين بعينهم، مثل أَخْنُوخ الذي «شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ» (عب١١: ٥)، ومثل دَاوُد «الَّذِي شَهِدَ لَهُ أَيْضًا، إِذْ قَالَ: وَجَدْتُ دَاوُدَ بْنَ يَسَّى رَجُلاً حَسَبَ قَلْبِي، الَّذِي سَيَصْنَعُ كُلَّ مَشِيئَتِي» (أع١٣: ٢٢؛ ١صم١٣: ١٤). ولكن الآب لم يشهد كمالاً على الأرض إلى أن وطأت قدما الابن أرضنا. حينئذٍ رأى الآب ما أفعم قلبه لذة وسرورًا وشبعًا وراحة. لقد ظهر الاتكال الكامل من إنسان كامل. ولأول مرة ظهرت طاعة تامة غير منقوصة. وإذ امتُحِنَت هذه الطاعة بصليب الجلجثة لم تقصر، بل نجحت وتبرهنت وتزكت. وهكذا نتذكر تسبحة الملائكة في ليلة التجسد «الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ» (لو٢: ١٤). هذه بعض نتائج مجيء هذا الطفل الرضيع العجيب، إلى العالم: لقد تمجد الله، وسيتمجد بعد. وسيسود السلام على الأرض، وإن تأخر ذلك لسبب رفض المسيح (مت١٠: ٣٤). ومسرة الله بالناس، والتي تعطلت وتشوَّهت بدخول الخطية، سيتم استعادتها. ولكن بتجسد الرب يسوع، وُجِدَ الإنسان الذي استطاع الله أن يُسّرّ ويتلذذ به.

ولكن يا لها من ساعات مختلفة تمامًا اجتاز فيها الرب يسوع المبارك على الصليب؛ لا سماوات مفتوحة، ولا صوت من الآب، بل ثلاث ساعات (بالنسبة لنا) من الظلمة الحالكة، حين احتجب الله، عندئذٍ صرخ الرب يسوع في ساعات النهار، وفي ساعات الظلمة، ولكن لم يُستجاب له، ولم يكن من مُجيب (مز٢٢: ٢). على الصليب كان – تبارك اسمه – حاملاً للخطية. ولكن الرب يسوع كان حاملاً للخطية، ليس في مشهد المعمودية في نهر الأردن، ولا في أي مكان آخر خلال سبيل حياته، إلى أن وصل إلى الصليب، حيث تألم بسبب خطايانا.

ولكننا في هذه المناسبة التي نحن بصددها، لا نرى فقط سرور ولذة قلب الآب بالابن، لكن نرى أيضًا مَسحَه بالروح القدس. لقد كان قربان الدقيق في القديم، يُقدَّم ملتوتًا بالزيت. وكان الفطير يُمسح بزيت عند عمله (لا٢)، وهذا رمز ومثال للمسيح الذي تهيأ له جسد بقوة الروح القدس (لو١: ٣٥)، والممسوح بالروح القدس كإنسان هنا على الأرض. وهذا ما نره هنا. ولم تكن ثمة حاجة لأن ينتظر لحين إتمام ذبيحته*، قبل أن يستقر الروح القدس عليه. كان فيما هو لأبيه تمامًا باعتباره الابن، وقد نزل الروح القدس عليه نظرًا لكمال شخصه، كما لسرور الآب به.

كم كان البون شاسعًا بينه وبيننا. فنحن استحضرتنا النعمة لنأخذ مركز البنين، وهكذا صرنا مُمْتَلكين لله كأبناء، وأُعطيَّ لنا الروح القدس ختمًا لهذه العلاقة (غل٤). ولكن أساس ذلك كله هو عمل المسيح الكامل. وعطية الروح القدس إلى قديسيه، هو علامة على مسرة الله بالمسيح وبعمله.

أما مشهد رجم استفانوس (أع٧: ٥٥) فهو مختلف تمامًا. هناك نرى شخصًا يشهد شهادة أمينة للمسيح، ومُشاركًا لِسَيِّده الرفض والألم، شاربًا معه كأس الآلام حتى الثمالة، وكان الرب قد سبق فأنذر تلاميذه بهذه المعاملة من العالم «سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ، بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً لِلَّهِ. وَسَيَفْعَلُونَ هَذَا بِكُمْ لأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا الآبَ وَلاَ عَرَفُونِي» (يو١٦: ٢، ٣). ولكن استفانوس عضده وأيده وسنده بصورة عجيبة ورائعة، «فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْجَالِسِينَ فِي الْمَجْمَعِ، وَرَأَوْا وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلاَكٍ» (أع٦: ١٥)، «وَأَمَّا هُوَ فَشَخَصَ إِلَى السَّمَاءِ (بثبات) وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، فَرَأَى مَجْدَ اللهِ، وَيَسُوعَ قَائِمًا عَنْ يَمِينِ اللهِ» (أع٧: ٥٥). هنا مُجددًا نرى «السَّمَاوَاتِ مَفْتُوحَةً» (ع٥٦)، ولكن ليس لتُشرِف على يسوع باعتباره إنسان على الأرض، بل مفتوحة لأجل قديس متألم شاخص إلى ربه في مجده في الأعالي.

وليس بوسع المرء إلا أن يُلاحظ التباين بين رقاد استفانوس وموت الرب. فبينما كان الرب يسوع حاملاً خطايانا على الخشبة، كانت السماوات نحوه كأنها حديد ونحاس. ففي وقت احتماله أهوال الدينونة العميقة، كان متروكًا ومرفوضًا، ويقف وحيدًا. ولكن ها هي السماوات الآن مفتوحة، بفضل دمه المسفوك، وها هو شاهده وشهيده يستطيع أن يشخص إلى أعلى، ويرى الرب يسوع، غرض قلبه، قائمًا عن يمين الله. وهكذا تقوى «بِكُلِّ قُوَّةٍ بِحَسَبِ قُدْرَةِ مَجْدِهِ، لِكُلِّ صَبْرٍ وَطُولِ أَنَاةٍ بِفَرَحٍ» (كو١: ١١).

أما عنا، فنحن أيضًا لنا السماوات مفتوحة، وبمقدور الإيمان أن يقول: «يَسُوعَ، نَرَاهُ مُكَلَّلاً بِالْمَجْدِ وَالْكَرَامَةِ» (عب٢: ٩). في القديم كان الله يسكن في وسط شعبه، في القدس، ولكن الحجاب كان هناك، ولم يكن ثمة طريق للاقتراب إلى الله. أما الآن فقد شُقَّ الحجاب، والسماوات – وليس قدس على الأرض - صارت مفتوحة. والآن أصبح الطريق إلى قدس الأقداس واضحًا جليًا، مُعبَّدًا سهلاً. والرسالة إلى العبرانيين تتضمن العديد من الإشارات إلى هذه الحقيقة. إن مقامنا كساجدين في محضر الله مكفول لنا في «الْمَسْكَنِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي نَصَبَهُ الرَّبُّ لاَ إِنْسَانٌ» (عب٨: ٢). وليس فقط أن السماوات مفتوحة لنا كساجدين، ولكن ٢كورنثوس٣ تستحضر أمامنا فكرًا آخر مختلفًا. ففي سياق كلامه يعقد الرسول بولس مباينة بين مجد الناموس الظاهر على وجه موسى، مع مجد الله الذي يُرى الآن في وجه يسوع المسيح، ويختم بالقول: «وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ...، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ» (ع١٨). ويا له من امتياز رائع! أن نشخص إليه بالإيمان، ونحدق فيه في مجده! وهكذا نتغيَّر لنُشابهه؛ نتغيَّر إلى ذات الصورة عينها**. هذا هو الطريق الحق لنصير مسيحيين سماويين عمليين. فمجرد المعرفة والإلمام بتعليم كوننا الآن سماويين مقامًا، لن ينشئ فينا هذا التغيير، ولكن الذي يُغيِّرنا هو مشغولية القلب بهذا الشخص السماوي. هذا ما يرفع النفس ويخلعها عن كل ما هو أرضي. وفي هذا فإن المسيحية أسمى بالكلية عن الناموس، فهي تضع أمامنا، لا وصايا ناموسية، بل شخصًا مُباركًا؛ تضعه نصب أعيننا لنتعلَّمه.

لقد شَخَصَ استفانوس إِلَى السَّمَاء «وَهُوَ مُمْتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ»، وهذا امتياز عظيم للمؤمن المسيحي أن روح الله يسكن فيه؛ عطية الآب لكل مَن يؤمن بالابن. ومع ذلك هناك فارق بين أن ”تُختّم بالروح“ وأن ”تمتلئ بالروح“. والامتلاء بالروح هو يقينًا ما يُفسح المجال للساكن السماوي أن يقودنا في طريقه المبارك، ويُنشئ فينا ثمرًا نفيسًا لمجد الله. وهذا ما يُحرضنا عليه الكتاب: «امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ» (أف٥: ١٨).

المناسبة الثالثة التي فُتِحت فيها السماوات هي جد خطيرة «ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ» (رؤ١٩: ١١). هذا هو اليوم الي فيه سيُدخِل الله ابنه البكر إلى العالم (عب١: ٦)، حيث يؤسس عرشه ومُلكه، وليجازي الأشرار على خطاياهم ورفضهم لنعمته.

إن العالم لم يرَ المسيح منذ مشهد الجلجثة. التلاميذ فقط رأوه خلال الأربعين يومًا قبيل صعوده (أع١: ٣). ولكن العالم مزمع أن يراه مُجدَّدًا: «هُوَذَا يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ، وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ، وَيَنُوحُ عَلَيْهِ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ نَعَمْ آمِينَ» (رؤ١: ٧).

وفي مشهد الظهور العلني هذا، فإن الرب يسوع «يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا»؛ هذا بالارتباط مع الدينونة. فليس ثمة كلمة واحدة قيلت عن دينونة الفجار ستسقط إلى الأرض. كل كلمة ستتم بكل خطورة.

وهو – تبارك اسمه - «بِالْعَدْلِ (بالبر) يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ»، ولن يجد الأشرار عذرًا يتفوهون به أمام بر غير ممزوج برحمة.

«وَهُوَ مُتَسَرْبِلٌ بِثَوْبٍ مَغْمُوسٍ بِدَمٍ» (رؤ١٩: ١٣). الدم هنا ليس دم الكفارة، بل دم الأعداء (إش٦٣: ٣).

«وَيُدْعَى اسْمُهُ كَلِمَةَ اللهِ»، لأنه هو الذي يُميِّز أفكار البشر ونوايا قلوبهم.

«وَلَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ اسْمٌ مَكْتُوبٌ: مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ» (لو١٩: ١٦)، حينئذٍ يكون الوقت قد حان لتصير «مَمَالِكُ الْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ، فَسَيَمْلِكُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ» (رؤ١١: ١٥).

وفي ظهور الرب بمجده، سيكون له رُفَقَاء (مز٤٥: ٧)، فقواته السماوية ستتبعه على خيل بيض، متسربلين ببز (كتان) أبيض نقي (رؤ١٩: ١٤). هؤلاء هم قديسوه السماويون الذين سيتمجد فيهم، ويُتعَجَب منه بهم وفيهم (٢تس١: ١٠)؛ هؤلاء هم غرض نعمته، وشركاء عرشه. أما الملائكة «مَلاَئِكَةِ قُوَّتِهِ» (٢تس١: ٧)، فإنهم «خُدَّامَهُ الْعَامِلِينَ مَرْضَاتَهُ» (مز١٠٣: ٢١)، ولكنهم لا يملكون معه «فَإِنَّهُ لِمَلاَئِكَةٍ لَمْ يُخْضِعِ الْعَالَمَ الْعَتِيدَ الَّذِي نَتَكَلَّمُ عَنْهُ» (عب٢: ٥).

ولكن المسيح «يَجِبُ أَنْ يَمْلِكَ حَتَّى يَضَعَ جَمِيعَ الأَعْدَاءِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ» (١كو١٥: ٢٥)، وحينئذٍ تتحد السماء والأرض أدبيًا، بلا معاناة كما هو الحال الآن. وستُرى ملائكة الله صاعدين ونازلين على ابن الإنسان (يو١: ٥١). عندما تفكر المرنم باليوم الذي فيه ستمتلئ كل الأرض من مجد الرب، لم يسعه سوى أن يقول: «تَمَّتْ صَلَوَاتُ دَاوُدَ بْنِ يَسَّى» (مز٧٢: ٢٠). فماذا يمكنه أن يطلب بعد ذلك؟



*في لاويين ٨ نرى هارون – وهو رمز للمسيح – يُمسح بالزيت قبل تقديم الذبائح ورش الدم، أما بنوه فكانوا يُمسحون بالزيت بعد تقديم الذبائح ورش الدم.

**هذا الأمر واضح تمامًا في استفانوس الذي صلى: «يَا رَبُّ، لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ الْخَطِيَّةَ» (أع٧: ٦٠)، وهو في هذا يُشابه الرب يسوع الذي قال: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ» (لو٢٣: ). ولكن يُلاحظ أن استفانوس لم يختم صلاته بذات خاتمة صلاة المسيح.


و.و. فراداي