نجد في كلمة الله خمسة أشياء غريبة، على شعب الرب أن يتجنبها، وينأى بنفسه عنها. وكلمة غريبة (أو أجنبية STRANGE)، تفيد البعد عن الصفات الإلهية، وعلى أولاد الله أن يُدركوا ذلك ويتعاملوا مع هذه الأشياء على هذا الاعتبار.
أولاً: المرأة الأجنبية (الغريبة)
«لإِنْقَاذِكَ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ، مِنَ الْغَرِيبَةِ الْمُتَمَلِّقَةِ بِكَلاَمِهَا، التَّارِكَةِ أَلِيفَ صِبَاهَا، وَالنَّاسِيَةِ عَهْدَ إِلَهِهَا. لأَنَّ بَيْتَهَا يَسُوخُ إِلَى الْمَوْتِ، وَسُبُلُهَا إِلَى الأَخِيلَةِ. كُلُّ مَنْ دَخَلَ إِلَيْهَا لاَ يَؤُوبُ، وَلاَ يَبْلُغُونَ سُبُلَ الْحَيَاةِ. حَتَّى تَسْلُكَ فِي طَرِيقِ الصَّالِحِينَ وَتَحْفَظَ سُبُلَ الصِّدِّيقِينَ. لأَنَّ الْمُسْتَقِيمِينَ يَسْكُنُونَ الأَرْضَ، وَالْكَامِلِينَ يَبْقُونَ فِيهَا. أَمَّا الأَشْرَارُ فَيَنْقَرِضُونَ مِنَ الأَرْضِ، وَالْغَادِرُونَ يُسْتَأْصَلُونَ مِنْهَا» (أم2: 16-21).
إن سفر الأمثال هو سفر عملي بلا جدال، وبعض من الكلمات المفتاحية للسفر نجدها في الأعداد الأربعة الأولى: «الحكمة»، «الأدب»، «الإدراك»، «الفهم»، «العدل»، «الحق»، «الاستقامة»، «الذكاء»، «المعرفة»، «التدبر»، وكم هذه الأمور شحيحة فيما بيننا اليوم!
ومن بين تعاليم هذا السفر، نجد كلامًا عن المرأة الفاضلة، وكذا عن المرأة الأجنبية (الغريبة). وصفات الأولى أُفرد لها الأصحاح الأخير من السفر، حيث نجد كلام الملك لموئيل، الذي علمته إياه أمه. ومن المُسلَّم به عمومًا أن “لموئيل” هو الاسم الذي أعطته الأم لسليمان.
وإن كان ذلك كذلك فمن الأهمية بمكان أن نلاحظ ما قالته الأم لابنها الملك، وهي التي تلطخت حياتها بلطخة سوداء. وتكرار كلمة «ماذا» في العدد الثاني ينقل إلينا فكرة: “ماذا أقول لك يا ابنى؟”. والأعداد من 10 إلى 31 تتناول موضوع “المرأة الفاضلة”.
ويمكننا أن نرى صورة للكنيسة في المرأة الفاضلة. وفي العهد القديم هناك العديد من النساء اللواتي يُمثلن الكنيسة من ناحية أو أخرى. فحواء التي أُخذت من جنب آدم، كجزء منه، تُرينا صورة بديعة للمسيح والكنيسة. وفي رفقة العروس التي أتى بها العبد إلى إسحاق نجد صورة للكنيسة كمن أحضرها الروح القدس للمسيح. وفي راحيل نرى ثمرة تعب يعقوب، كما أن الكنيسة هي ثمر عمل الجلجثة. وعروس يوسف المصرية، بالرغم من كونها أممية، إلا أنها كانت في علاقة أقرب إليه من إخوته، وشاركته مجده. إن كل واحدة من هؤلاء النساء، وأخر كثيرات يُصَوِّر لنا بعض الحقائق المرتبطة بالكنيسة، وهكذا المرأة الفاضلة أيضًا في سفر الأمثال.
لكن ماذا عن المرأة الأجنبية (الغريبة) التي تُذكر ملامحها أكثر من مرة في سفر الأمثال؟ إنها لا شك تتكلَّم عن شيء فاسد ونجس. لكن يبدو لي أن هناك معنى آخر يُمكننا أن نستخلصه من التحذيرات العديدة التي ترتبط بها. وكما أننا في المرأة الفاضلة نرى صورة للكنيسة الحقيقية، فإننا في المرأة الأجنبية يمكننا أن نرى خيانة المسيحية الاسمية، التي ستصل ذروتها أخيرًا في بابل الزانية العظيمة أم الزواني ورجاسات الأرض. وكما أن هناك نساء يشرن إلى الوضع الصحيح، هكذا أيضًا هناك من يُمثلن الإثم والوضع الخاطئ. وكمثال للأخيرة نجد المرأة التي خبّأت الخميرة في الدقيق في متى 13. وفي الرسالة إلى كنيسة ثياتيرا نقرأ عن المرأة إيزابل (رؤ2)، وأيضًا نقرأ عن المرأة الجالسة على الوحش القرمزي في رؤيا 17.
وهكذا فإن تلك المرأة الأجنبية تتحدث عن أنظمة في المسيحية يحكمها ويقودها الشرير؛ إله هذا الدهر، الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية. وكم هو محزن أن يرتبط أولاد الله - بأي شكل من الأشكال – بمثل هذه الأنظمة. يقول صوت السماء: «اخْرُجُوا مِنْهَا يَا شَعْبِي لِئَلا تَشْتَرِكُوا فِي خَطَايَاهَا، وَلِئَلا تَأْخُذُوا مِنْ ضَرَبَاتِهَا» (رؤ18: 4). إن كلمة الله في القلب مع التقوى العملية في الحياة يمكنهما أن يحفظانا من طرق المرأة الأجنبية، تلك الطرق المخادعة الكثيرة.
ثانيًا: تعاليم غريبة
«لاَ تُسَاقُوا بِتَعَالِيمَ مُتَنَّوِعَةٍ وَغَرِيبَةٍ، لأَنَّهُ حَسَنٌ أَنْ يُثَبَّتَ الْقَلْبُ بِالنِّعْمَةِ، لاَ بِأَطْعِمَةٍ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا الَّذِينَ تَعَاطَوْهَا» (عب13: 9)
بعد المرأة الأجنبية (الغريبة) أرجو أن نتحول لنأخذ فكرة عن “التعاليم الغريبة” إذ إنهما مرتبطان معًا بشدة. كان التحذير في سفر الأمثال «لإِنْقَاذِكَ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ، مِنَ الْغَرِيبَةِ الْمُتَمَلِّقَةِ بِكَلاَمِهَا» (أم2: 16)، وأما هنا فالتحذير «لاَ تُسَاقُوا بِتَعَالِيمَ مُتَنَّوِعَةٍ وَغَرِيبَةٍ»، ثم يُضيف الرسول: «لأَنَّهُ حَسَنٌ أَنْ يُثَبَّتَ الْقَلْبُ بِالنِّعْمَةِ، لاَ بِأَطْعِمَةٍ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا الَّذِينَ تَعَاطَوْهَا».
ومن أعمال 2: 42 نتعلم أن المؤمنين الأوائل «كَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ». إن التعليم هو ما يُشكِّل ويُحدّد طابع الكنيسة. فنقرأ في رومية 6: 17 «أَطَعْتُمْ مِنَ الْقَلْبِ صُورَةَ التَّعْلِيمِ الَّتِي تَسَلَّمْتُمُوهَا». «صُورَةَ التَّعْلِيمِ» يُمكن أن تُعتبر القالب أو النموذج الذي يتم تشكيل المشغولات عليه. تمامًا كالخرسانة الليّنة الطرية التي تتشكل حسب الشكل المعمول لها. وفي الرسائل إلى كل من تيموثاوس وتيطس، التي تحوي الكثير من الحق الخاص بالكنيسة اليوم، نجد أن التعليم مُشار إليه ليس أقل من ستة عشر مرة. ويُذكر “التَّعْلِيم الصَّحِيح” أربع مرات، و“التَّعْلِيمِ الْحَسَنِ” مرتين. ويُحرَّض تيموثاوس «لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ»، «اعْكُفْ عَلَى ... التَّعْلِيمِ»، «اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ ... عِظْ بِكُلِّ أَنَاةٍ (بكل مثابرة) وَتَعْلِيمٍ»، إذ «قَدْ تَبِعْتَ تَعْلِيمِي». إن ما نحتاج إليه في هذه الأيام هو «التَّعْلِيمَ الَّذِي هُوَ حَسَبَ التَّقْوَى» (1تى6: 3)، وأن «يَعِظَ بِالتَّعْلِيمِ الصَّحِيحِ وَيُوَبِّخَ الْمُنَاقِضِينَ» (تى1: 9)، «أَمَّا أَنْتَ فَتَكَلَّمْ بِمَا يَلِيقُ بِالتَّعْلِيمِ الصَّحِيحِ» (تى2: 1).
ربما يتساءل البعض: “ما هو هذا التعليم الغريب؟” من رؤيا 2؛ 3 يمكن أن نقول إنه: تعليم بلعام وتعليم النيقولاويين. وبكل أسف هذه الأمور وجدت طريقها إلى اجتماعات شعب الله.
لقد جاء الوقت الذي أصبح شعب الله لا يحتمل فِيهِ “التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ”، بشكل أو بآخر، «بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ، فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ» (2تي4: 3، 4).
فليقف اليوم رجل ذو صوت جميل، وليقل شيئًا جديدًا لم يسبق أن قاله أحد، أو ليسرد بعض القصص المُثيرة ليُضحك الناس، أو ربما ليُضحكهم ويُبكيهم في الوقت نفسه، ويتحاشى أن يقول شيئًا يمس الضمائر، ويبتعد عن إدانة الممارسات الخاطئة في حياة الناس؛ ألا يجد هذا الرجل أتباعًا كثيرين، وتكون له شعبية عريضة؟
ثالثًا: أولاد غرباء
«أَنْقِذْنِي وَنَجِّنِي مِنْ أَيْدِي الْغُرَبَاءِ، الَّذِينَ تَكَلَّمَتْ أَفْوَاهُهُمْ بِالْبَاطِلِ، وَيَمِينُهُمْ يَمِينُ كَذِبٍ. لِكَيْ يَكُونَ بَنُونَا مِثْلَ الْغُرُوسِ النَّامِيَةِ فِي شَبِيبَتِهَا. بَنَاتُنَا كَأَعْمِدَةِ الزَّوَايَا مَنْحُوتَاتٍ حَسَبَ بِنَاءِ هَيْكَلٍ. أَهْرَاؤُنَا مَلآنَةً تَفِيضُ مِنْ صِنْفٍ فَصِنْفٍ. أَغْنَامُنَا تُنْتِجُ أُلُوفاً وَرَبَوَاتٍ فِي شَوَارِعِنَا. بَقَرُنَا مُحَمَّلَةً. لاَ اقْتِحَامَ وَلاَ هُجُومَ، وَلاَ شَكْوَى فِي شَوَارِعِنَا. طُوبَى لِلشَّعْبِ الَّذِي لَهُ كَهَذَا. طُوبَى لِلشَّعْبِ الَّذِي الرَّبُّ إِلَهُهُ» (مز144: 11-15)
من “المرأة الغريبة” يأتي “التعليم الغريب” وثمرة هذا التعليم الغريب ينتج “الأولاد الغرباء”. ومزمور 144 واحد من المزامير التي كتبها داود عندما أخضع أعداءه المُحيطين به، فبدأه بتسبيح الرب الذي علَّم يديِّه القتال وأصابعه الحرب. وكان مدينًا بتقديم الشكر لله الذي أنقذه من السيف السُّوءِ، لذلك ترنم في عدد 9 قائلاً: «يَا اللهُ، أُرَنِّمُ لَكَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً. بِرَبَابٍ ذَاتِ عَشَرَةِ أَوْتَارٍ أُرَنِّمُ لَكَ». لقد أعطاه الرب رأس جليات، وأخضع له أعدائه من حوله: ولكن بالرغم من كل هذا، كان هناك شيء قد حدث لداود، جعله يتحوّل من التسبيح إلى الصلاة، إذ لم يكن قادرًا أن يُخلّص نفسه من أيدي (بني) الغرباء.
ولماذا يريد داود أن يخلّص من بني الغرباء هؤلاء؟ السبب نجده في الأعداد التالية؛ لأن بنينا وبناتنا، وأهراءنا (المخازن) وأغنامنا وبقرنا، تتأثر بهم. وحالة البيوت والشوارع ليست كما يجب أن تكون عليه بسببهم. ألا نجد في هذا تحذيرًا يتكلّم إلينا اليوم؟ نعم نجد. إن الأبناء البنات من شبابنا هم أولاد الله الحقيقيون، وكم هو جميل أن نرى إخوتنا الصغار مثل الغروس النامية في شبيبتها (شبابهم) (ع12).
يكتب الرسول يوحنا في رسالته الأولى: «كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ لأَنَّكُمْ أَقْوِيَاءُ، وَكَلِمَةُ اللهِ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَقَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ» (1يو2: 14). فهؤلاء هم جنود يسوع المسيح، وطرقهم تتطهر إذ يفحصونها بالكلمة. وكم هو جميل ألا يكونوا أقزامًا روحيًا، بل أن يكونوا مثل الغروس النامية في شبيبتها، وأن تكون بناتنا وأخواتنا الصغار مثل أعمدة زوايا الهيكل المنحوتة. يا لها من لغة جميلة ومُعبّرة للغاية! لكن أين نجدهن؟ نشكر الله من أجل كل من ينطبق عليهم هذا الوصف، لكن بني الغرباء يندسون بينهم، والنتيجة كارثية. نحن نؤثر على بعضنا البعض إن للخير أو للشر. وعندما يدخل بنو الغرباء في وسط أولادنا؛ يتعوَّقون في نموهم الروحي، ويتعثرون في مسالكهم.
والأهراء (المخازن) تتكلَّم عن اجتماعات شعب الله التي يجب أن يوجد فيها – بفيض - كل أصناف المخزون، حيث يُطعم ويتغذى الأبناء والبنات. والأغنام تتكلّم عن شعب الرب، غنم مرعاه. والبقر والثيران تتكلَّم عن الذين يتعبون في الكلمة والتعليم. وهؤلاء جميعًا يتأثرون ببني الغرباء المُندسين وسط اجتماعاتنا.
لا شك أن صلاة داود هذه ترددت على شفاه الكثيرين من رجال الله. الشيوخ والرعاة يصرخون: «أَنْقِذْنِي وَنَجِّنِي مِنْ أَيْدِي بني “الْغُرَبَاءِ” (الترجمة اليسوعية)، الَّذِينَ تَكَلَّمَتْ أَفْوَاهُهُمْ بِالْبَاطِلِ، وَيَمِينُهُمْ يَمِينُ كَذِبٍ» (ع11). فالشيخ الذي يقوم بالفعل بخدمة النظارة، ويضع قلبه على خير الكنيسة، فإنه يُصيبه الإحباط بسبب سوء التصرفات المستمرة من بني الغرباء هؤلاء. وعندما تُشرح كلمة الله بوضوح، فإنهم يجلسون بفتور ولا مبالاة، ولا يُبدون أي تجاوب مع حق الله على الإطلاق.
«لاَ اقْتِحَامَ وَلاَ هُجُومَ» (ع14) ... فمن ذا الذي يقتحم؟ إنهم بنو الغرباء. أعداد هائلة من المُعترفين غير المولودين ثانية، اقتحموا كنائس الله، كما قال عنهم الرسول بولس: «سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ». وفى أيام يهوذا «دَخَلَ خُلْسَةً أُنَاسٌ». واليوم هناك اقتحام، وهم يُريدون أن يقتحموا ويتدخلوا على قدر ما يستطيعون، بغض النظر عن مؤهلاتهم الروحية، ومستواهم الأدبي. فإذا اندفعنا وقبلناهم، فإننا سنضطر إلى إخراجهم خارجًا عندما تنكشف حالتهم الحقيقية. وهذا ليس بالأمر الهين. ليت الرب يعين الرعاة في كنيسة الله أن يكونوا مُدققين جدًا في مسألة القبول.
وليس هناك «اقْتِحَام» فقط بل أيضًا «هُجُوم (خروج)» (ترجمة كينج جيمس الإنجليزية). فذات المجموعة التي تقتحم هي بعينها التي تخرج. إنهم يقتحمون ثم يهدمون أسوار الانفصال. إنهم جسديون، يفعلون إرادتهم الذاتية، وينقلون التخم القديم، ويطمسون السبل القديمة، ويستبعدون المبادئ الكتابية الروحية جانبًا، ويسعون أن يبنوا ثانية ما كنا قد هدمناه من قبل.
بعد ذلك نجد «وَلاَ شَكْوَى فِي شَوَارِعِنَا». من أين تأتى هذه الشكوى؟ بالتأكيد من الغرباء كما نفهم من القرينة، وهم يشتكون أن الطريق ضيق جدًا، وهم غير راضيين عن الخدمة المُقدَّمة، وهذا ما يُسبب التذمر والشكوى في شوارعنا.
رابعًا: نار غريبة
«وَأَخَذَ ابْنَا هَارُونَ: نَادَابُ وَأَبِيهُو، كُلٌّ مِنْهُمَا مِجْمَرَتَهُ وَجَعَلاَ فِيهِمَا نَاراً وَوَضَعَا عَلَيْهَا بَخُورًا، وَقَرَّبَا أَمَامَ الرَّبِّ نَاراً غَرِيبَةً لَمْ يَأْمُرْهُمَا بِهَا. فَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَأَكَلَتْهُمَا، فَمَاتَا أَمَامَ الرَّبِّ. فَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: هَذَا مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ قَائِلاً: فِي الْقَرِيبِينَ مِنِّي أَتَقَدَّسُ، وَأَمَامَ جَمِيعِ الشَّعْبِ أَتَمَجَّدُ. فَصَمَتَ هَارُونُ» (لا10: 1-3)
من “المرأة الغريبة” انبثق التعليم الغريب، والتعليم الغريب أتى بالأولاد الغرباء. وعندما يدخل أولئك الغرباء إلى الجماعة حينئذ نتوَّقع حتمًا أن نارًا غريبة ستُقدَّم للرب، وهو أمر في غاية الخطورة. وهذا العمل البغيض الذي فعله ناداب وأبيهو، قد ذُكر مع نتائجه الخطيرة المريرة، على الأقل ثلاث مرات في الوحي. ونفعل حسنًا إذا تحذرنا منه.
ونقرأ في مزمور 93: 5 «بِبَيْتِكَ تَلِيقُ الْقَدَاسَةُ يَا رَبُّ إِلَى طُولِ الأَيَّامِ». والكنيسة هي المكان الذي يسكن ويستقر فيه مجد الرب وجلاله، أما اليوم فإننا نرى الأمور التي تجرى في الأنظمة الطائفية حولنا، تتكرر بذاتها في الاجتماعات التي تعترف بسيادة الرب وقيادة الروح القدس، إذ نجد في تلك الاجتماعات الأولاد الغرباء. وبذلك أصبحت الكنيسة – للأسف – مكانًا لنمو الحنطة والزوان معًا!!
خامسًا: جسد غريب
«كَمَا أَنَّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَالْمُدُنَ الَّتِي حَوْلَهُمَا، إِذْ زَنَتْ عَلَى طَرِيقٍ مِثْلِهِمَا، وَمَضَتْ وَرَاءَ جَسَدٍ آخَرَ، جُعِلَتْ عِبْرَةً مُكَابِدَةً عِقَابَ نَارٍ أَبَدِيَّةٍ» (يه7)
أخيرًا أود أن ألفت انتباهكم إلى هذه الكلمة الواردة في رسالة يهوذا «مَضَتْ وَرَاءَ جَسَدٍ آخَرَ (أو غريب)»، وهي مرتبطة “بالذين دَخَلوا خُلْسَةً”. ومرة أخرى نعود إلى الأولاد الغرباء، فإن كان تقديم النار الغريبة يُحدثنا عن نشاطهم في الكنيسة، فالمضي وراء جسد غريب يُحدثنا عن نشاطهم في العالم؛ أي حالتهم العالمية. وإن كان هناك وقت نحن بحاجة أن نضع نصب أعيننا كلمات يعقوب 4: 4 فهو اليوم «أَيُّهَا الّزُنَاةُ وَالّزَوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ للهِ؟». إنهم الأولاد الغرباء الذين يحبون العالم والأشياء التي في العالم. إنهم يذهبون وراء أمور غريبة عن المكتوب، ويُفضلون أن يتغذوا على تبن العالم دون أمور الله. أما التحريض المُوَّجه إلى أولاد الله الحقيقيين فهو «لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ» (1يو2: 15).
ليت الرب يُعيننا لنتحذر من هذه الأشياء الغريبة. فالمرأة الغريبة صاحبة التعليم الغريب، تأتي بالأولاد الغرباء الذين يُقدّمون نارًا غريبة، ويمضون وراء جسد غريب. أما المرأة الفاضلة بتعليمها الصحيح فتُنشئ أبناءً حقيقيين يسجدون لله بالروح والحق، ويُزينوا تعليم مخلصنا الله.