لِمَاذَا أَنْتِ مُنْحَنِيَةٌ يَا نَفْسِي؟ وَلِمَاذَا تَئِنِّينَ فِيَّ؟ ارْتَجِي اللهَ، لأَنِّي بَعْدُ أَحْمَدُهُ، لأَجْلِ خَلاَصِ وَجْهِهِ»
(مز42: 5، 11؛ 43: 5)
حيث إننا نعمل في خدمة الأسرة عادة ما نتساءل إن كنا حقًا نؤمن بوجود أمل للأسرة في هذه الأوقات الخطيرة؟! ولكي أكون أمينًا هناك مؤشرات عدة بالنسبة للبيت والأسرة ليست مشجعة على الإطلاق، بل إن هناك أيضًا أسبابًا تجعلنا نتساءل إن كان هناك رجاء في أي شيء بالطريقة التي يسير بها العالم. فهناك الكثير والكثير جدًا مما يَجلب التشاؤم والكآبة والفشل!
وإن كنا نستقي توجهاتنا من مصادر الإعلام وعلماء الاجتماع والمؤرخين، ربما نستنتج أن البشرية عامة، والأسرة خاصة، كلتاهما تؤولان إلى الانهيار، إذ إن كل شيء يبدو بلا رجاء. إلا أنه بالنسبة لهؤلاء الذين صاروا أولاد الله، بالإيمان المُخلِّص بالرب يسوع المسيح، فالأمر جد مختلف، فطالما أن الله موجود في العرش، فهناك رجاء.
نقرأ في 2أخبار 14: 2 عن الملك آسا «وَعَمِلَ آسَا مَا هُوَ صَالِحٌ وَمُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِهِ». فبالرغم من صغر سنه إلا أن قلبه كان كاملاً نحو الله، ودعا كل يهوذا ليرجعوا إلى الرب، فحل السلام في أرضهم. ولكن ليس بعد ذلك بكثير هاجم زارح الكوشي آسَا، لكنه وجده مستعدًا. لقد كان له «فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ»، أي الثقة البسيطة في الله «وَدَعَا آسَا الرَّبَّ إِلَهَهُ وَقَالَ: أَيُّهَا الرَّبُّ، لَيْسَ فَرْقًا عِنْدَكَ أَنْ تُسَاعِدَ الْكَثِيرِينَ وَمَنْ لَيْسَ لَهُمْ قُوَّةٌ. فَسَاعِدْنَا أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُنَا لأَنَّنَا عَلَيْكَ اتَّكَلْنَا وَبِاسْمِكَ قَدُمْنَا عَلَى هَذَا الْجَيْشِ. أَيُّهَا الرَّبُّ أَنْتَ إِلَهُنَا. لاَ يَقْوَ عَلَيْكَ إِنْسَانٌ» (2أخ14: 11). لم يشعر بقوَّة من جانبه رغم جنوده الذين بلغ عددهم 580 ألفًا في مواجهة مليون محارب، وبلغة إنسانية نقول إنه كان قتالاً غير متكافئ، رغم ذلك نختبر على الدوام أنه «حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ» (2كو12: 10). وأعطاه الله نصرًا عظيمًا وغنائم وافرة! «فَضَرَبَ الرَّبُّ الْكُوشِيِّينَ أَمَامَ آسَا وَأَمَامَ يَهُوذَا، فَهَرَبَ الْكُوشِيُّونَ. وَطَرَدَهُمْ آسَا وَالشَّعْبُ الَّذِي مَعَهُ إِلَى جَرَارَ، وَسَقَطَ مِنَ الْكُوشِيِّينَ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَيٌّ لأَنَّهُمُ انْكَسَرُوا أَمَامَ الرَّبِّ وَأَمَامَ جَيْشِهِ. فَحَمَلُوا غَنِيمَةً كَثِيرَةً جِدًّا» (2أخ14: 13). وأتكلَّم إنسانيًا أن هذا الأمر كان يبدو مستحيلاً، لكن الله صنع تغييرًا وأكسبهم النصر، وهنا يكمن رجاؤنا.
وفيما يلي ثمانية أسباب تجعلنا نؤمن بأن هناك رجاء للأسرة، حتى في تلك الأيام المقطوعة الرجاء:
1- الله لا يزال هو الله:
بالرغم مما يذيعه الإعلام إلا أن لا شيء قد تغير؛ فالله هو الله، وهو لا يزال على عرشه، ومتحكمٌ في كل شيء، وليس من أمر عسير عليه «هأَنَذَا الرَّبُّ إِلهُ كُلِّ ذِي جَسَدٍ. هَلْ يَعْسُرُ عَلَيَّ أَمْرٌ مَا؟» (إر32: 27).
2- كلمة الله لا تزال صادقة
: قد يَتَغَيَّر كل شيء حولنا لكن كلمة الله لا تَتَغَيَّر أبدًا. وأعظم كتاب كُتب للأسرة لا يزال – وسيظل - هو الكتاب المقدس «تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهذَا ... وَقَالَ: أَيُّهَا الآبُ ... قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلاَمُكَ هُوَ حَقٌّ» (يو17: 1، 17).
3- الله لا يزال يستجيب الصلاة
: إن الله يقصد ما يقول عندما يعد باستجابة صلوات شعبه الواثقة فلا مشكلة عائلية أبعد من أن تطولها الصلاة «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ ... اُدْعُنِي فَأُجِيبَكَ وَأُخْبِرَكَ بِعَظَائِمَ وَعَوَائِصَ لَمْ تَعْرِفْهَا» (إر33: 2، 3).
4- الإيمان لا يزال يُسر الله:
إن كان بدون إيمان لا يمكن إرضاء الله، إذًا بالإيمان نحن نُرضيه. فإن كانت أسرتك تبغي حقًا إرضاء الله إذًا ثق فيه «وَلكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ» (عب11: 6).
5- الروح القدس لا يزال يسكن فينا:
هناك شيء واحد مشترك في أفراد الأسرة المسيحية وهو الروح القدس لأنه يسكن في كل واحد منها، وحيثما يسكن هناك رجاء «أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ، الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ» (1كو6: 19).
6- الطاعة لا تزال تجلب البركة:
عندما نُتمّم أقوال الله هو وعد بأن يباركنا، وعندما لا نفعل ذلك فإننا نجلب المتاعب لأنفسنا. والكثير من المشاكل التي تُهدد الأسر اليوم تفرض نفسها بسبب عدم الطاعة «إنْ شِئْتُمْ وَسَمِعْتُمْ تَأْكُلُونَ خَيْرَ الأَرْضِ، وَإِنْ أَبَيْتُمْ وَتَمَرَّدْتُمْ تُؤْكَلُونَ بِالسَّيْف» (إش1: 19، 20).
7- الصوم لا يزال يحرك قلب الله:
إن الكثير من المشاكل الأسرية هي مرتع للشيطان حيث يُعطى له مجال أن يحكم قبضته. وواحدة من أكثر الطرق فاعلية لكسر قيد الشيطان على الأسرة هو من خلال الصلاة والصوم «يَسُوعُ ... انْتَهَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ قَائِلاً لَهُ ... أَنَا آمُرُكَ: اخْرُجْ مِنْهُ ... هذَا الْجِنْسُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ» (مر9: 25، 29).
8- لا يزال الشيطان عدوًا مهزومًا:
مع كون الشيطان «كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ» (1بط5: 8)، لكنه قد خسر كل مواجهة كانت له مع الله. وعندما نقف ضده فنحن نفعل ذلك بسلطان الله «أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ» (أف6: 10-11)، ولنا التحريض «فَاخْضَعُوا لِلَّهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ. اِقْتَرِبُوا إِلَى اللَّهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ» (يع4: 7، 8).
هل هناك رجاء للأسرة؟ بكل يقين! وتذكروا أن الله عندما يعمل شيئًا عجيبًا عادة ما يبدأ بصعوبة، لكن عندما يعمل شيئًا عجيبًا جدًا فعادة ما يبدأ بمستحيل. ثق في الله وأطعه وتأمله وهو يعمل أمورًا رائعة في أسرتك هذا العام الجديد.
جاك بالمر