ا
لأساقفة والشمامسة الشمامسة صفات الشمامسة
إذ نعود إلى الأصحاح الثالث من الرسالة الأولى إلى تيموثاوس، نلاحظ في العدد الثامن أن الشمامسة يجب أن يكونوا «ذَوِي وَقَارٍ، لاَ ذَوِي لِسَانَيْنِ، غَيْرَ مُولَعِينَ بِالْخَمْرِ الْكَثِيرِ، وَلاَ طَامِعِينَ بِالرِّبْحِ الْقَبِيحِ، وَلَهُمْ سِرُّ الإِيمَانِ بِضَمِيرٍ طَاهِرٍ. وَإِنَّمَا هَؤُلاَءِ أَيْضًا لِيُخْتَبَرُوا أَوَّلاً، ثُمَّ يَتَشَمَّسُوا إِنْ كَانُوا بِلاَ لَوْمٍ» (1تي3: 8-10). كان يجب أن يُراعى الحرص في اختيارهم. ثم لنلاحظ ما يتبع ذلك «كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّسَاءُ (أو نساؤهم) ذَوَاتِ وَقَارٍ، غَيْرَ ثَالِبَاتٍ، صَاحِيَاتٍ، أَمِينَاتٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ». إن الشماس في ممارسته لوظيفته وهو يدخل إلى البيوت ويخرج منها، قد يكتشف ظروفًا واحتياجات متنوعة في منازل كثيرة، وفي هذه الحالة يمكن أن تكون زوجته معينًا ثمينًا له في خدمته، فهي ربما تكون أكثر لطفًا ورقة وحنانًا في تعاملها مع الاحتياجات والأحزان أكثر من زوجها. إننا نُسَر بحكمة الله في تقرير المكان الذي يمكن للمرأة أن تأخذه بالارتباط مع وظيفة زوجها. ثم نقرأ «لِيَكُنِ الشَّمَامِسَةُ كُلٌّ بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، مُدَبِّرِينَ أَوْلاَدَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ حَسَنًا».
لكن الرسول يستمر في حديثه «هَذَا أَكْتُبُهُ إِلَيْكَ رَاجِيًا أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَنْ قَرِيبٍ. وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أُبْطِئُ فَلِكَيْ تَعْلَمَ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي بَيْتِ اللهِ، الَّذِي هُوَ كَنِيسَةُ اللهِ الْحَيِّ، عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ». إنها بالحقيقة كلمات جميلة ورائعة! الكنيسة هي بيت الله؛ جماعة الله الحي. إن ما يحيط بها هو العالم، لكن الله في كنيسته.
وما هي الكنيسة؟ في أيَّة بقعة حيث يوجد شعب الله مجتمعًا على أساس الحق الإلهي، وبحسب التعاليم المعطاة في كلمته، حيث الرب له مكانه، والروح القدس أيضًا له مكانه الصحيح؛ تلك هي الكنيسة من حيث المبدأ.
والكنيسة يجب أن تكون مكان اجتماع كل ابن لله، يسكن فيه الروح القدس، ويسلك في الإيمان والتقوى. إن الكنيسة لا تزال هي عمود الحق وقاعدته، رغم السقوط والفشل. إن ما يجب أن نتدرب عليه أنت وأنا، هو أن نعرف أين يوجد الحق، وما هو الحق، حينئذٍ ستكون قلوبنا مخلصة وأمينة للحق. وإذا كنتُ مرتبطًا بما ليس هو الحق، ثم وجدته خارجًا، فإني - بمعونة الله – سأبتعد عن ذلك الارتباط، وسأشكر أي إنسان يخبرني بأني على خطأ، لأني أريد أن أكون سالكًا بالحق. وذلك بالتأكيد ما يرغب فيه كل منكم في قلوبكم.
إنه أمر عظيم أن نعرف كلمة الله، وأن نعمل ما توصينا به هذه الكلمة. إن كنيسة الله الحي هي عمود الحق وقاعدته. وبالرغم من النزاع والشقاق في الكنيسة، فإن الله لا يزال يسكن في كنيسته، لأن الكنيسة هي عمود الحق وقاعدته، وسيظل الحق هناك إلى أن يأتي الرب. وحينما تُخطف الكنيسة، ستترك وراءها مشهدًا مرعبًا لما هو ليس الحق.
لماذا لا يوجد شيوخ وشمامسة معيينون في كنائسنا؟
إن الناس كثيرًا ما يسألون: لماذا لا يوجد لديكم شيوخ وشمامسة معينون كما في الكنائس الأخرى؟
هناك سببان لذلك:
الأول: كنتيجة لسقوطنا وخطيتنا، من الوقت الذي فيه كُتبت الرسائل الأخيرة التي تُصَوِّر خراب الكنيسة، لم تعد الكنيسة، التي تشمل جميع القديسين في مكان واحد معًا، في وحدة.
والثاني: ليس لدينا شخص كفؤ مؤهَل لكي يعينهم، حتى لو كان شعب الرب جميعهم في مكان معلوم يسيرون معًا.
أنا لا أشك أنه حيث يجتمع القديسون معًا إلى اسم الرب، ويسعون أن يعملوا حسب التعاليم الإلهية المعطاة لكنيسة الله، فهناك يوجد رجال يقومون بوظائف الشيوخ، رغم أنهم لا ينتحلون الاسم، ولا يتقلدون المركز. أيضًا، بالرغم من أن لقب الشماس قد استغني عنه، لكن يوجد رجال يقومون بعمل الشمامسة ببساطة وبلا تصنع. ولا ريب أنه من الخطأ أن ينتحل أحد ويتخذ لنفسه ذلك الاسم، لأنه ليس لنا الحق أن نُعَيِّن شيوخًا وشمامسة. وعندما نأتي إلى الرسالة الثانية إلى تيموثاوس، حيث تُرى الكنيسة في تشويش وعدم ترتيب، نجد أن الحق يُسَلَّم لرجال أمناء لكي يُعلموا آخرين.
ولنلاحظ حكمة الله في تجنب دوام هذه الوظائف المحلية. إن السبب في رأيي أن الرب لم يعطِ تعليمات باستمرار هذه الوظائف، هو أنه عرف أن الكنيسة ستفشل في السير في وحدة، وأنها خارجيًا ستنكسر وتتعطل. فنحن نجد عددًا ليس بقليل مما يُدعى كنائس في هذه الأيام، ليس لهم شركة أو ارتباط أحدهما بالآخر، وإذا ذهبت في وسطهم سوف تجد شيوخًا وشمامسة بينهم. وإذا سألتهم لمن هم كشيوخ وشمامسة، سوف يجاوبون: على جماعة كذا وكذا. إني أقرأ في الكتاب المقدس عن الأساقفة والشمامسة في فيلبي، وعن الشيوخ في كنيسة أفسس، وهؤلاء كانوا شيوخًا على كل الكنيسة في هذه المدن؛ فوق كل الجماعة غير المنقسمة، وليس على حطام وشظايا من الكنيسة، كما هي الحال في أيامنا هذه.
إن حكمة الله كاملة. لقد سبق ورأى ما كان مزمعًا أن يحدث، ولذلك أكرر، امتنع عن إعطاء تعليمات وإرشادات بشأن دوام هذه الوظائف بعد رحيل الرسل. إنه لم يترك لنا تفويضًا في كلمته لانتخاب هؤلاء الناس، لأنه رأى ما ستفعله إرادة الإنسان؛ الانقسام. وهو لا يمكن أن يسمح لهذا الانقسام أن يزداد بواسطة فئة تنتحل لنفسها ذلك الذي يخص كل الكنيسة. لقد سبق الله فرأى أن الكنيسة ستفقد وحدتها الخارجية، ولذلك فقد امتنع عن إعطاء إرشادات وتوجيهات لتعيين الوظائف المحلية.
ومهما كان المدى الذي قصَّرَ فيه قديسو الله من جهة فكر الرب في هذا الخصوص، فإن المخلص المبارك يحب كنيسته، ويعطيها ما تحتاج إليه وما يراه نافعًا وحسنًا لها. أما ما يجب علينا أن نفعله، فهو أن نكون بسطاء وأمناء، وأن لا نستمر في فعل ما هو خطأ. دعونا لا نتظاهر بالقوة التي لا نمتلكها، لكي نُعَيِّن أناسًا في وظائف روحية. وإذا كنا قد تعلمنا الحق فدعونا نتمسك به، وإذا لم نكن قد تعلمناه فليتنا نسرع في تعلمه لأن هذا أفضل لنا «اِقْتَنِ الْحَقَّ وَلاَ تَبِعْهُ» (أم23: 23)، إنه لا يُقدَّر بثمن في قيمته. ليت الرب يعطينا جميعًا أن نعرف حقه أكثر فأكثر، وأن نسعى لكي نتمم فكره كما يُظهره لنا.
و. ت. ولستون