«فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: ﭐلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ» (يو ٦: ٥٣)
نتعلم من هذا العدد أنه إن لم نؤمن بشخص الرب يسوع، كمن بذل جسده وسفك دمه لأجلنا، فلن تكون لنا حياة فينا. إن أكل جسد الرب وشرب دمه هو الإيمان بشخصه (قارن ع ٤٧, ٥٤). المسيح هو الحياة، ولا توجد ذرة حياة بعيدة عنه. كل ما هو منفصل عن المسيح هو موت «فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ» (يو ١: ٤)، وليس في أي مصدر آخر.
والآن هو قد بذل حياته على الصليب، وقد اقترنت الخطية بهذه الحياة عندما سُمِّر ذلك الشخص المبارك على خشبة اللعنة (٢كو ٥: ٢١؛ ١بط ٢: ٢٤). وعليه فهو عندما بذل حياته، أبعد معها الخطية، ومن ثم زالت إلى غير رجعة. لقد ترك الرب الخطية في القبر الذي قام منه منتصرًا بقوة حياة جديدة. ولقد اتحد البر بهذه الحياة الجديدة، كما رافقت الخطية الحياة التي بذلها على الصليب إلى زوال.
ولعل هذا يساعدنا لنفهم تعبيرًا استخدمه الرب يسوع بعد قيامته، عندما قال لتلاميذه: «اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي وَانْظُرُوا فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي» (لو ٢٤: ٣٩). يُلاحظ أن الرب لم يقل “الروح ليس له جسد ودم”، لأنه في القيامة، هو – تبارك اسمه – لم يصطحب دمه إذ كان قد سُفك حتى آخر قطرة على الصليب، كفارة عن الخطية «لأَنَّ نَفْسَ الْجَسَدِ هِيَ فِي الدَّمِ فَأَنَا أَعْطَيْتُكُمْ إِيَّاهُ عَلَى الْمَذْبَحِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْ نُفُوسِكُمْ لأَنَّ الدَّمَ يُكَفِّرُ عَنِ النَّفْسِ» (لا ١٧: ١١).
إن الانتباه بدقة لهذه النقطة من شأنه أن يُعمق في نفوسنا الإحساس بكمال التكفير عن الخطية ومحو الآثام بموت المسيح. وهذا بدوره من شأنه أن يُرسخ سلامنا من جهة خطايانا، ويُعظِّم كمال مجد المسيح وتمام عمله، ثم من شأنه أيضًا أن يقود إلى شهادة أعظم وخدمة أروع.