يستعرض الروح القدس أمامنا في رسالة فيلبي 3 :17-21 نوعين من المجد وفريقين من البشر: الفريق الأول: «أعداء صليب المسيح الذين نهايتهم الهلاك، الذين إلههم بطنهم ومجدهم في خزيهم، الذين يفتكرون في الأرضيات» (في 3 :18و19).
أي أنهم يجدون أنفسهم ومجدها في ذات الأمور المُخزية والمُخجلة. ولقد كان للرسول بولس القلب الحسّاس والعواطف الصادقة، إذ يذكر هؤلاء باكيًا. وكم تتحسر قلوبنا وتئن فينا، ونحن نرى من حولنا كثيرين من هذا الفريق، لا يجدون مجدهم ومادة فخرهم سوى في ما هو مُخزي ومُخجل، والعار بالنسبة لهم هو عين المجد والفخار. ألا نبكي نحن أيضًا على من يفعل النجاسات والرجاسات، ويفكر في الشرور والبذاءات، ويقول الهزل والسفاهات. إنهم بحق يفتكرون في الأرضيات، وهم يعيشون لأجل هذا العالم، والأمور الهامة في الحياة – في نظرهم – هي ما يخص الجسد : الطعام والثياب، الملذات والشهوات الجسدية، أما المسائل الأبدية والأمور السماوية فلا تعنيهم في شيء «باطنهم أن بيتهم إلى الأبد، مساكنهم إلى دورٍ فدورٍ. يُنادون بأسمائهم في الأراضي» (مز 49 :11) وهؤلاء لا بد وأن يحصدوا مرارة اختيارهم؛ فنهايتهم الهلاك (في 3 :19)
الفريق الثاني: الذين سيرَتهم هي في السَّماويات، التي منها أيضًا ينتظرون مُخلِّصهم المجيد: الرب يسوع الذي سيأتي لأجلهم، وسيُغيِّر شكل جسد تواضُعهم ليكُون على صورة جسد مّجْدِه، وسيأخذهم إلى حيث المجد الحقيقي الأبدي (في 3 :20و21)
هذا الفريق مدعو من إله كل نعمة إلى مجده الأبدي في المسيح يسوع (1بط 5 :10). وهو ينظر مجد الرب بوجهٍ مكشوفٍ (2كو 3 :18)، ويتطلع إلى كل أمجاد الله متلألأة في وجه يسوع المسيح (2كو 4 :6)، ويتمتع بقول الرب «وأنا أعطيتهم المجد الذي أعطيتني» (يو 17 :22) وقريبًا سيتمتع باستجابة هذه الطلبة «أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا، لينظروا مجدي الذي أعطيتني» (يو 17 :24) وأيضًا سيتم المكتوب عنهم باعتبارهم الكنيسة؛ العروس امرأة الخروف «نازلةً من السَّماء من عند الله، لها مجد الله» (رؤ 21 :11) وباعتبارهم أبناء الله «الذين برَّرهُم، فهؤلاء مَجَّدهم أيضًا» (رو 8 :30).
أيها الأحباء... ما ابعد الفارق بين فريق وفريق، وبين مجد ومجد.. فمن أي فريق أنت؟