«في يوم خوفي، أنا عليك اتَّكلُ. الله أَفْتَخِرُ بِكَلامِهِ. على الله توكَّلتُ فلا أخافُ. ماذا يَصنَعهُ بي البشر؟» (مز 56 :3و4)
ما أجمل كلمة الله التي بين أيدينا. إنها صادقة، تواجه الحقيقة ولا تراوغ فيها. إنها تعرف ضعفنا، خوفنا، فشلنا وكل ما يلم بنفوسنا ولا تتجاهله أو تنكره. وفي هذه الأعداد لا يدَّعي المرنم أنه لن يشعر بالخوف أبدًا، بل بالحري يقرُّ بأن يوم الخوف قد يأتي عليه في أي وقت، وأنه لا بد له أن يجتاز يومًا في مضايق الزمان، ولكنه يدرك أيضًا ماذا يفعل حينذاك، إنه سيتَّكل على الله، على الله الذي يفتخر أو يمتدح كلامه. على ذلك الإله سيتَّكل فلا يخاف.
في حياة الإيمان الاختبارية هناك مساحتان في كياننا، كثيرًا ما يكون بينهما مضاربة كبيرة، ألا وهما العواطف والروح... بعواطفنا قد نجتاز في مسالك الخوف المظلمة والموحشة التي لا نعرف لنفوسنا مهربًا منها. إنها تمسك بنا، تقبض علينا فلا نستطيع الافلات منها ومن قبضتها الحديدية. غير أن هناك مساحة أخرى من كياننا لا تخضع لقانون الخوف ولا تستسلم له؛ إنها أرواحنا التي تعرف لها مهربًا أكيدًا وشاطئًا أمينًا وسط أمواج البحر المضطربة. أرواحنا التي تستطيع أن تتجه إلى الله المُحبّ، وترتمي بكل ثقلها على صدره الحنَّان، وهناك، في حضنه الدافئ، وعلى ذراعيه القويتين، نستطيع أن نستند بيقينية كاملة. وإن كانت عواطفنا خاضعة لقانون المدّ والجزر. فإن أرواحنا لا تقبل إلا ما تمليه كلمة الله الصادقة، وبذلك تسيطر أرواحنا على الموقف، وتبعث في النفس سلامًا عجيبًا يفوق في عمقه وارتفاعه وقوته عمق وارتفاع وقوة الأمواج الهائلة التي تضرب عواطفنا وتزعزعها، فتصير النفس في سلام رائع عجيب.
إننا بعيوننا نرى الخوف، ونعترف ونقرّ بوجوده، وبعواطفنا ندركه على حقيقته، ولكن بأرواحنا المتَّكِلة على الله المُحبّ، نستطيع أن نكون في سلام تام وهدوء كامل، فنحن – بكل ظروفنا ومخاوفنا – محمُولُون على ذراعيه الأبديتين.
كم نشكرك يا رب على ذلك السلام الذي يملأ قلوبنا عميقًا فلا تتأثر بالرياح التي تمر على صفحة مياهنا عابرة عليها.
فى وسط الخوف العظيم
نذكر فضلك القديم |
|
نهدى لك السجود
لانه يعود |