وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ» (تك5: 24)
فترة تُقدَّر بثلاث مئة سنة من حياة رجل الله هذا أُوجزت في هذه العبارة: «وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ». يا له من شرف عظيم لأخنوخ! ونعلَّم من عبرانيين11: 5 أنه قد أرضى الله. ويا لها من مكافأة! إنه لم يرَ الموت لأن الله أخذه ليكون معه.
ولكن هل كان أخنوخ هو الشخص الوحيد الذي سار مع الله؟ كلا، فنحن نقرأ عن نوح: «كَانَ نُوحٌ رَجُلاً بَارًّا كَامِلاً فِي أَجْيَالِهِ. وَسَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ» (تك6: 9، 10).
ولسنا بحاجة لأن نحسد هذين الرجلين، فالله يرغب أن يسير الإنسان معه. والحق إنه قال لإبراهيم: «أَنَا اللهُ الْقَدِيرُ. سِرْ أَمَامِي (أمام وجهي) وَكُنْ كَامِلاً » (تك17: 1).
والآن هلاّ لاحظتم أن نهاية كل واحد من أولئك كانت مختلفة عن الأخرى. لقد اشترك ثلاثتهم في شيء واحد: ساروا مع الله. ولكنهم لم يكونوا نسخًا متماثلة. أحيانًا، عندما نُعجب بحياة شخص معين نتمنى لو صرنا نسخة منه. إنه لأمر حسن بالطبع أن نتعلَّم من حيوات الآخرين، ولكن ليس أن نتمنى أن نصير نسخًا طبق الأصل منهم.
سَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، ثم أَخَذَهُ اللهَ ولم يرَ الموت (تك5: 24)، ومن ناحية أخرى؛ سَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ، ولكنه رأى الموت على نحو نعجز عن تخيّله، وأخيرًا مات هو نفسه. لقد كان كارزًا عظيمًا للبر، ورجلاً بارًا، وفوق ذلك سار مع الله، ولكن الله لم يفعل معه كما فعل مع أخنوخ.
وماذا عن إبراهيم، خليل الله؟ لقد كان عليه أن يواجه الموت وجهًا لوجه، عندما أخذ إسحاق ليُقدّمه محرقة على جبل المُريا.
دعونا نسير مع الله ...
ولكن يظل الله هو الله!
أنيس بهنام
|