أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد نوفمبر السنة 2012
الصحو والسهر
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
عندما يتحدث الرسول بطرس عن الشيطان فإنه يقول: «اُصْحُوا وَاسْهَرُوا» (1بط5: 8).  هذا تحذير جدير بالاعتبار، وطوبى للمؤمن الذي يأخذ هذا القول بكل جدية واهتمام.  وطوبى لكل مؤمن يتيقظ، يصحو، ينتبه ويسهر، لأن مهمة إبليس التي من أجلها يجول ويزأر هي أن يبتلع ويفترس. 

ليست رغبته أن يُعطل سعادتنا ويُعرقل خدمتنا فقط، بل رغبته – لو استطاع - أن يدمرنا بالتمام.  وحتى إن كان هذا لن يحدث أبدًا بالطبع، لأننا محفوظون بالتمام في يد راعينا الأمين، إنما رغبة الشيطان الشديدة في افتراسنا تبين لنا مقدار ما يلحق بنا من أذى إن لم ننتبه ونتيقظ ونسهر.

 والشيطان لا يُلقي طُعمًا واحدًا لجميع المؤمنين، فهو بذكاء شديد يلاحظ المؤمن ليعرف مِنْ أين تُؤكل الكتف.  أو بكلمات أخرى: كيف ينفذ إلى قلبه، ومتى يرمي سهمه، وكيف يرميه، وبأي طُعم، وبأية شبكة.  وكما قال أحد الشعراء عن سياسي محنك:

وهو يدري كيف يرمي سهمه
                          ومتى يرمي وفي أي اتجاه

والشيطان سياسي مُحنك، له خبرة طويلة جدًا في اصطياد البشر، لتدميرهم وإيذائهم وتحطيمهم، بل وافتراسهم لو أمكن.

آه يا إخوتي لو عرفنا قلب الشيطان من جهتنا، لصحونا وسهرنا وانتبهنا جميعًا جيدًا، فهو لن يترك المؤمن لحال سبيله أبدًا ولن ييأس من اصطياده بطريقة أو بأخرى، فمع خادم بليغ يستخدم سلاح المدح والتصفيق، وهو سلاح فعال في تحويل النظر إلى الذات، وسيطرة العُجب بالذات، ورويدًا رويدًا لا يتبقى من الخدمة سوى الخشب والعشب والقش.

ومع شخص لم يتعود ضبط النفس يستخدم سلاح التأثير الحسي والعاطفي، وهو – وا أسفاه – سلاح مدمر يُصيب المؤمن في مقتل، ويدمر ويُحطم حياته وشهادته.
ومع هذا يستخدم سلاح الكبرياء، ومع ذاك سلاح غرور الغنى، ومع شخص آخر سلاح الشهرة والرغبة العارمة في النجاح الزمني، وهكذا...  
لا شك أن لكل منا منافذ للشيطان، لو لم نسهر على غلقها لنفذ منها إلينا لا محالة، ولدمَّرنا وحطمنا وأذلنا.

ليتنا نصحو وليتنا نسهر، فلو نعسنا وتركنا أبوابنا مفتوحة، فالخطية ستحافظ عليها مفتوحة لدمارنا.  ولكن إن صحونا وأغلقنا أبوابنا، فالشركة مع الرب ستحافظ عليها مغلقة لبركتنا ولمجده.

ليتنا ننتبه جيدًا إلى ما تقدم.
كتنج