أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد نوفمبر السنة 2012
بركات موت المسيح
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
عندما نتأمل في المجد الأبدي وغير المحدود لابن الله - الكلمة الذي صار جسدًا، وحلَّ بيننا - فإننا سنصل إلى نتيجة حتمية؛ إن نتائج عمله على الصليب هي أيضًا أبدية ومجيدة، ولا نستطيع أن ندركها كلها.  فهو – تبارك اسمه - لم يصنع فقط تطهيرًا لخطايانا، بل وضعنا في تمام القبول والرضى عند الله، فأصبحنا غرضًا لمحبته وبركته غير المتغيرة.  فالفداء بالنسبة لنا أصبح حقيقة مكتملة، والروح القدس قد نزل وأصبح كل مؤمن حقيقي يتمتع الآن ببركة الضمان الأبدي، ومِن حقه أن يتيقن مِن هذا الأمر بواسطة الروح القدس.  

 وكم هو أمر خطير أن تنزلق النفس بعيدًا عن هذا الحق الثمين، وأن لا تعرف القيمة العظيمة لذبيحة المسيح، وتحاول التقليل مِن مجد الصليب، وأن تبتعد النفس بعيدًا عن الحرية التي حررنا المسيح بها، وأن تنزلق إلى أيّة صورة مِن صور الطقسية اليهودية بأن تنسى هذه الحقيقة الجوهرية: أن المسيح قدم نفسه مرة واحدة إلى الأبد.  وهذا الأمر الثمين هو موضوع مشغولية رسالة العبرانيين، التي تُحدثنا عن مجد ابن الله الذي يُعطي قيمة أبدية لعمله الكفاري.

 وقبل أن نتأمل في البركات السباعية التي حصلنا عليها بسبب موت المسيح في ضوء عبرانيين10: 1-22، أريد أن أعمل مفارقة بين ذبائح العهد القديم وذبيحة المسيح الواحدة

1-  كانت ذبائح العهد القديم كثيرة ومتنوعة، بينما قدم الرب عن الخطايا ذبيحة واحدة (عب10: 12).
2- كانت الذبائح فيها كل سنة ذكر خطايا «لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا» (عب10: 4)، بينما نحن الآن نتمتع بغفران الخطايا لأن الرب قال: «لَنْ أَذْكُرَ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ» (عب10: 17).

 3- كانت دماء الثيران والتيوس ورماد البقرة الحمراء تعمل علي طهارة الجسد طهارة خارجية طقسية، بينما يقول كاتب العبرانيين عن دم المسيح «يُطَهِّرُ ضَمَائِرَكُمْ» أي طهارة داخلية روحية (عب9: 14).

4- ذبائح العهد القديم لا تستطيع أن تُمتع الذي يُقدمها ببركة الكمال، بينما قيل عن الرب يسوع «لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى الأَبَدِ الْمُقَدَّسِينَ» (عب10: 14).  
5- كان رئيس الكهنة، وكل الكهنة، واقفين دائمًا «وَكُلُّ كَاهِنٍ يَقُومُ (يقف) كُلَّ يَوْمٍ يَخْدِمُ»، ولا يستطيع أبدًا أن يجلس (عب10: 11)، بسبب تكرار تقديم الذبائح، لكن الرب يسوع «بَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إِلَى الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ» (عب10: 12).

 6- كان طريق الأقداس لم يزل مُغلقًا أمام مقدمي الذبائح، لأن الحجاب كان يفصلهم عن الدخول إلي الأقداس.  ولكن بعد موت الرب يسوع انشق الحجاب من فوق إلي أسفل، وأعلن الله قبوله لعمل المسيح، وأن كل إنسان تمتع بعمل الصليب يستطيع أن يقترب إلى الله.  فالمؤمن يستطيع الآن أن يقترب بثقة إلى أقداس الله.  فيا له من امتياز حاضر وأبدي رائع ومجيد!!

 ونتكلَّم الآن عن البركات السباعية لموت المسيح في ضوء هذا الأصحاح المبارك (عب10: 1-22):

 أولاً: غفران الخطايا    (عب10: 17)

 هذه البركة يُدركها القليلون، ويُنكرها الكثيرون، بسبب سوء التعليم ووجود الطقسية التي أنكرت كمال عمل ذبيحة المسيح.  ولكننا نشكر الرب لأن هذا الحق واضح تمامًا في المكتوب.  فالرب يسوع نفسه قال لتلاميذه في الليلة التي أُسلم فيها: «لأَنَّ هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا» (مت26: 28).  وهذا الأمر ليس وعدًا مستقبليًا، بل بركة حاضرة نتمتع بها من الآن على أساس دم المسيح.

والعهد القديم أعلن أن «الدَّمَ يُكَفِّرُ عَنِ النَّفْسِ» (لا17: 11)، وبحسب تعبير الملك حزقيا: «طَرَحْتَ وَرَاءَ ظَهْرِكَ كُلَّ خَطَايَايَ» (إش38: 17).  أو كما قال ميخا: «يَعُودُ يَرْحَمُنَا، يَدُوسُ آثَامَنَا، وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ» (مي7: 19).  وقال إشعياء «قَدْ مَحَوْتُ كَغَيْمٍ ذُنُوبَكَ وَكَسَحَابَةٍ خَطَايَاكَ» (إش44: 22).  وهذه التعبيرات لغة تصويرية بديعة  تُوضح وتشرح معني محو الخطايا.  فعندما نسأل مثلاً: أين ذهبت سُحب الأمس؟ الإجابة طبعًا اختفت وذهبت إلي الأبد، وهكذا الحال مع خطايانا بسبب دم المسيح.  فالرب قال: «لَنْ أَذْكُرَ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ» (عب10: 17).

 وقد أوضح الرب يسوع أن هذه البركة الثمينة نستطيع أن نتمتع بها في الحاضر، وليس ونحن علي فراش الموت.  فقد قال للجمع عن المفلوج: «أَنَّ لاِبْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا» (مر2: 10)،  وقالها أيضًا للمرأة المنكسرة القلب بسبب خطاياها: «مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ» (لو7: 48).

فبركة غفران الخطايا هي بركة حاضرة، يتمتع بها من الآن كل مَنْ قبل عمل المسيح.  وهذه هي أخبار الإنجيل السارة «بِهَذَا (بالمسيح) يُنَادَى لَكُمْ بِغُفْرَانِ الْخَطَايَا» (أع13: 38).  فمَن يُنكر هذه البركة - التي نتمتع بها مِن الآن - هو في الحقيقة يُنكر الطابع الحقيقي لبشارة إنجيل نعمة الله!!

 ولكن ربما يقول قائل أنا أعلم أن الله يقدر أن يغفر الخطايا بسبب قيمة ذبيحة المسيح وسفك دمه علي الصليب، لأنه مكتوب: «بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!» (عب9: 22)، ولكنني أريد أن أتيقن مِن أن خطاياي أنا شخصيًا قد غُفرت فعلاً.

 عزيزي القارئ: تأكد أنك لو نظرت بالإيمان إلي شخص المسيح، ووثقت في عمله الكفاري، عن طريق الإيمان بشخصه، فإنك تستطيع أن تتمتع الآن بهذه البركة.  ليس علي أساس مشاعرك أو أحاسيسك أو عقيدتك أو حتي أعمالك، بل علي أساس دم المسيح.  لقد قال الرسول يوحنا: «قَدْ غُفِرَتْ لَكُمُ الْخَطَايَا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ» (1يو2: 12).  وقال الرسول بطرس: «لَهُ (أي للمسيح) يَشْهَدُ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ، أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، يَنَالُ بِاسْمِهِ غُفْرَانَ الْخَطَايَا» (أع10: 43).

يا لها من أخبار سارة يذيعها الإنجيل! الله يعطي الغفران لكل من يؤمن بالرب يسوع! ويا لها من راحة وطمأنينة!!

 ثانيًا: الشفاء من عقدة الذنب        (عب10: 2)

 قال الكتاب «لاَ يَكُونُ لَهُمْ أَيْضًا ضَمِيرُ خَطَايَا» (عب10: 2).  فنحن نفهم ونشعر بسبب وجود الضمير.  فلو أنني كنت مديونًا يومًا ما لشخص بمئة ألف جنيه فإنني في كل مرة أراه أشعر بخوف واضطراب، لأنه يُذكرني بديوني.  ولو أن صديقًا لي تبرع بدفع كل ديوني دون أن يخبرني بذلك، فإنني سأظل أشعر بالخجل عندما أرى صاحب الدين.  ولكن إن أخبرني صاحب الدين أن الديون قد سُددت بالكامل، فحينئذ سيزول عني الخوف والاضطراب، ولن أشعر بالانزعاج عند رؤيتي إياه، لأني علمت وتأكدت أن ديوني قد سُددت.  كذلك الأمر بالنسبة لي؛ فالرب يسوع حمل خطاياي، تألم بسببها، ومات بسببها.  سفك دمه الكريم لأجل مغفرة خطاياي.  وتمتعت ببركة الغفران، وكلمة الله تؤكد لي هذا الأمر المبارك، بأن الرب لن يذكر خطاياي وتعدياتي فيما بعد.  فلا يمكن أن ينتابني شعور بضمير مُعذب بسبب خطاياي.  ربما بعد ذلك إن أخطأت سأشعر بعدم ارتياح، وشعور بالعصيان الذي يتطلب أن أعترف بخطاياي للآب كأحد أبنائه لكي أسترد شركتي.  ولكن هذا لا علاقة له بمسألة الشعور بالذنب والدينونة.

 ثالثًا: بركة التقديس      (عب10: 10)

 يقول الكتاب «فَبِهَذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً» (عب10: 10).  لم يقل الكتاب إننا سنتقدَّس، بل لقد تقدسنا بالفعل.  فكم مِن مؤمنين - ليسوا بقليلين - يستطيعون أن يقولوا: “قد تبررنا”.  ولكن من النادر فهم حقيقة التقديس.  لماذا؟ لأن التقديس في نظرهم يعني أن يكون الشخص مُقدَّسًا في طبيعته.  ولكن التقديس ببساطه هو فرز وتخصيص.  فالأواني المقدسة في الأقداس لا تختلف في طبيعتها عن باقي الأواني، ولكنها مُقدسة لأنها خُصِّصت لعمل ما في الأقداس.  وهكذا كل مَنْ قَبِلَ المسيح في حياته، قد تخصص وفُرز مِن العالم، ليُخصَّص لله.  وقد تقدسنا بدم المسيح «لِذَلِكَ يَسُوعُ أَيْضًا، لِكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ» (عب13: 12).  هذا هو فكر الكتاب من جهة التقديس؛ أن يُكرَّس ويُفرَّز المؤمن لله، لاستعمال الله الخاص.

 ومن المفيد أن نذكر أن التقديس له خمسة أوجه في العهد الجديد:

 1- تقديس الآب، وهو عملية الفرز والتخصيص بحسب قصد مشيئته الصالحة (يه1).

2- تقديس بدم الرب يسوع (عب13: 12
3- تقديس الروح القدس (1بط1: 2)، وهذا واحد من أعمال الروح القدس في نفوسنا.
 فما أروع هذه الأمور المجيده في تقديسنا: قصد الآب، دم الابن, عمل الروح القدس.  فمشغولية الثالوث الأقدس بنا لكي يُفرزنا ويُخصّصنا لله، فقد تقدّسنا بمشيئة الله.
4- مقياس التقديس وملامحه؛ التقديس الشرعي: فنحن مُقدَّسون في المسيح يسوع «الْمُقَدَّسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (1كو1: 1)، وأيضًا يقول الكتاب: «وَمِنْهُ أَنْتُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ، وَبِرًّا وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً» (1كو1: 30).  فقد أصبحنا بعمل المسيح قريبين لله، كما المسيح أيضًا.  ويا لها من راحة مباركة لنفوسنا! 
5- التقديس العملي: قال الرب يسوع للآب «قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ» (يو17: 17)، وهذا الأمر يتم تدريجيًا عندما نقبل ونشبع ونفرح بكلمة الله، فإننا - بقوة الرب ومعونته - نتغير تدريجيًا ونتقدَّس أكثر فأكثر للرب إلهنا.

 رابعًا: بركة الكمال        (عب10: 14)

 يقول الكتاب «لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى الأَبَدِ الْمُقَدَّسِينَ» (عب10: 14).  ويا له من أمر مجيد وحقيقة مباركه جدًا! إن الرب يسوع بعدما أكمل العمل جلس إلى الأبد، هكذا نحن أيضًا قد تمتعنا ببركة الكمال إلى الأبد، بسبب كمال عمل الرب يسوع المجيد.  فكما أن عمل المسيح أبدي وكامل، هكذا أيضًا قد بُوركنا فيه، وتقدَّسنا وتكمَّلنا إلى الأبد.  يا لها من نعمة غنية!! فسيُحضرنا قريبًا أمامه بلا دنس ولا عيب في المجد.  وعندما ندرك هذه الحقيقة المجيدة لن نشك أبدًا في بركتنا وأماننا الأبديين.

 خامسًا: شهادة الروح القدس     (عب10: 15)

 إن الروح القدس يشهد لكمال عمل المسيح الكفاري.  فلو لم يكن الفداء قد تم ما كان الروح القدس يمكث فينا.  فقد عمل روح الله برجال أفاضل مقدَّسين خلال العهد القديم.  ولكن بعد إكمال عمل الصليب، وبعد أن غُسّلنا بدم المسيح، فقد سكن فينا هذا الأقنوم الإلهي الكريم.  وهو يشهد لنا ويقنعنا بأننا قد تمتعنا فعلاً بكل هذه البركات المجيدة بسبب عمل المسيح العظيم.  فبعدما أخبرنا الكتاب أننا تقدسنا وتكملنا إلى الأبد قال: «وَيَشْهَدُ لَنَا الرُّوحُ الْقُدُسُ أَيْضًا» (عب10: 15).  فهو يشهد أننا قد أصبحنا مُطهَّرين، ومُقدَّسين، ومُكمَّلين إلى الأبد، ويكتب أيضًا شريعة الله في قلوبنا، ويُذكرنا أن الله لن يذكر خطايانا فيما بعد (عب10: 15-17).

 سادسًا: بركة كهنوت المسيح      (عب10: 12)

 إن كهنوت المسيح مُؤسس على كمال عمل الصليب، فقد أخبرنا الكتاب أن المسيح «دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيًّا» (عب9: 12)، وأن الرب يسوع «بَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إِلَى الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ» (عب10: 12).  فالرب يسوع دخل إلى الأقداس، ليس بدم ثيران وتيوس، بل بدم نفسه، وهذا هو سبب كمالنا وتقديسنا؛ إننا تقدّسنا بدمه الكريم.  وبعدما أكمل العمل جلس.  لم يكن هارون يستطيع أبدًا أن يجلس، لكن الرب يسوع جلس ليمارس كهنوته الحاضر، بأن يُعيننا ويسندنا ويشفع لنا، ويخدمنا في الأقداس.

 سابعًا: بركة الاقتراب والدخول إلى الأقداس     (عب10: 19)

 أصبح لنا امتياز التقدم بثقة إلى الأقداس بسبب موت المسيح الكفاري «فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى الأَقْدَاسِ بِدَمِ يَسُوعَ، طَرِيقًا كَرَّسَهُ لَنَا حَدِيثًا حَيًّا، بِالْحِجَابِ، أَيْ جَسَدِهِ، وَكَاهِنٌ عَظِيمٌ عَلَى بَيْتِ اللهِ، لِنَتَقَدَّمْ بِقَلْبٍ صَادِقٍ فِي يَقِينِ الإِيمَانِ، مَرْشُوشَةً قُلُوبُنَا مِنْ ضَمِيرٍ شِرِّيرٍ، وَمُغْتَسِلَةً أَجْسَادُنَا بِمَاءٍ نَقِيٍّ» (عب10: 19-22).  فلم يعد الآن الحجاب قائمًا، بل قد شُق عندما مات الرب يسوع على الصليب.  يقول الكتاب: «وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ» (مت27: 51).  وبهذه الطريقة أراد الله أن يُعلن أن كل الحواجز التي كانت تعيق الدخول إلى محضره قد أُزيلت بسبب ذبيحة المسيح، وأصبح الطريق مفتوحًا إلى محضر الله، ولنا الآن أن نتقدم بالإيمان إلي محضر الله.  فهذا الطريق الحديث والحي أصبح مفتوحًا باستمرار أمامنا.  فالمؤمن مُرحب به دائمًا، ولذلك له أن يتقدم بثقة.  فيا للنعمة!! ويا للامتياز الثمين أن يُرحب بنا في كل وقت نقترب فيه إلى الأقداس!! يا للقرب العجيب!! يا للمحبة التي جعلتنا نقترب كساجدين مُطهّرين!! ودم المسيح الثمين هو الذي أهلنا لهذا القرب العجيب.  فيا لسمو المقام الذي جعلنا نقترب في كمال ونشاط رئيس الكهنة العظيم!! وأصبح الحجاب مشقوقًا، ودم المسيح مرشوشًا هناك.

 كم نشكر الرب لأجل هذه البركة الثمينة التي تختلف عن الفكر الحديث الذي يركز فقط على “النظر إلى الصليب”.  وكم هو أمر مجيد ومبارك وجوهري - من أجل أبديتنا - أن ننظر إلى المسيح المصلوب! ولكن علينا أن نرى المسيح المُقام الجالس كرئيس الكهنة خادمًا للأقداس والمسكن الحقيقي، فنتمتع بالحرية التي حررنا المسيح بها.  وكلما نظرنا إلى المسيح الجالس الآن في الأقداس، سننتصر على هذا العالم الحاضر الشرير، ونتحرر من المشغولية بأنفسنا!

فالشخص الذي يؤمن يجب أن يدرك أن ربنا المبارك الذي مات لأجلنا على الصليب هو الآن في قمة المجد، ودمه الكريم الآن يتكلَّم في أقداس الله.  ومن حق المؤمن أن يدخل بالإيمان وبالروح إلى ذات حضرة الله، ويتمتع بخدمة المسيح الكهنوتية التي نتمتع بها بسبب كفاية دم المسيح الذي قدّم لنا ليس فقط غفران الخطايا، بل أهلنا للوجود في حضرة الله.  

سنل