(تك ٤١: ٥٥؛ يو ٢: ٥)
ارتبطت هذه العبارة بواقعتين في الكتاب المقدس:
الواقعة الأولى: «اذْهَبُوا إِلَى يُوسُفَ، وَالَّذِي يَقُولُ لَكُمُ افْعَلُوا» (تك ٤١: ٥٥)
عندما كَمِلَتْ سَبْعُ سِنِي الشِّبَعِ الَّذِي كَانَ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَابْتَدَأَتْ سَبْعُ سِنِي الْجُوعِ تَأْتِي، كما حَلِمَ فرعون، وفسَّر يوسف، سلَّط فرعون يوسف على جميع أرض مصر. «وَلَمَّا جَاعَتْ جَمِيعُ أَرْضِ مِصْرَ وَصَرَخَ الشَّعْبُ إِلَى فِرْعَوْنَ لأَجْلِ الْخُبْزِ، قَالَ فِرْعَوْنُ لِكُلِّ الْمِصْرِيِّينَ: اذْهَبُوا إِلَى يُوسُفَ، وَالَّذِي يَقُولُ لَكُمُ افْعَلُوا» (تك ٤١؛ ٥٥).
ويوسف كرمز للمسيح، مُرسَل من الله لاستبقاء حياة (تك ٤٥: ٥). وقد قال الرب يسوع للجمع عندما أكلوا من الخبز وشبعوا في معجزة اشباع الجموع: «اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ الإِنْسَانِ، لأَنَّ هذَا اللهُ الآبُ قَدْ خَتَمَهُ ... فَقَالُوا لَهُ: مَاذَا نَفْعَلُ حَتَّى نَعْمَلَ أَعْمَالَ اللهِ؟ أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: هذَا هُوَ عَمَلُ اللهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِي هُوَ أَرْسَلَهُ» (يو ٦: ٢٧- ٢٩). فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ مُوسَى أَعْطَاكُمُ الْخُبْزَ مِنَ السَّمَاءِ، بَلْ أَبِي يُعْطِيكُمُ الْخُبْزَ الْحَقِيقِيَّ مِنَ السَّمَاءِ، لأَنَّ خُبْزَ اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ. فَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، أَعْطِنَا فِي كُلِّ حِينٍ هذَا الْخُبْزَ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا» (يو ٦: ٣٢-٣٥). وفي واقعة سفر التكوين، نرى فرعون الذي هو رمز إلى الله، ويوسف الذي هو رمز للمسيح، ومصر التي تشير إلى العالم. فقلب الله المُحب، يُوجِّه نظر العالم كله، أن يذهبوا إلى المسيح الذي هو خبز الحياة.
الواقعة الثانية: «قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ» (يو ٢: ٥)
في تلك المرة، التي نطقت بهذه العبارة «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ» هي المُطوَّبة مريم، حيث كانت موجودة أثناء عرس قانا الجليل، وعندما فرغت الخمر قالت للرب: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ»، فقال لها الرب: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ» (يو ٢: ٣، ٤). وهنا نجد إن العلاقة بين المُطوَّبة مريم، والرب يسوع. تُمثل العلاقة بين إسرائيل والرب «مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ» (غل ٤: ٤). فالرب يريد أن يتعامل مع الشعب بالنعمة، لا بالناموس حتى لا تتعطل البركة. وقد فهمت ذلك المُطوَّبة مريم. فقالت لِلْخُدَّامِ: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ» (يو ٢: ٥). فالخمر تُشير إلى الفرح، والفرح الحقيقي مصدره الرب. وكان عدد الأجران ستة ورقم ٦ يشير إلى العمل والتعب، فهو رقم الإنسان البعيد عن الله. وكان قول الرب لِلْخُدَّامِ أن يملأوا الأجران ماء، والماء يُشير إلى كلمة الله، وعندما تمتلئ قلوبنا الفارغة بكلمة الله، نعلم تمامًا أن المسيح هو مصدر الفرح الحقيقي، وتكون ترنيمتنا:
«هُوَذَا اللهُ خَلاَصِي فَأَطْمَئِنُّ وَلاَ أَرْتَعِبُ، لأَنَّ يَاهَ يَهْوَهَ قُوَّتِي وَتَرْنِيمَتِي وَقَدْ صَارَ لِي خَلاَصًا. فَتَسْتَقُونَ مِيَاهًا بِفَرَحٍ مِنْ يَنَابِيعِ الْخَلاَصِ»
(إش١٢: ٢، ٣).