أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يناير السنة 2005
نافذه علي الأحداث
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

كارثة ”تسونامي“ الآسيوية

لم يشأ العام المنصرم أن يمضي دون أن يترك ذكرى مرعبة للعالم، إذ لقي ما يزيد عن 150 ألفًا حتفهم في كارثة مهولة، عرفت بكارثة ”تسونامي“ الآسيوية. ففي يوم 26 ديسمبر 2004 وقع زلزال عنيف تحت سطح البحر قرب شواطئ أندونيسيا (شدته حوالي 9 درجات بمقياس رختر)، مما دفع بأمواج عارمة، اجتاجت المناطق الساحلية في أنحاء مختلفة من جنوب وشرق آسيا. فأضيفت هذه الكارثة إلى العديد من الكوارث الرهيبة التي أصابت العالم في الآونة الأخيرة.

 يرى الكثيرون أن هذا الحادث، مع ما سبقه من أحداث مشابهة، هو إنذار جديد للبشرية الغافلة. بينما بعض اللاهوتيين، محاولة منهم لتحسين صورة الله في أذهان البشر، اعتبر أن ما حدث لا دخل لله فيه، وأنه ظاهرة طبيعية قد يحدث مثلها في أي زمان وأي مكان.

 ونحن الذين نؤمن أن الله متداخل تمامًا في أمور هذا العالم، كقول النبي عاموس: «هل تحدث بلية في مدينة والرب لم يصنعها؟» (عا3: 6). وقول إرميا النبي: «من فم العلي ألا تخرج الشرور والخير» (مرا3: 38)، بل ونؤمن بما قاله المسيح إن عصفورًا واحدًا لا يسقط على الأرض بدون أبينا (مت10: 29)، لذلك فلا يمكن أن نتفق مع الذين اعتبروا أن ما حدث لا شأن لله به، وأنه لا يرسل به إشارة واضحة للبشر.

 وعندي على هذا الحدث تعليق ثلاثي

 أولاً: أن مجيء الرب قد اقترب:

 لقد كان ارتفاع أمواج التسونامي قرب الشواطئ مخيفًا، وكانت سرعة الأمواج مهولة 800 كم في الساعة. وهي سرعة رهيبة تدمر كل شيء، وتكتسح كل ما يعترض طريقها أيًا كان. وهو يقينًا يذكرنا بما قاله المسيح عن علامة مجيئه: «وتكون علامات في الشمس والقمر والنجوم. وعلى الأرض كرب أمم بحيرة. البحر والأمواج تضج. والناس يُغشى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة» (لو21: 25و26).

 إنه صوت جديد يحذر العالم، قبيل مجيء المسيح، بما لا بد أن يحدث في كل العالم بعد اختطاف الكنيسة.

 ثانياً: فجائية الحدث:

 تأثرت جدًا من صورة نشرتها إحدى الصحف في الخارج لمجموعة من الناس كانت على شاطئ البحر في استرخاء كالمعتاد. والصورة تصور الأمواج الهائلة تقترب منهم، وهم يجرون أمامها. لكن لفت نظري أنهم لم يكونوا في رعب أو فزع، فيبدو أنهم لم يكونوا مدركين لخطورة الأمر، وظنوا أنها موجه عالية، كتلك التي كنا نهرب منها ونحن صبية صغار نلهو على شاطئ البحر. وأنها - حتى لو كانت عالية - فإنها ستنتهي بأن تبلل ملابسهم، أو تطيِّر الشماسي والكراسي. وتحت الصورة كان تعليق المجلة: ”قبل الموت بثلاث ثواني“.

 والكتاب المقدس يتحدث عن هذه الفجائية فيقول: «وأضايق الناس فيمشون كالعمي لأنهم أخطأوا إلى الرب. . لا فضتهم ولا ذهبهم يستطيه إنقاذهم في يوم غضب الرب. . لأنه يصنع فناءً باغتًا لكل سكان الأرض» (صف 1: 17و18). كما يقول الرسول بولس: «لأنه حينما يقولون سلام وأمان حينئذ يفاجئهم هلاك بغتة كالمخاض للحبلى فلا ينجون» (1تس5: 3).

ثالثاً: الحيوانات تحذرت:

 أمر لفت نظر وكالات الأنباء والمتخصصين، لماذا كانت نسبة موت الحيوانات أقل بكثير من نسبة موت البشر؟ هل عندهم حاسة سادسة؟ وهذا ذكرني بما حدث أيام نوح والطوفان. لقد دخلت الحيوانات والبهائم الفلك، دخلت الوحوش والجوارح، وأما الإنسان فلم يدخل؟ قال الرب على فم نبيه إرميا: «بل اللقلق في السماوات يعرف ميعاده، واليمامة والسنونة المزقزقة حفظتا وقت مجيئهما. أما شعبي فلم يعرف قضاء الرب» (إر8: 7).

 قارئي العزيز: هذا صوت آخر، قد يكون الأخير، يقدمه الرب الذي «لا يشاء أن يهلك أناس، بل أن يقبل الجميع إلى التوبة» (2بط3: 9)، فهل تستفيد منه قبل الندم والحسرة الأبدية.

 أخي المؤمن إن الرب قريب، ونحن لن نكون مثل البشر الأشرار أيام المسيح الذين وبخهم بالقول: «يا مراؤون تعرفون أن تميزوا وجه الأرض والسماء، وأما هذا الزمان فكيف لا تميزونه؟» (لو12: 56). بل من القلب نقول: «آمين تعال أيها الرب يسوع».

يوسف رياض