«لا تكونوا تحت نيرٍ مع غير المؤمنين، لأنه أية خلطةٍ للبر والإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟» (2كو6: 14, 15)
****
من أكثر المواضيع التي تهم الشاب المؤمن في حياته، موضوع الارتباط بزوجة. بل إن أهم شيء للشخص، بعد ارتباطه بالرب للحياة الأبدية، هو ارتباطه بزوجة للحياة الزمنية. ولأن هذا الأمر هو من الأهمية بمكان، فيجب أن نبحث في كلمة الله عما تعلنه في هذا الأمر. فإذا تكلَّمنا عن الحكماء والحكمة، فإننا تلقائيًا نتذكر سليمان الحكيم. لقد كان سليمان حكيمًا جدًا «وفاقت حكمة سليمان حكمة جميع بني المشرق وكل حكمة مصر» (1مل4: 30)، وكانت حكمته تكمن في مخافة الله «رأس الحكمة مخافة الرب» (مز111: 10؛ أم9: 10). وظلَّ سليمان مضربًا للأمثال في حكمته وتقواه، وكان الله معه، فأعطاه أيضًا غِنىً وكرامةً حتى إنه فاق كل ملوك عصره (1مل3: 13)، ولكن – ويا للأسف – جاء الوقت الذي انحرف فيه المؤشر بشدة، فإذ بنا نجد ذلك الشخص التقي وقد «ذهب .... وراء عشتورث إلهة الصيدونيين، ومَلكُوم رجس العمونيين. وعمل سليمان الشر في عيني الرب، ولم يتبع الرب تمامًا كداود أبيه. حينئذٍ بنى سليمان مُرتفعة لكموش رجس الموآبيين على الجبل الذي تُجاه أورشليم، ولمولك رجس بني عمُّون» (1مل11: 5-7). ولكن «كيف اكدَرّ الذَّهب، تغَيَّرَ الإبريز الجِّيد؟!» (مرا 4: 1). ما أكبر الخسارة التي لحقت بسليمان! ترى ماذا كان سببها؟ ... كان سببها أنه «أحبَّ نساءًغريبةً» وأن « نساءه أملن قلبه وراء آلهةٍ أخرى، ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه» (1مل11: 1, 4). لم يستطع غنى هذا العالم ولا حكمته أن يميل قلبه، ولم يستطع انبهار الملوك بعظمته أن يميل قلبه، وهي أمور قادرة أن تميل القلب البشري. ولم تستطع ملذات العالم أن تميل قلبه، فقد كان يعرف بحكمته أن الكلَّ باطلٌ وقبضُ الريح. فما هو الأمر السيء الذي انحدر به انحدارًا متواليًا إلى الخراب؟! إن ذلك الأمر السيء الذي لم يستطع، لا بقوته ولا بحكمته أن يقاومه، كان هو ارتباطه بنساء أجنبيات لا يعرفن الرب ولا يعبدنه. ولكن ماذا في ذلك؟ سيظل هو يعبد الرب ويتقيه، ولن يكون لنسائه الأجنبيات تأثير عليه. هذا لم يكن سوى همسات الحية المخادعة في أذن الحكيم. ويا للأسف، لقد انخدع بها، ففارقته حكمته، وأقام له الرب خصمًا، بل خصماء (1مل11: 14, 23, 26)، وأصاب حياته التوتر والنكد لأن الرب أصبح مقاومًا له. وفي تثنية22: 11 نقرأ كلام الرب إلى شعبه على فم عبده موسى «لا تلبس ثوبًا مختلطًا صوفًا وكتانًا معًا». وفي لاويين19: 19 نقرأ «لا يكن عليك ثوبٌ مُصنَّفٌ من صنفين» ... ألعل الله يهمه أن لا يلبس شعبه ثوبًا مُصنفًا من صنفين، أم أنه في ذلك يدين بشدة ارتباط الشخص المؤمن بغير المؤمن، خاصة في ارتباط الزواج، حيث يكون الاثنان جسدًا واحدًا «إذًا ليسا بعد اثنين بل جسدٌ واحدٌ» (مت19: 6). فكيف يتوافق الجسد الواحد إذا كان يتكون من شخصين مختلفين، أحدهما مؤمن والآخر غير مؤمن. وإذا كانت هذه وصية الله فكم لمسنا صدقها عمليًا. وكم اختبر المؤمن الذي تهاون في إتمام هذه الوصية أن النير المتخالف لا يجر إلا الأحزان والمتاعب. وكم من أشخاص أرهقهم الندم والحزن بسبب عدم طاعتهم لهذه الوصية: «لا تكونوا تحت نيرٍ مع غير المؤمنين، لأنه أية خلطةٍ للبر والإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟» (2كو6: 14, 15). كثيرون ظنوا في أنفسهم القدرة على تحدي المصاعب أو تفاديها، بسبب طول أناتهم وكياستهم ولباقتهم وقوة إقناعهم، غير أن الزمن أثبت غير هذا. ودائمً أبدًا يثبت الزمن أن وصية الله صادقة وأمينة. وفي تثنية7: 3-6 يقول الرب لشعبه، بخصوص شعوب الأرض: «لا تصاهرهم. بنتك لا تعطِ لابنه، وبنته لا تأخذ لابنك، لأنه يَردُّ ابنك من ورائي فيعبد آلهةً أخرى، فيحمى غضب الرب عليكم ويُهلككم سريعًا». إذًا فالأمر ليس تفضيلاً؛ ليس أننا نفضل المؤمنة على غير المؤمنة، وإنما هي وصية صريحة وقاطعة تمنع مثل هذا الزواج منعًا باتًا. وفي الزواج المسيحي، بين مؤمن ومؤمنة، يتحقق قصد الرب في أن يكون الارتباط بين الزوج والزوجة هو ارتباط الرأس بالجسد، وهي صورة جميلة لارتباط المسيح بالكنيسة. ولذلك فالمرأة تأخذ مركز الخضوع بكل رضى وسرور، مُعطية زوجها وضعه ومركزه الذي أخذه من الرب كرأس الجسد. كما أن الرجل عليه أن يحب امرأته كما أحب المسيح أيضًا الكنيسة، لذا فهو يعاملها برفق مُعطيًا لها كرامة أفضل. هي تهاب زوجها، وهو يسكن معها بفطنة كالإناء الأضعف. وهكذا يكون هذا الارتباط جميلاً في عيني الرب، مُسببًا فرحًا وسلامًا ورضى لكلا الطرفين، فتصبح الحياة الزوجية هانئة ويبارك الرب الأسرة كلها (1بط3: 1-7؛ أف5: 22-25؛ كو3: 18, 19). يا ليت الرب يُحكّم شبابنا المؤمن المُقبل على الزواج فيكون اختيار الشباب المؤمن لشابات مؤمنات، ويكون النسل أيضًا مباركًا من عند الرب، فيتم القول: «امرأتك مثل كرمةٍ مثمرةٍ في جوانب بيتك. بنوك مثل غروس الزيتون حول مائدتك. هكذا يُبارك الرَّجل المُتقي الرب" (مز128: 3).