«فجمع يوسف كل الفضَّة الموجودة في أرض مصر وفي أرض كنعان بالقمح الذي اشتروا، وجاء يوسف بالفضة إلى بيت فرعون. فلما فرغت الفضَّة من أرض مصر ومن أرض كنعان أتى جميع المصريين إلى يوسف قائلين: أعطنا خبزًا، فلماذا نموت قدامك؟... فقال يوسف: هاتوا مواشيكم.. ولما تمَّت تلك السنة أتوا إليه في السنة الثانية وقالوا له :.. لم يبقَ قدام سيَّدي إلا أجسادنا وأرضنا... اشترنا وأرضنا بالخبز.. فاشترى يوسف كل أرض مصر لفرعون... فقال يوسف للشعب: إني قد اشتريتكم اليوم وأرضكم لفرعون... فقالوا: أحييتنا» (تك 47 :14- 25)
استخدم يوسف موقعه الرفيع كالمتسلط على أرض مصر في إخضاع كل شيء له: كل ثروة مصر وُضعت بين يديه : الفضة والمواشي والأرض، بل والناس أنفسهم. على أننا ينبغي أن نلاحظ أن يوسف لم يفعل هذا طلبًا لمنفعة ذاتية، بل لمجد فرعون. وينبغي أيضًا ألا ننسى أن موقعه العالمي الرفيع قد جلب البركة للشعب. وفي كل هذه الأمور فإن يوسف إنما هو مثال واضح للمسيح في المجد.
فإذا كنا نريد أن نخلص من سلطة وسيادة الشر الحاضر، فليس ثمة سبيل لذلك سوى أن ندرك أن المسيح هو في موقع السلطة والسيادة الفائقتين، وأن نخضع له. حينئذ سوف يكون لنا خير كما كان للشعب يوم يوسف. على أن المسيح عمل لشعبه ما هو أكثر من مجرد إنقاذ من مجاعة عالمية. لقد أتى بهم إلى دوائر سماوية وباركهم بكل بركة روحية. وإن الشخص الذي رتب كل هذا المجد لله ولبركة الإنسان، لسوف يُصبح موضوع تسبيح وحمد السماء. كما حدث في العهد القديم عندما أتى الذين أنقذهم يوسف إليه قائلين : «أحييتنا» (تك 47 :25)، إذ أدركوا أنهم مديونون بكل شيء ليوسف، هكذا فإن سرور قلب المفديين في يوم قادم هو أن يسبحوا قائلين : «مستحق أنت... لأنك ذُبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة، وجعلتنا لإلهنا ملوكًا وكهنة» (رؤ 5 :9).
عزيزي... مغبوطٌ كل من يضع ثقته في هذا المخلص العظيم...