«الَّذِي أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ، وَنَقَلَنَا الَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ، الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا» (كو1: 13، 14)
مشكلة الإنسان المستعصية هي الخطية، فلم ينفع فيها فيلسوف أو مُعلِّم ديني. والعددان أعلاه يُصوران بصورة زاهية رائعة العلاج الوحيد لهذه المشكلة: شخص الرب يسوع المسيح. فهو:
1- أَنْقَذَنَا: والكلمة تعني “نجا من خطر داهم”. والرب لم ينقذنا من مُذنِبِيَّة الخطية ودينونتها فقط، ولا حتى من سيف عدالة الله المُسلَّط على رؤوسنا فحسب، ولكن خلاصه امتد ليشمل التحرير من سلطان إبليس وقوى الظلمة برتبها المختلفة (كو1: 16؛ 2: 13-15).
2- نَقَلَنَا: والكلمة تعني “نقل شعب من بلد إلى بلد بغرض التوطين”. فالمسيح لم يُحررنا ثم تركنا نسير على غير هدى، بل نقلنا إلى ملكوته؛ ملكوت النور بعد أن انتصر على الشيطان رئيس مملكة الظلمة. مع الفارق: أن القواد الأرضيين ينقلون المهزومين، أما نحن فقائدنا المنتصر ينقلنا باعتبارنا منتصرين.
والتعبير «ابْنِ مَحَبَّتِهِ» يُذكرنا بشهادة الآب عن ابنه عند معموديته، وعلى جبل التجلي (مت3: 17؛ 17: 5)، ثم هو يُذكرنا بفداحة الثمن الذي تكبده الآب عندما بذله لأجلنا. ومن الجانب الآخر يُعلّمنا أن ملكوت الله هو محبة كما هو نور.
3- افتدانا: والكلمة تعني “حرر أسيرًا بدفعه فدية له”. والرسول بولس لم يقصد بالطبع أن المسيح دفع ثمنًا للشيطان ليُحررنا، بل إنه بموته وقيامته قد وفى مطاليب ناموس الله، وأن الشيطان عندما يُحاول أن يشكونا أو يستعبدنا لأننا كسرنا ناموس الله، فلن يجني سوى الفشل لأن الفدية قد دُفعت على الجلجثة، وبالإيمان بالمسيح نفوز بالحرية.
4- غفر خطايانا: والفداء والغفران صنوان لا يفترقان (أف1: 7). وكلمة غفران تعني “يُطلّق بعيدًا” أو “يُلغي دين”. والمسيح لم يجعلنا فقط من رعاياه، بل محا كل دين حتى لا نعود نُستعبد من جديد. وعندما يفحص الشيطان في ملفاتنا فلن يجد لوم أو شكوى أمام الله.
ومعرفة غفران الخطايا ليس عذرًا لارتكابها، بل على العكس هي حافز على الطاعة، ووسيلة لتمتع المؤمن بالنعمة، ولتمكّنه من الدخول في شركة مع الله، فضلاً عن أن الروح غير الغافرة لا تسامح الآخرين (كو3: 13)، وتقود إلى العبودية (مت18: 21-35).