أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مايو السنة 2015
كُفُّوا وَاعْلَمُوا أَنِّي أَنَا اللهُ
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«كُفُّوا وَاعْلَمُوا أَنِّي أَنَا اللهُ» ... يا لها من دعوة من الله نفسه لشعبه الغالي! دعوة للهدوء والسكينة في أوقات الخوف والاضطراب. إنها دعوة مؤسسة على من هو الله في ذاته:

أولاً: هو اللهِ الْعَلِيِّ: «نَهْرٌ سَوَاقِيهِ تُفَرِّحُ مَدِينَةَ اللهِ، مَقْدِسَ مَسَاكِنِ الْعَلِيِّ» (ع٤). وهذا الاسم يُرينا الله - تبارك اسمه – في سياسته مع الأرض:

فاللهِ الْعَلِيِّ هو مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ: «مُبَارَكٌ أَبْرَامُ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ فِي يَدِكَ» (تك١٤: ١٩، ٢٠).

واللهِ الْعَلِيِّ هو الذي قَسَمَ الأرض للأمم: «حِينَ قَسَمَ العَلِيُّ لِلأُمَمِ حِينَ فَرَّقَ بَنِي آدَمَ نَصَبَ تُخُومًا لِشُعُوبٍ حَسَبَ عَدَدِ بَنِي إِسْرَائِيل. إِنَّ قِسْمَ الرَّبِّ هُوَ شَعْبُهُ. يَعْقُوبُ حَبْلُ نَصِيبِهِ» (تث٣٢: ٨، ٩).

وهو الْمُتَسَلِّطُ عَلَى الأُمَمِ «أَنَا نَبُوخَذْنَصَّرُ، رَفَعْتُ عَيْنَيَّ إِلَى السَّمَاءِ ... وَبَارَكْتُ الْعَلِيَّ ... الْحَيَّ إِلَى الأَبَدِ، الَّذِي سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ، وَمَلَكُوتُهُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ ... وَهُوَ يَفْعَلُ كَمَا يَشَاءُ فِي جُنْدِ السَّمَاءِ وَسُكَّانِ الأَرْضِ، وَلاَ يُوجَدُ مَنْ يَمْنَعُ يَدَهُ أَوْ يَقُولُ لَهُ: مَاذَا تَفْعَلُ؟» (دا٤: ٣٤، ٣٥).

إن الإيمان يرفع عينه إلى أعلى، فيرى إلهنا العظيم جالسًا في عرشه، ممسكًا بكل خيوط الأحداث، ومتحكمًا في كل أصحاب القرارات، فيهتف من القلب: «رَفَعَتِ الأَنْهَارُ يَا رَبُّ، رَفَعَتِ الأَنْهَارُ صَوْتَهَا. تَرْفَعُ الأَنْهَارُ عَجِيجَهَا. مِنْ أَصْوَاتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ، مِنْ غِمَارِ أَمْوَاجِ الْبَحْرِ، الرَّبُّ فِي الْعُلَى أَقْدَرُ» (مز٣٩: ٣، ٤).

ثانيًا: هو رَبُّ الْجُنُودِ: «رَبُّ الْجُنُودِ مَعَنَا» (ع٧، ١١). إنه – تبارك اسمه – سَيِّد كل قوة في السماء وعلى الأرض، ويستخدمها لصالح شعبه «اَلرَّبُّ فِي السَّمَاوَاتِ ثَبَّتَ كُرْسِيَّهُ، وَمَمْلَكَتُهُ عَلَى الْكُلِّ تَسُودُ». ومَلاَئِكَتَهُ هم جُنُودِهِ «الْمُقْتَدِرِينَ قُوَّةً، الْفَاعِلِينَ أَمْرَهُ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ كَلاَمِهِ ... جُنُودِهِ، خُدَّامَهُ الْعَامِلِينَ مَرْضَاتَهُ» (مز١٠٣: ٢٠، ٢١).

لقد استخدم الرب الملائكة لإنقاذ أليشع من جيش ملك أرام (٢مل٦: ١٥-١٧)، واستخدم ملاكًا لإخراج بطرس من السجن (أع١٢: ٦-١٠). وهو – له كل المجد – لا يزال يستخدم الملائكة لخدمة قديسيه «أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحًا خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ!» (عب١: ١٤).

ويا للتعزية لنا ونحن نُصغي لقول الرب يسوع: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ» (مت٢٨: ١٨).

ثالثًا: هو إِلَهُ يَعْقُوبَ: «مَلْجَأُنَا إِلَهُ يَعْقُوبَ» (ع٧، ١١). هذا الإله العظيم – بالرغم من كل سلطانه وقدرته – يهتم بكل واحد من شعبه، وبأضعف واحد من خاصته. إن نعمته تُقابل ضعفنا وعجزنا؛ فيعقوب الذي هرب من وجه أخيه، تعامل معه الرب بنعمة غنية، إذ «وَجَدَهُ فِي أَرْضِ قَفْرٍ، وَفِي خَلاءٍ مُسْتَوْحِشٍ خَرِبٍ. أَحَاطَ بِهِ وَلاحَظَهُ وَصَانَهُ كَحَدَقَةِ عَيْنِهِ» (تث٣٢: ١٠). إنه إلهنا القدير الذي ترنم عنه المُرنم قائلاً: «طُوبَى لِمَنْ إِلَهُ يَعْقُوبَ مُعِينُهُ، وَرَجَاؤُهُ عَلَى الرَّبِّ إِلَهِهِ، الصَّانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، الْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا. الْحَافِظِ الأَمَانَةَ إِلَى الأَبَدِ» (مز١٤٦: ٥، ٦). وهو – تبارك اسمه – يدعونا للاستناد الكلي عليه، رغم كل ما فينا وما حولنا، عندئذٍ تمتلئ نفوسنا بالهدوء والطمأنينة.

فريد زكي