إن مقامنا أمام الله لم يعد في الجسد، بل في المسيح. لقد أخذ المسيح كإنسان مكانًا جديدًا؛ مكانًا لم يشغله آدم، سواء في حالة البراءة أو كخاطئ. ولقد أخذ المسيح كإنسان هذا المكان بعد أن أبعد عنا خطايانا مُمجّدًا الله من جهتها، مُتممًا عمل الفداء. ولقد أخذ المسيح هذا المكان الجديد على أساس البر، وصار للإنسان فيه مكانًا جديدًا على ذات الأساس؛ بر الله.
فعندما ينال شخص ما الإحياء، فإنه يختبر ذات حياة المسيح؛ الإنسان الثاني، آدم الأخير. إنه يقبل حكم الله العادل، إذ يُقرّ أنه مائت في آدم الأول، خاضعًا لحق الله الخطير المُعلَّن في الصليب. ثم لا يلبث أن يُختَم بالروح القدس، الذي يُتحِده بالرب الحي المُقام. وهكذا يُصبح إنسانًا في المسيح. إنه لم يعد في الجسد مُنتميًا إلى آدم الأول. كلا. لقد أُغلِق على ذلك في الصليب، حيث انتهت نسبته إلى آدم الأول، ومات عن الخطية مع المسيح مرة واحدة، وهو الآن حيٌّ لله في يسوع المسيح ربنا. إنه ينتمي إلى خليقة جديدة، وله ذات حياة رأس تلك الخليقة الجديدة. وفي الصليب يصل إلى إدانة كاملة لما كان عليه، ويُدرك أن الله طرح تلك الحالة إلى الأبد.
وعبور كل من البحر الأحمر ونهر الأردن في مسيرة شعب الله القديم، يُصور لنا – رمزيًا – الصليب. فبعبوره البحر الأحمر قد خلص الشعب من مصر؛ العالم إلى الأبد. وبعبوره نهر الأردن دخل إلى كنعان. فإذا كان نهر الأردن الممتلئ إلى جميع شطوطه، يُشير إلى قوة الموت، فإن المسيح المُمثَّل في تابوت العهد قد اجتازه فاتحًا الطريق إلى كنعان.
وبينما صارت مياه البحر الأحمر كسور عن يمين الشعب وعن يساره، للعبور إلى الضفة الأخرى، فإنها أصبحت قبرًا للمصريين الذين حاولوا العبور وراء الشعب. وهكذا يختبر المؤمن أنه كان إنسانًا في الجسد، ولكنه أصبح إنسانًا في المسيح.