«لِئَلاَّ يَطْمَعَ فِينَا الشَّيْطَانُ، لأَنَّنَا لاَ نَجْهَلُ أَفْكَارَهُ» (2كو2: 11)
دعوني أحكي لكم قصة تغيير أحد الشبان:
كان ذلك منذ مدة طويلة، عندما كان أحد الشبان هاربًا من وجه الله. كان قد صُدم في حياته بخسارة مادية، ونفسية جسيمة، فانجرف بكل طاقاته وإمكانياته وأهوائه إلى فعل الشر، شاعرًا بلذة حسّية وقتية، يجنيها من الانغماس في الشر وارتكاب الرذيلة، ولكنه لم يشعر أبدًا بفرح حقيقي وسلام عميق، ولو للحظة واحدة. بالعكس، كان يشعر بغصةٍ في حلقهِ دائمة المرار، وخوفٍ ينتابه بين الحين والآخر، فيهرب منه مرة أخرى إلى فعل الشر، لعله يرتشف منه ما يُسكره عن حقيقة ما هو فيه من ضياع. وكان قولُه دائمًا: «بعيدًا عن الخطية ضياعٌ بلا لذة، أما مع الخطية فضياعٌ تصحبه اللذة». كان هذا هو منطقه وطريقة تفكيره، التي بها يُسكّن نفسه التعوبة.
دعاه أحد الإخوة المؤمنين لحضور اجتماع تبشيري، وبعد محاولات كثيرة وافق.
بدأ المتكلّم حديثه بالآية التي في صدر مقالنا (2كو2: 11)، ثم قال: شاهدت ذات يوم قطيعًا من الخنازير يتبعون رجلاً دون انحرافٍ أو مقاومةٍ، وهو يقودهم إلى السلخانة ليذبحهم. تعجبتُ جدًا، فالمعروف أن الخنازير من أكثر الحيوانات صعوبة في قيادتها، فكيف يقودها هو بهذه السهولة والبساطة؟
اقتربت إلى الرجل وسألته عن السر في خضوع الخنازير له واتباعهم إياه بلا مقاومة. أجاب الرجل مبتسمًا: ألا ترى هذه الحقيبة المملوءة بالفول في يدي؟ إن الخنازير تعشق الفول، ولذا فأنا ألقي إليها ببعض حبّات الفول أثناء سيري، وأنا على يقين تام بأنها سوف تتبعني دون مقاومة، فهي لا تعلم إنني إنما أقودها إلى الذبح.
ومن بين جميع الحاضرين، أشار الخادم إلى ذلك الشاب المسكين، قائلاً له: وأنت أيضًا إنما يقودك الشيطان إلى الذبح والهلاك. إنه يعرف كيف يستدرجك ويُلهيك بما تلتذ به وقتيًا. إن حبّاته الصغيرة تستهويك وتسعدك وقتيًا، وستظل تسير وراءه حتى آخر حبة، عندما تفتح الجحيم أبوابها لتدخل أنت، ثم تغلقها خلفك إلى الأبد.
فجأة، ظهرت الصورة على حقيقتها أمام عينيّ ذلك الشاب، فانفتحت عيناه وأدرك ما هو فيه من خطرٍ شديدٍ. وفي مكانه صرخَ صرخةً مرّة في قلبه؛ صرخة لم يسمعها غيرُ الرب، طالبًا منه أن ينقذه من حيلة الشيطان، ومن شِباكهِ، ويستلم قلبه وكيانه ومشاعره، ويخلق منه إنسانًا جديدًا في المسيح.
وهكذا انتقل ذلك الشاب من الموتِ إلى الحياة، ومن الظلمة إلى النور، ومن عبودية إبليس إلى حرية أولاد الله.
وأنت ـ عزيزي القارئ ـ ماذا عنك؟ هل انفتحت عيناك؟
ألا تسلّمه حياتك فتصبح إنسانًا جديدًا في المسيح، وتنجو من ذبحٍ وهلاكٍ أبديَّين؟