في هذه الأيام الصعبة التي تنتشر فيها البطالة والخسارة المادية والتوتر وأمراض المشاعر والتحديات الروحية، نجد الكثير من الناس قلقين أيضًا بشأن علاقاتهم الزوجية التي ضعفت. لكن يجب ألا يشلنا الخوف، بل بالأحرى نتحرك بثقة في الله، لنُحقق أقوى العلاقات في مجتمع ضعيف. لذا دعونا نتأمل بعض أسرار العلاقة الزوجية الصحيحة.
إن الحياة مليئة بالتساؤلات، لكن بالنسبة لنا كمؤمنين - حتى وإن كنا لا نعرف الإجابات - لكننا نعرف من هو الإجابة؛ هو ربنا الغالي يسوع المسيح. لقد سأل الفريسيون والصدوقيون أسئلة خاصة بالضرائب وسلطة الحكومة وسلطان الله والعلاقات الزوجية في المستقبل والقيامة وتأثير الناموس والمحبة في العلاقات (مت٢٢: ١٥-٤٠؛ مر١٢: ١٣-٣٤). وهناك أناس ينتظرون اليوم حلولاً لمشاكلهم من الحكومة والاقتصاد لكنهم يشعرون بالإحباط وخيبة الأمل في كل مرة يقرأون فيها أو يسمعون الأخبار، لذلك لكي نحقق زواجًا صحيحًا في هذه الأوقات العصيبة نحتاج أن نتعرف على هذه الثلاثة الأسرار الموجودة في كلمة الله:
السر الأول
اتكلا على الرب
علينا أن نتكل على مصادر الله وسلطانه. لقد سأل الفريسيون الرب يسوع عن دفع الجزية، وهو الذي كان أثناء خدمته للناس هو الخادم الحقيقى لله. فأجابهم قائلاً: «أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ». (مر١٢: ١٧). كما يذكرنا الرسول بولس: «لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ» (رو١٣: ١).
هناك بعض العلاقات الزوجية التي تضعف لأن أصحابها معتمدين على الحكومة والمجتمع أكثر من اعتمادهم على الله ليُسدد احتياجاتهم. نحن بحاجة إلى الاتكال على الرب لتستقر قلوبنا، وتهدأ أفكارنا، وتُسدد كل طلباتنا (في٤: ٦، ٧، ١٩)، «سِرُّ الرَّبِّ لِخَائِفِيهِ، وَعَهْدُهُ لِتَعْلِيمِهِمْ» (مز٢٥: ١٤).
السر الثاني
عيشا في نور الأبدية
علينا أن نتذكر أن علاقتنا الزوجية هي فقط إلى مجيء المسيح إلينا، أو حتى الموت. لقد سأل الصدوقيون عن العلاقة الزوجية في القيامة لإمرأة كانت قد تزوجت سبع مرات من سبعة إخوة، وماتت أخيرًا دون ابن، «فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَلَيْسَ لِهَذَا تَضِلُّونَ، إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللَّهِ؟ لأَنَّهُمْ مَتَى قَامُوا مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ» (مر١٢: ٢٤، ٢٥)، مؤكدًا لهم حقيقة القيامة وارتباطها بتلك العلاقة الزوجية. من المهم ألا نعتبر وجود الطرف الآخر أمر طبيعي، بل علينا أن نُظهر مشاعرنا تجاهه، ونتبادل الاهتمام والتقدير، وأيضًا علينا أن نمضي وقتًا في قراءة كلمة الله والصلاة معًا، موقنين من استعداد الرب لمعونتنا. علينا أن نقدّر وجود بعضنا البعض، ونطلب المشورة من الله، ونعيش معًا كل يوم في نور الأبدية «أَمَّا سِرُّهُ فَعِنْدَ الْمُسْتَقِيمِينَ» (أم٣: ٣٢).
السر الثالث
دع المحبة تحرككما
يجب أن ندع المحبة - لا القانون - لتكون هي العامل المحرك في حياتنا الزوجية. لقد سأل ناموسي الرب يسوع، الذي هو الملك صاحب كل السلطان، عن الناموس والمحبة كما وردت في الوصية قائلاً: «يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ ... وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ» (مت٢٢: ٣٦، ٣٧، ٣٩).
إن المحبة ليست مجرد مشاعر أو عاطفة بل هي قرار. يجب أن نحب الرب يسوع من كل كياننا؛ لا أن نعطيه الأهمية فقط في حياتنا بل الأولوية، بأن نعطيه دائمًا الصحيح لا المتبقي. ونحن نشكر الله أنه يحبنا بالرغم مما نحن عليه في ذواتنا «فِي هَذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا» (١يو٤: ١٠).
ثم ذكّر الرب يسوع الناموسي أن “يُحِبُّ قَرِيبَه كَنَفْسِه”، وهكذا يجب أن يحب كل منا - ليس فقط ربنا المجيد - بل أيضًا شريك الحياة، مع إنكار ذواتنا. إن القوانين في أية علاقة زوجية تُجفف المحبة، بل وتجرها إلى أسفل. إننا بحاجة إلى المحبة في علاقتنا، واستقرار زواجنا يعتمد على محبتنا وخضوعنا لسلطان كلمة الله: «كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَاءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ. فَإِنَّهُ لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ بَلْ يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ، كَمَا الرَّبُّ أَيْضاً لِلْكَنِيسَةِ» (أف٥: ٢٨، ٢٩).
وربما يعنى هذا أن على كل زوج أن يشعر بألم شريكه. فإذا آلمت أحد حصى في حذائه يحاول نزعها في الحال ليمنع عن نفسه مزيدًا من الألم، وبالمثل عندما يتألم أحد الزوجين فلا بد للطرف الثاني أن يحل القضية ليمنعها من إفساد العلاقة بينهما. إن الماضي لا يمكن أن يتغير لكن يمكن أن يُغفر.
لذلك على شريكي الحياة أن يخدما الرب وبعضهما البعض، ليس لسبب احتياجهما إلى شيء، لكن لسبب محبتهما لبعضهما البعض. وما أعظم ما يقدر الله أن يفعل ليحقق للذين يثقون فيه ويطيعونه علاقة زوجية قوية حتى في أوقات الشدة.