أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مارس السنة 2018
المسيح يعتمد من يوحنا
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللَّهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِياً عَلَيْهِ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً: هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» (مت٣: ١٦، ١٧).

لعله جدير بنا أن نتعاطف مع جهل المعمدان: لماذا يطلب رب المجد منه أن يُعمده؟ ولكن الرب أجابه: «ﭐسْمَحِ الآنَ لأَنَّهُ هَكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرٍّ» (مت٣: ١٥). وماذا يعني الرب بذلك؟ خاصة كلمة «بِنَا»؟ عندما استعمل الرب كلمة «بِنَا» كان يُعبّر عن نعمة قلبه الذي يتوق إلى أن يُوَحِّد نفسه مع جموع المُعمَّدين. كانت تلك معمودية التوبة. ولكن ليس للرب خطية يتوب عنها، ولكنه في غنى نعمته يربط نفسه مع هؤلاء الخطاة. لقد تفاضلت نعمته حتى أنه يعترف بخطاياهم، آخذًا على عاتقه المسؤولية للتكفير عنهم، إذ وضع في قلبه القصد الثابت أن يحمل خطاياهم بذبيحته العظيمة على الجلجثة.

مَنْ يستطيع أن يسبر أغوار أعماق محبته عندما أخذ على عاتقه تلك المسؤولية؟ يقول الرب في لوقا١٢: ٥٠ «وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا وَكَيْفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ؟». بالطبع إن الرب يتكلَّم هنا عن موته فعلاً. لقد وطّد العزم أن يقاسي هذا الموت الكفاري. ولقد كان هذا الموت ماثلاً أمامه، في حياته اليومية، وكان الرب يدرك تمامًا هول العار الذي سيجلله موته به. يا له من مخلص كريم!

وعندما اعتمد فإن السماوات انفتحت، للمرة الأولى في التاريخ، وروح الله ينزل مثل حمامة، ويُسمَع صوت الآب مُعلنًا بوضوح أن: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ». أما والحال هكذا فهل ثمة إمكانية أن يفشل الرب يسوع في إتمام الغرض الذي كَرَّس نفسه له؟ الواقع كلا! لقد سجل الله الآب علانية سروره التام الذي وجده في شخص ابنه، خصوصًا بالارتباط مع عمل الفداء العظيم الذي قصد الابن أن يتممه. لقد سرّ الآب به، وهو وجد سروره في عمل مشيئة الآب.


ل.م. جرانت