أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مارس السنة 2018
أخذكم إليِّ
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

يا لها من تعزية قوية عزَّى بها الرب أحباءه قبل أن يتركهم ويمضـي إلى الصليب ثم بعده إلى بيت الآب.

لقد ملأ الحزن قلوبهم عندما شعروا أنه سيفترق عنهم ولن يروه أيضًا بالجسد على الأرض. لذلك بدأ حديثه بالقول: «لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ»، مؤكدًا أنه سيأتي أيضًا ويأخذهم إليه، حتى حيث يكون هو سيكونون هم أيضًا، ولن يفترقوا عنه مرة أخرى.

ويا لها من مقابلة بديعة بين ذهابه ومجيئه: «أَنَا أَمْضِـي ... وَإِنْ مَضَيْتُ ... آتِي أَيْضًا»، فالأولى أساس الثانية. لقد مضـى عبر الصليب إلى بيت الآب كإنسان، ليضمن لنا حق الدخول باعتباره الإنسان المُمجَّد هناك، ونحن قد ارتبطنا به باعتبارنا جسده وهو الرأس. وقريبًا سيأتي ليجمع خاصته ومفدييه إلى أقرب مكان لشخصه.

والفعل «آخُذُكُمْ إِلَيَّ» يعني الأخذ إلى علاقة حبية وطيدة وحميمة كما يأخذ العريس عروسه لنفسه. وهي نفس الكلمة التي وردت في متى ١: ٢٠ حيث قال الملاك ليوسف: «لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ». فالعبارة التي شجع بها الرب أحباءه تتضمن أسمى أشواق المحبة بين المحب والمحبوبين. وأخذ الرب عروسه إليه سيكون باستخلاصهم وفرزهم من بين الأموات والأحياء عند مجيئه دون أن يُفقد منهم أحدٌ.

وهذا المجيء سيكون حرفيًا ومنظورًا للمؤمنين وليس فقط يدركه الإيمان، والمقابلة ستتم في الهواء، أما العالم فلن يراه في الاختطاف. فالرب سوف ينزل من السماء بهتاف الفرح والنصرة، ومعه رئيس الملائكة، وبوق الله. وعندما يدوي صوت البوق سيُقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغيَّر. سيُحيي أجسادنا المائتة بروحه الساكن فينا، أي سيُدفق الحياة في أجسادنا الترابية القابلة للموت بكيفية مذهلة وسريعة، فيُبتلع المائت من الحياة. وهكذا إذ نلبس صورة السماوي ونكون على صورة جسد مجد المسيح، «سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهَكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ» (١تس٤: ١٧). وسيستعرض الرب قوته في إقامة الراقدين عبر آلاف السنين، بأجساد ممجدة، وتغيير الأحياء بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء. وستُختزل المسافات وملايين السنين الضوئية إلى مجرد لحظة وطرفة عين، لتبدأ أفراح المجد والسعادة الأبدية مع المسيح في بيت الآب، في موطن الخلود، حيث لا الدمع يسيل، لا ولا الموت يسود.

فَيَا كَوْكَبَ الصُّبْحِ مَتَى تَلُوحْ

وَنُورُكَ يُنْهِي الْمَسَاءْ

فَأَكْثَرَ مِمَّنْ يَرْقُبُ الصَّبَاحْ

عُيُونُنَا نَحْوَ السَّمَاءْ

محب نصيف