«أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ
هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ» (يو١٥: ٥)
كم هو لائق أن الكرمة تُعتَّبر رمزًا للمسيح، دونًا عن كل الأشجار. فكثير من الأشجار الأخرى قد تنفع إذا لم تكن مُثمرة، ولكن الكرمة ليست كذلك. فإذا لم تُنتج ثمرًا فهي ليست بذات قيمة.
والآن يثور سؤال: ما هي الدلالة الروحية للثمر؟ ألا نستطيع القول أن الثمر هو استعلان المسيح في المؤمن؟ أو تعبير المؤمن عن المسيح؟
«وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ» (غل٥: ٢٢، ٢٣). ألا يُعبِّر هذا الوصف تعبيرًا جميلاً عن حياة المسيح العطرة على الأرض؟ وهكذا فإذا ظهر هذا الثمر في حياة المؤمن فلن يكون سوى إظهار لحياة المسيح فيه. لقد اختفى المسيح عن مشهد العالم، ولكن قصد الله أن المسيح يُرى شخصيًا في كل مَنْ هم له.
والثمر ليس بالضبط هو ممارسة الموهبة. وليس هو الخدمة أو العمل الصالح. ويُحرضنا الكتاب «لِتَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلرَّبِّ، فِي كُلِّ رِضىً، مُثْمِرِينَ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ» (كو١: ١٠). ورغم أن هذه العبارة تُبرز الارتباط الوثيق بين حَمْل الثمر والعمل الصالح، إلا أنها تُميّز بينهما بكل جلاء. فالأعمال الصالحة ينبغي أن تُمارس كما مارسها المسيح. وحتى إن كانت لصالح الناس إلا أنها – في ذات الوقت – تُعد ثمرًا مقبولاً لدى الله. فإذا كانت الخدمة والعمل في كرم الرب ثمرًا فستكون حكرًا على أصحاب المواهب والقدرات، ولكن الإثمار هو طابع حياة المسيح، لذلك فمن مسؤولية وإمكانية كل مؤمن – من الكبير إلى الصغير – وأيضًا امتياز له، أن يحمل ثمرًا.