«وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ.
وَأَمَّا أَخِيرًا فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ»
(عب12: 11)
قرأت قصة واقعية، حدثت من عشرات السنين، تحكي أحداثها عن امرأة ولدت ابنًا بعيب خلقي، وهو أن عظام قدمه اليمنى بها بعض الالتواء، مما يُصَعِب حركة الطفل. وإذ لاحظت الأم ذلك على طفلها، ما كان منها إلا أن أخذته للطبيب المتخصص آنذاك. فطلب منها الطبيب أن تُلبس ابنها – في قدمه المصابة بالطبع – ما يُشبه حذاءً حديديًا، وأن تُبقيه في قدم طفلها سنة كاملة، مما يكون له أثر طيب على عظام قدمه الغضة. لكنه حذرها من أن تقوم بخلع هذا الحذاء عنه قبل الميعاد المحدد. وبالفعل اتَّبَعت الأم تعليمات الطبيب بحذافيرها. ولأن الحذاء الحديدي ثقيل للغاية، فهو مؤلم بالطبع لطفلٍ صغير، فما كان منه إلا أن أخذ يصرخ ويصرخ طالبًا من الأم أن تنزع عنه هذا الحذاء الثقيل، الذي لا طاقة له به. إلا أن الأم رفضت هذا الطلب بكل إصرار. ويومًا بعد يوم يزداد الطفل صراخًا، والأم على موقفها ثابتة، رافضة الاستجابة لتوسلاته ودموعه. وبعد أن انتهت المدة المحددة، خلعت الأم عن طفلها الحذاء المؤلم، لكن كان قد تحقق القصد المرجو منه، فالعظام الملتوية عادت إلى الوضع الطبيعي، وأصبحت القدم اليمنى سليمة لا تؤلمها الحركة، ولا يوجعها الركض والوثب وقفزات الطفولة.
عزيزي القارئ أيهما كان الأفضل لطفل قصتنا، أن تستجيب الأم لصراخه وتوسلاته وتخلع عنه الحذاء الحديدي، وتريحه من ألم مؤقت، أم أنها تفعل ما فعلته بأن تجاهلت صرخاته؛ إذ كانت تبغي راحته طوال عمره القادم؟
أثق صديقي أنك تشاركني الرأي، أن الأم فعلت الأفضل، بكل تأكيد، حتى وإن كان الطفل لا يعرف ذلك.
عزيزي أليس هذا عينه ما يحدث معك ومعي في أحيان كثيرة، عندما يسمح لنا الإله الحكيم المُحب بجرعات من الألم، لا تستغرق إلا وقتًا محددًا وجيزًا؟ بلى، فكم من مرات صلينا وصرخنا، بكينا وتوسلنا أن يرفع الرب عنَّا ألمًا نعانيه، أو ظروفًا تضغطنا. لكن إلهنا الحكيم رفض الاستجابة لنا وأبقى الألم ليأخذ مجراه.
عزيزي لم يكن الحذاء الحديدي قسوةً، لكنه كان حبًا وعطفًا. وإن كانت ظروفنا تبدو مؤلمة موجعة، إلا أنها سرعان ما تنتهي، وعندئذ نكتشف روعة القلب المحب الحاني، ونعظم حكمةً علت على إدراكنا.
عادل حبيب