أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يونيو السنة 2010
إمراءة لوط - دروس ورموز
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

 

لا نجد في الوحي المقدس أي شيء عن تاريخ امرأة لوط السابق لزواجها، ومن المرجح أنها لم تكن من سكان سدوم وعمورة، بل ربما كانت واحدة من أفراد القافلة التي خرجت من أور الكلدانيين: تارح وإبراهيم وسارة ولوط، وفي هذه الحالة تكون قد خرجت تنشد غاية من أعظم الغايات التي وُضعت أمام الإنسان على الأرض. وربما هي سمعت من إبراهيم عن الدعوة الإلهية والرؤيا السماوية، وكان لها شركة مع سارةَ، سمعت من خلالها عن المبادئ السماوية والمواعيد الإلهية، واشتركت كواحدة من العائلة في رؤية الذبائح والمحرقات التي أصعدها إبراهيم لله على المذبح في كنعان، هذا إلى جانب أنها رأت أول معجزة في الكتاب المقدس؛ معجزة ضرب الملاكين لرجال سدوم بالعمى (تك19: 11)، لكن بالرغم من هذا كله هلكت.

من هذه الزاوية، تُعتبر امرأة لوط أصل الصورة لكل إنسان حباه الله بأعظم الامتيازات الروحية، ووفرة الظروف الإيجابية، فيتأثر بها جدًا، ويسير بمقتضاها فترةً، ثم لا يلبث فيرتد عنها، مُنجذبًا وراء غرور الغنى الفاني والشهرة العالمية الزائلةهذه كانت عثرة الشاب الغني الذي تأثر كثيرًا في بادئ الأمر، وركض إلى الرب يسوع في صورة من أعظم صور الركض، لكن في آخر الأمر تحول عن الرب ومضى حزينًا، لأن محبته لأمواله الكثيرة كانت الصخرة التي تحطم عليها كل تأثره السابق، والهوة السحيقة التي حالت بينه وبين البركة العظمى التي كانت في متناول يده، وأقرب ما يمكن من قلبه، ألا وهي خلاص نفسه.

تمثل امرأة لوط كثيرين في هذه الأيام ممن يسيرون على نهجها، يقيسون الحياة بمقاييس مادية بحتة. من جانب كل تفكيرهم في البيت العصري والسيارة الحديثة والرصيد الوفير ووسائل الترف والترفيه، ومن الجانب الآخر لا شأن لهم بالأمور الروحية والمبادئ الإلهية، طالما لا تمدهم باللقمة الدسمة والفراش الناعم والحياة الوثيرةيركضون إلى سدومالعالم الحاضر الشريروهم لا يدرون أن الثمن باهظ ومُكلِّف، وتعويضه مستحيلالوقت الثمين، والراحة الجميلة، والسلام العميق، وخلاص النفس الأبدي، هذه اللآلئ التي لا تقدر بثمن، يضحون بها، في سبيل تمتع وقتي زائل.

هؤلاء عقولهم لا تفكر في أي مبدأ إلهي، وقلوبهم لا ترتجف من أية خطية تُرتكب، ومشاعرهم لا تهتز من أية رزيلة تُعملفامرأة لوط لم يكن لديها أي تقدير للإله الحي، ولا أي اهتمام للخيمة والمذبح، ولا تحرك لمشاعرها وهي ترى زوجها مغلوبًا من سيرة الأردياء في الدعارة، وفي لا مبالاة غريبة لم يكن لديها أي مانع في أن ترتبط بناتها بأشر أشرار الأرض على الإطلاق، ما دام لهم من الشهرة والغنى نصيب. وبالإجمال ليس بغريب عندها أن تأكل وتشرب وتعيش، في مجتمع شهد الله عنه «وَكَانَ أَهْلُ سَدُومَ أَشْرَارًا وَخُطَاةً لَدَى الرَّبِّ جِدًّا» ( تك13:13 ).

هؤلاء يكاد يكون الأمل معدومًا في توبتهم وعودتهم إلى الله من العالم (مع أننا نؤمن انه لا يستحيل على الرب شيء)، وينطبق عليهم ما قاله بطرس بالوحي «لأَنَّهُ إِذَا كَانُوا، بَعْدَمَا هَرَبُوا مِنْ نَجَاسَاتِ الْعَالَمِ، بِمَعْرِفَةِ الرَّبِّ وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، يَرْتَبِكُونَ أَيْضًا فِيهَا، فَيَنْغَلِبُونَ، فَقَدْ صَارَتْ لَهُمُ الأَوَاخِرُ أَشَرَّ مِنَ الأَوَائِلِلأَنَّهُ كَانَ خَيْرًا لَهُمْ لَوْ لَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقَ الْبِرِّ، مِنْ أَنَّهُمْ بَعْدَمَا عَرَفُوا، يَرْتَدُّونَ عَنِ الْوَصِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ الْمُسَلَّمَةِ لَهُمْ» (2بط 20:2-21).

كان التنبيه المُشدد من الملاكين، للوط وامرأته «اهْرُبْ لِحَيَاتِكَ. لاَ تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ، وَلاَ تَقِفْ فِي كُلِّ الدَّائِرَةِ. اهْرُبْ إِلَى الْجَبَلِ لِئَلَّا تَهْلَِكَ» (تك19: 17)؛ ثلاث كلمات واضحة محذرة: “اهرب لا تنظر لا تقف، سمعتها المرأة ووعت الكلمات جيدًا، لكنها سمعت التحذير إلى حين، ثم ما لبثت فوقفت ونظرت إلى ورائهافي حماقةٍ شديدةٍ لم تصدق ما قاله الملاكان «لأَنَّنَا مُهْلِكَانِ هَذَا الْمَكَانَ» (تك19: 13)، وفي غباء رهيب عصت التحذير «لاَ تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ».

أيها الأحباء: إن عدم الإيمان والعصيان خطيتان متلازمتان، بسببهما لم يدخل الشعب الذي خرج من أرض مصر كنعان بل سقطت جثثهم في القفر «وَحِينَ أَرْسَلكُمُ الرَّبُّ مِنْ قَادِشَ بَرْنِيعَ قَائِلاً: اصْعَدُوا امْتَلِكُوا الأَرْضَ التِي أَعْطَيْتُكُمْ، عَصَيْتُمْ قَوْل الرَّبِّ إِلهِكُمْ، وَلمْ تُصَدِّقُوهُ وَلمْ تَسْمَعُوا لِقَوْلِهِ» (تث9: 23)، و«إِنَّ جَمِيعَ الرِّجَالِ الذِينَ رَأُوا مَجْدِي وَآيَاتِي التِي عَمِلتُهَا فِي مِصْرَ وَفِي البَرِّيَّةِ، وَجَرَّبُونِي الآنَ عَشَرَ مَرَّاتٍ وَلمْ يَسْمَعُوا لِقَوْلِي، لنْ يَرُوا الأَرْضَ التِي حَلفْتُ لِآبَائِهِمْوَجَمِيعُ الذِينَ أَهَانُونِي لا يَرُونَهَا» (عد22:14-23).

هذه الخطية أيضًا كان العبرانيين عرضةً أن يسقطوا فيها، لذلك كتب إليهم الرسول محذرَا «اُنْظُرُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ لاَ يَكُونَ فِي أَحَدِكُمْ قَلْبٌ شِرِّيرٌ بِعَدَمِ إِيمَانٍ فِي الاِرْتِدَادِ عَنِ اللهِ الْحَيِّ ... إِذْ قِيلَ: الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي الإِسْخَاطِفَمَنْ هُمُ الَّذِينَ إِذْ سَمِعُوا أَسْخَطُوا؟ أَلَيْسَ جَمِيعُ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ مِصْرَ بِوَاسِطَةِ مُوسَى؟ وَمَنْ مَقَتَ أَرْبَعِينَ سَنَةً؟ أَلَيْسَ الَّذِينَ أَخْطَأُوا، الَّذِينَ جُثَثُهُمْ سَقَطَتْ فِي الْقَفْرِ؟ وَلِمَنْ أَقْسَمَ لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتَهُ، إِلاَّ لِلَّذِينَ لَمْ يُطِيعُوا؟ فَنَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا لِعَدَمِ الإِيمَانِ» (عب3: 12-19). 

يقول الكتاب المقدس «وَنَظَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ!» (تك 19: 26 ). وفي التاريخ البشري القديم أو الحديث هناك مئات النصب التذكارية، والتي تحكي ما لا ينتهي عن البطولات والصراعات والمغامرات بين بني البشر، هذا مع ما يشوب أغلبها بالغفلة أو الزيف والرياء، إلا أن نصب امرأة لوط تُعتبر الأقدم والأغرب والأصدق.

الأقــدم: لأنها من ألفي عام قبل الميلاد (أي من أربع آلاف عام) وُجدت هذه النصب التذكارية بين سدوم وعمورة وبين صور، على مشارف البحر الميت.

الأغرب: لأنها لم تُشيَّد بأيدي البشر، لكنها كانت نتيجة غضب الله الذي فيه تحول جسد امرأة إلى عمود ملح.

الأصدق: لأنها عِبرة مُحذرة من الله للبشر جميعًا، والتي قال عنها الرب يسوع «اُذْكُرُوا امْرَأَةَ لُوطٍ!» (لو17: 32).

ونهاية سدوم وعمورة، وهلاك امرأة لوط، لنا فيه من الدروس المحذرة الكثير:

(1) سدوم وعمورة بإغراءاتها ومناظرها الخادعة هي صورة لهذا العالم الحاضر الشرير، مَن التصق به يأخذ حتمًا من ضرباته، لذلك يقول الكتاب المقدس: «لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِإِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ» (1يو2: 15).

(2) هلاك سدوم وعمورة بالكبريت والنار، وصعود دخانها كدخان الأتون، كان عقابًا لخطية الإنسان وفجوره، وعِبرة للعتيدين أن يفجروا، وإنذارًا مُحذرًا للذين يذهبون وراء الجسد في شهوة النجاسة المستهينين الجسورين، المُعجبين بأنفسهم «كَمَا أَنَّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَالْمُدُنَ الَّتِي حَوْلَهُمَا، إِذْ زَنَتْ عَلَى طَرِيقٍ مِثْلِهِمَا، وَمَضَتْ وَرَاءَ جَسَدٍ آخَرَ، جُعِلَتْ عِبْرَةً، مُكَابِدَةً عِقَابَ نَارٍ أَبَدِيَّةٍ» (يه7).

(3) نهاية سدوم وعمورة المأساوية مع كل مدن الدائرة هي صورة مُصغرة لنهاية هذا العالم الحاضر الشرير عند مجيء ابن الإنسان الذي أصبح قريبًا! «كَذَلِكَ أَيْضًا كَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ لُوطٍ: كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُونَوَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي فِيهِ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُومَ، أَمْطَرَ نَارًا وَكِبْرِيتًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَ الْجَمِيعَهَكَذَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يُظْهَرُ ابْنُ الإِنْسَانِ» (لو17: 28- 30).

(4) البحث عن الشهرة والمجد العالمي لهو من أشد وأقسى الضربات الموجعة والتي يخسر فيها الإنسان سلامه وكرامته وحياته، وربما تصل أخيرًا إلى خسارة نفسه «لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟» (مر8: 36).

(5) الطمع من أشد الرذائل الذي إذا سيطر على النفس لا يبقى وحده ولكن يجر معه الكثير من الرذائل الرديئة الأخرى: المرارة والحسد، العداوة والخصام، الكذب والخداعولقد صدق الكتاب حين ربط بين الطمع وعبادة الأوثان، فقال: «الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ» (كو3: 5)، و«أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الأَصْنَامِ» (1يو5: 21). ولقد صدق المَثَل القائل أيضًاالطماع يفقد الكل“.

(6) مقياس الحياة الحقيقية ليس بكَّم الأموال، ولا في مقدار الرفاهيةفيُسر الحال وتنعم الحياة غالبًا ما يقودان الإنسان بعيدًا عن الله «لأَنَّ دُخُولَ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!» (لو18: 25)، و«لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ» (1تي6: 10). لكن جمال وروعة الحياة هي في العلاقة مع الله، والمتعة الحقيقية هي في رضاه.

(7) النظر إلى الخلف والحنين إلى الماضي هو أقسى التجارب المُرّة وأشدها تدميرًا على الإنسان.   أخرج الملاكان لوط وامرأته من سدوم وعمورة، لكنهما لم يستطيعا أن يُخرجا سدوم وعمورة من قلب المرأةمن الجائز جدًا أنها تساءلت في داخلها: ”أ لم نكن متعجلين في خروجنا من سدوم؟ وهل هلاكها شيء أكيد؟وبين التساؤل والتشكيك في التحذير، وبين الحنين إلى الماضي القديم، تطلعت إلى الوراء «فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ!» (تك19: 26).

قال أحدهم: كان في إحدى الكنائس مؤمن تقي فاضل، مشهود له من الجميع بالشركة مع الله وحياة التكريسلكنه ذات مرة رأوه ساقطًا مخمورًا في الطريق، فتعجبوا قائلين: كيف يصل ذلك الرجل لهذه الحالة؟ وبعد فترة عرفوا شيئًا غريبًا وعجيبًا، أن الرجل وهو في طريقه إلى الكنيسة تعوَّد أن يربط جواده على مقربة من الحانة القديمة التي كان يشرب فيها الخمر قبل أن يتغير حاله وتُصلَح حياتهفكان المكان القريب من الماضي الأثيم مصيدته الرهيبة التي أخذ في براثنها.

نحن لا نحتاج للذهاب للبحر الميت لنرى فيه نصب امرأة لوط الرهيب لكي نأخذ العبرة ونعي التحذير، لأننا نراه منتصبًا في أي مكان وأي زمان، في صورة كل إنسان ميَّزته رحمة الله وعنايته بظروف زمنية مُيسرة ووسط ديني حسن، ملئ بالامتيازات الروحية، فيتعلق بها في بادئ الأمر ويسير بمقتضاها فترة، ثم ما يلبث أن يتحول عنها ويذهب بعيدًا وراء غرور الغنى وشهوات سائر الأشياء، ثم ينتهي أخيرًا خالي الوفاض ومحطم الآمال، مدمر الحياة وفاقد الخلاص.

«نَظَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ!» ... كانت لحظات عصيبةً ومُرعبةً، والصراع فيها كان رهيبًا، تلك اللحظات التي لم يجد فيها لوط زوجته تسير بجانبه، فمن ناحية كان يريد أن ينظر ليراها، أو يعرف ما الذي أصابها، ومن الناحية الأخرى كان يعي التحذير جيدًا «اهْرُبْ لِحَيَاتِكَ. لاَ تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ، وَلاَ تَقِفْ فِي كُلِّ الدَّائِرَةِ. اهْرُبْ إِلَى الْجَبَلِ لِئَلاَّ تَهْلَِكَ» ، فلم يستطيع أن ينظر إليها حتى مجرد نظرة الوداع.

آه كم أنت قاسٍ أيها العالم الشرير، شباكك كثيرة، وجاذبيتك رهيبة، وخداعك بلا حدود، لديك من الأشياء ألوان وأشكال وأصناف، وما من إنسان مؤمن أو خاطئ لديه حصانة في ذاته من خداعك، تعرف كيف تصطاد النفس البشرية الكريمة كما يصطاد الذئب الفريسة، فإذا ما طلب الانسان الشهرة الفانية، قدمته له، وإذا ما أراد المجد الزائل أسرعت به له، إذا ما اشتهى الغنى الغير يقيني، أكثرت منه، في عطائك خداع كبير، وفى قساوتك مدمر فظيع، الخُلق الجميلة تُفسد، والمشاعر النبيلة تُحطم، والنفس الغالية تُهلك. وهذا كله لان الشيطان الكذاب والقتال مؤسسك.

خسرت امرأة لوط الراحة والهدوء، الأولاد والأصهار، الشهرة والنفوذ، الثروة وكل الممتلكات، على أن أقسى كل هذه الخسائر الفادحة، هي خسارة الحياة وخلاص النفس، فطالما استطاع الإنسان أن يعوض على المدى القريب أو البعيد، كل خسارة مادية، لكنه يعجز تمامًا عن تعويض خسارة النفس الضائعة في الحياة الحاضرة والعتيدة أيضًا.

أيها الأحباء مرة أخرى، علينا أن نتذكر امرأة لوط، المرأة التي سارت رحلة من أعظم رحلات الإنسان على الأرض، وعاصرت إبراهيم خليل الله، وسمعت عن الدعوة والوعد، ورأت الذبائح والمحرقات، لكنها أخيرًا فضَّلت سدوم (العالم)على كنعان (السماويات)، فلم تدخل إلى سدوم لتسكن فيها فحسب، بل دخلت سدوم بأكملها في قلبها، فأصبحت هي وسدوم شيئًا واحدًا في الطابع والمصير.

شنودة راسم

شنوده راسم