إن مجرد ذكر هذا العنوان يجعل البعض يستنتج أننا نفكر في كيف نمنع الحروب، أو كيف نوقف التجارب الذرية، أو كيف نرفع مستوى المعيشة ليصبح كل فرد على درجة كبيرة من الرفاهية. ولكن ولا واحدة من هذه تدخل في نطاق مشكلة العالم العظمى. إن مشكلة العالم العظمى هي “الخطية” لعلك تقول: كيف تكون هذه هي مشكلة العالم العظمى؟
إن الخطية هي الفاصل بين السعادة والشقاء، بين الحرية والعبودية، بين السماء وجهنم. لو استطعت أن تحل مشكلة الخطية، فإن كل مشقات هذا العالم تتحول إلى بهجة. إن الكتاب المقدس ليس فقط يكشف عن ماهية الخطية، ولكنه أيضًا يحل هذه المشكلة. ولنسأل الآن أسئلة قليلة، ونحاول على قدر الإمكان أن نعطي الإجابة عنها.
ما هي الخطية؟ إن الخطية يا صديقي ليست شيئًا تعمله فقط، ولكنها شيء تُولد به. الخطية هي نشاط لينبوع داخل قلبك يجعلك تعصى الله، وتتمرد عليه، وتقترف أفعالاً شريرة ضده ـ مثل الكذب والسرقة والغش والكراهية. هذا يبين أنه يوجد جذر أو أصل للخطية يدفع الناس لأن يتصرفوا بهذه الطريقة.
ولكن من أين أتت الخطية؟ لقد قلنا الآن “إنك ولدت بها”. وهذا الأصل أو الينبوع للخطية هو في داخل القلب. ولكن متى؟ يعطينا الكتاب المقدس الإجابة الوحيدة على هذا السؤال. خلق الله الإنسان على صورته، وأعطاه حرية الاختيار. واختار الإنسان عصيان الله. فنتج عن هذا أن تغيَّرت طبيعة الإنسان، وأصبح فاسدًا أدبيًا، وفقد براءته الأصلية، وأصبح عاجزًا عن فعل الصلاح، وانفصل الإنسان عن الله، ويا للأسف! وعندما ولد أولادًا، وُلدوا هم أيضًا وهذا الأصل في قلوبهم. وبما أن كل الناس على هذه الأرض هم سلالة الأبوين الأولين، فيتبع هذا أن الخطية موجودة في كل قلب بشري. الخطية لا تحابي الأشخاص، ولا تحابي السن. فكل شخص، في كل أمة، وفي كل جيل قد ورث الخطية، ولا يمكنه الهروب منها. وليست الخطية فقط في القلب، ولكنها أيضًا تغزو كل فكر وكل عاطفة، وقد استعبدت الإرادة (انظر تك6: 5؛ مز14: 2، 3؛ 51: 5). لا يهم مظهر الناس الخارجي، فالخطية بالداخل أشد فتكًا من الداء الوبيل، وأكثر خطرًا واستشراء من السم القاتل. الخطية تحط بقوى النفس وإمكانياتها، وتحكم بالهلاك على كل خاطئ إذ تجعل منا كاسرين لناموس الله. وهكذا تجعلنا مُذنبين، مستحقين القصاص من الله، وتفصلنا عن الله تمامًا. وانفصال كهذا هو الموت الروحي (انظر أف3: 1-4). أما الموت الجسماني فما هو إلا انفصال النفس عن الجسد.
السؤال المتبقي لنا هو: “ما هو الحل لمشكلة الخطية؟”. لقد كلَّف هذا الحل الله كثيرًا، ولكنه لم يكلف الإنسان شيئًا. «هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية» (يو3: 16). فالمسيح «يقدر أن يخلِّص أيضًا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله، إذ هو حيٌ في كل حين ليشفع فيهم» (عب7: 25). «لأنكم بالنعمة مُخلَّصون بالإيمان. وذلك ليس منكم، هو عطية الله» (أف2: 8، 9). «الذي يؤمن به لا يُدان، والذي لا يؤمن قد دين. لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد» (يو3: 18).
إن أشقى الخطاة وأكثرهم بؤسًا يمكنه أن يصير ابنًا لله، بنفس السهولة وبنفس الطريقة التي بها أكثر الناس تأدبًا على هذه الأرض ـ يصيروا أولادًا لله. «إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله» (رو3: 23). «آمن بالرب يسوع المسيح، فتخلص» (أع16: 31).
ولعلك تتساءل: إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يؤمن بالرب يسوع ويخلص سوى القليلين؟ نعم. إن كثيرين لا يؤمنون لأن الإنسان مليء بالكبرياء ولا يريد أن يعترف بأنه خاطئ هالك، وبأنه لا يمكنه أن يخلص إلا عن طريق عمل شخص آخر قدم نفسه ذبيحة عن خطاياه.
أيها الصديق: هل تقبل هذا المخلِّص، وهكذا تُحل مشكلة الخطية في حياتك؟ أم أنك تتمسك بكبريائك وترفضه لأنك لا تريد أن تقبل منه الخلاص كهبة مجانية ـ هبة اشتراها لك بدمه الكريم؟