«غَيْرَ أَنَّ الشَّعْبَ السَّاكِنَ فِي الأَرْضِ مُعْتَزٌّ، وَالمُدُنُ حَصِينَةٌ عَظِيمَةٌ جِدًّا ... وَقَدْ رَأَيْنَا هُنَاكَ الجَبَابِرَةَ، بَنِي عَنَاقٍ مِنَ الجَبَابِرَةِ. فَكُنَّا فِي أَعْيُنِنَا كَالجَرَادِ، وَهَكَذَا كُنَّا فِي أَعْيُنِهِمْ» (عد ١٣: ٢٨، ٣٣)
اعترف الجواسيس أن الأرض التي صعدوا ليتجسسوها تفيض لبنًا وعسلاً، ولكن بدر تخوّف من جانبهم. لماذا؟ لأنهم لم يكونوا يثقون في الله. لقد رأوا فقط الحصون والعمالقة. إنهم لم يروا يهوه في قدرته، لأنهم كانوا ينظرون بعيني المشاعر الطبيعية لا بعيني الإيمان. لقد استبعدوا الله من حسابهم، إذ لم يكن ثمة مكان له في حسبانهم، وتصرفوا وفقًا لحساب عدم الإيمان. لقد رأوا فقط الحصون والعمالقة، ولكن الإيمان يُعوّل على الله ويثق فيه.
لقد أفاض الجواسيس في شرح كيف بدوا في أعين أنفسهم، وفي أعين هؤلاء العمالقة، ولكننا لا نجد كلمة عن وضعهم في عيني الله. لقد حال عدم الإيمان دون دخول إسرائيل أرض الموعد وردهم إلى البرية ليتوهوا فيها لمدة أربعين سنة.
والآن لنذكر أن هذه الأمور إنما «كُتِبَتْ لإِنْذَارِنَا» (١كو ١٠: ١١). إن غرض الروح القدس من وضع هذه الحادثة أمامنا هو أن نتشجع لنضع ثقتنا في المسيح، وأن نعيش حياة ملؤها الإيمان. وإذا تيقنا من ثبات الأساس الذي نبني عليه؛ أعني: دم المسيح، فمن امتيازنا أن نتقدم لنعيش حياة النصرة على الخطية الساكنة فينا. وليس ذلك فحسب، بل من امتيازنا أن نعيش حياة اختبارية سامية تنبع من شركة دائمة مع المسيح. فمن الناحية الواحدة نحن نعرف أن خطايانا قد محاها دم المسيح، ومن الناحية الأخرى نحن نوقن أنه كسر وأبطل قوة الخطية الساكنة فينا. وإن امتيازنا السامي هو أن نعيش حياة شركة دائمة غير متقطعة معه.
إن غرض العدو هو أن يحفظنا مشغولين بذواتنا، وبما قد يواجهنا من صعوبات في الطريق. ولكن الحل بسيط للغاية؛ أعني: الإيمان! الإيمان! الإيمان!