يا لها من حقيقة رائعة تعزي القلب، وتشجع النفس: إن الرب لا يمكن أن يتغير أبدًا، مكتوب عنه: «الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ» (يع1: 17)، بل لقد قال الرب عن نفسه: «لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ، فَأَنْتُمْ يَا بَنِي يَعْقُوبَ لَمْ تَفْنُوا» (ملا3: 6).
كثيرًا ما يتغيَّر البشر. وكم نتألم مما يطرأ من تغيير على القريب والحبيب، الصديق والرفيق، عندما لم تَعُد المحبة كما كانت، ولا الأمانة أيضًا ولا الوفاء، عندما نُصدم فيمن وثقنا فيهم كل الثقة، ونُجرح مِمَنْ أحببناهم كل المحبة؛ تَتَغَيَّر قلوبهم فتتغير مواقفهم، تتغير دواخلهم فتختلف تصرفاتهم.
في الكتاب المقدس نقرأ عن أبطال وأفاضل تغيَّرت مواقفهم في بعض الأحوال: فموسى مع أنه كان أكثر الناس حُلمًا، لكنه في موقف ما، لم يظل كذلك، فنفذ صبره وفرَط بشفتيه، وضرب الصخرة بدل أن يكلمها (عدد20: 6-13)، لا بل ومع أنه كثيرًا ما احتمل وتحَّمل شعب إسرائيل، إلا انه في وقت ما ضاق بحملهم فقال للرب: «لِمَاذَا أَسَأْتَ إِلى عَبْدِكَ؟ وَلِمَاذَا لمْ أَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى إنَّكَ وَضَعْتَ ثِقْل جَمِيعِ هَذَا الشَّعْبِ عَليَّ؟ أَلعَلِّي حَبِلتُ بِجَمِيعِ هَذَا الشَّعْبِ؟ أَوْ لعَلِّي وَلدْتُهُ، حَتَّى تَقُول لِي احْمِلهُ فِي حِضْنِكَ كَمَا يَحْمِلُ المُرَبِّي الرَّضِيعَ، إِلى الأَرْضِ التِي حَلفْتَ لآبَائِهِ؟ ... لا أَقْدِرُ أَنَا وَحْدِي أَنْ أَحْمِل جَمِيعَ هَذَا الشَّعْبِ لأَنَّهُ ثَقِيلٌ عَليَّ. فَإِنْ كُنْتَ تَفْعَلُ بِي هَكَذَا، فَاقْتُلنِي قَتْلاً إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ، فَلا أَرَى بَلِيَّتِي» (عدد11: 11-15).
وداود أيضًا تغيَّر موقفه تجاه مفيبوشث بن يوناثان؛ فبعد أن ردَّ إليه جميع حقول شاول أبيه، عاد وأمر بأن يقتسمها مع صيبا الكذاب؛ إذ صَّدق وشاية صيبا عليه (2صم9: 7؛ 19: 24-30).
فلقد تغيَّر موسى من جهة حُلمه تارة، ومن جهة احتماله تارة أخرى، وتغيَّر داود من جهة العطاء، لكن ربنا المعبود الكريم لا يمكن أن يتغير أبدًا؛ فمن جهة خطايانا موقفه ثابت راسخ، ولا يمكن أن يندم على ما قد اجزله لنا «لأَنَّ هِبَاتِ اللهِ وَدَعْوَتَهُ هِيَ بِلاَ نَدَامَةٍ» (رو11: 29).
كم اختبرنا أن ربنا يسوع الحبيب دائمًا طويل الروح ورؤوف! نتغير نحن كيفما نتغير، ونضعُف كيفما نضعُف، لكنه أبدًا لا يتغير؛ يحملنا ويتحملنا، لم ينفد صبره أبدًا. بحق إنه «إِلهُ أَمَانَةٍ لا جَوْرَ فِيهِ» (تث32: 4)، لن يتغير قلبه أبدًا، ولن يضعُف حبه لنا مطلقًا، وسنبقى دائمًا لديه بذات الغلاوة والقيمة والإعزاز.
صديقي لا تضع قلبك على البشر، ولا تُعَوِّل على الإنسان، يكفينا المسيح فهو مُحب ألزق من الأخ (أم18: 24)، هو من قيل عنه: «يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ» (عب13: 8).
أمس واليوم وإلى الأبد يسوع يدوم كل شيء يتغيَّر يسوع يدوم
مجدًا لاسمه ... مجدًا لاسمــــــــــــه كل شيىء يتغير يسوع يدوم