أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد سبتمبر السنة 2015
أَلْيَاشِيبُ الْكَاهِنُ الْعَظِيمُ
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«وَقَامَ أَلْيَاشِيبُ الْكَاهِنُ الْعَظِيمُ وَإِخْوَتُهُ الْكَهَنَةُ وَبَنُوا بَابَ الضَّأْنِ» (نح٣١)

بداية وانتصار

كان عملاً عظيمًا ذلك الذي قام به أَلْيَاشِيبُ الكاهن العظيم وإخوته، عندما بدأوا ببناء باب الضأن، خلال نهضة نحميا لبناء سور أورشليم. إنه لمن الرائع أن نجد أن أول من قام بالبناء هو الكاهن العظيم قَبْل كل إخوته، فَمن يُعتبرون قادة في وسط الجماعة عليهم أن يبدأوا بأنفسهم أولاً في حياة القداسة والتكريس وخدمة الرب، فهم قدوة لشعب الرب. وما أروع البدء بباب الضَّأن الذي كانت تُدخل منه الخراف لأورشليم، استعدادً للفصح، وهو يُكلّمنا عن صليب المسيح. وما أحلاها وأجلها خدمة تلك التي تبدأ وتنطلق من عند الصليب!

نوم وانحدار

على أن أَلْيَاشِيب هذا الذي بدأ حسنًا، للأسف لم يُكمّل حسنًا. ففي الوقت الذي استمر بناء السور، وكانت كل عائلة وكل بيت يُرمّم أمام بيته، لم نسمع عن أَلْيَاشِيب أنه رمَّم أمام بيته. بل نقرأ: «وَبَعْدَهُ رَمَّمَ بِعَزْمٍ بَارُوخُ بْنُ زَبَّايَ قِسْمًا ثَانِيًا، مِنَ الزَّاوِيَةِ إِلَى مَدْخَلِ بَيْتِ أَلْيَاشِيبَ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ. وَبَعْدَهُ رَمَّمَ مَرِيمُوثُ بْنُ أُورِيَّا بْنِ هَقُّوصَ قِسْمًا ثَانِيًا، مِنْ مَدْخَلِ بَيْتِ أَلْيَاشِيبَ إِلَى نِهَايَةِ بَيْتِ أَلْيَاشِيبَ» (نح٣: ٢٠، ٢١). السور يُكلّمنا عن الانفصال عن العالم. فيا للرخاوة! ويا للنعاس! أين أَلْيَاشِيب القدوة والمقدام؟ لماذا لم يقم ببناء السور أمام بيته، وتركه لجاريه اليمين واليسار ليقوما بالعمل مكانه؟! لماذا لم يُمارس الانفصال عن العالم ومبادئه؟! إنه النوم الروحي يا صديقي، والذي يُؤدي إلى الانهيار.

عارٌ وانهيار

مع كل أسف، أَلْيَاشِيبُ الذي بدأ حسنًا كقدوة ببناء باب الضَّأن - في نومه ونعاسه الروحي - لم يهتم ببناء السور مقابل بيته، فلم يمارس انفصاله عن العالم، فنقرأ عن النتيجة المرة «وَقَبْلَ هَذَا كَانَ أَلْيَاشِيبُ الْكَاهِنُ الْمُقَامُ عَلَى مِخْدَعِ بَيْتِ إِلَهِنَا قَرَابَةُ طُوبِيَّا قَدْ هَيَّأَ لَهُ مِخْدَعًا عَظِيمًا حَيْثُ كَانُوا سَابِقًا يَضَعُونَ التَّقْدِمَاتِ وَالْبَخُورَ وَالآنِيَةَ، وَعُشْرَ الْقَمْحِ وَالْخَمْرِ وَالزَّيْتِ، فَرِيضَةَ اللاَّوِيِّينَ وَالْمُغَنِّينَ وَالْبَوَّابِينَ، وَرَفِيعَةَ الْكَهَنَةِ ... وَكَانَ وَاحِدٌ مِنْ بَنِي يُويَادَاعَ بْنِ أَلْيَاشِيبَ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ صِهْرًا لِسَنْبَلَّطَ الْحُورُونِيِّ» (نح١٣: ٤، ٥، ٢٨). يا للعار! هل يصل بك الانحدار إلى هذه الدرجة يا أَلْيَاشِيبُ؟! هل هان عليك بيت الرب فهيأت فيه لطُوبِيَّا الْعَبْدُ الْعَمُّونِيُّ مخدعًا عظيمًا؟! وهل هان عليك شعب الرب فنجسته بتزويج حفيدك من بنات لِسَنْبَلَّطَ الْحُورُونِيِّ ؟! ألم تعلم أن سَنْبَلَّط الْحُورُونِيُّ وَطُوبِيَّا الْعَمُّونِيُّ وَجَشَمٌ الْعَرَبِيُّ هم ألد أعداء لنحميا ولشعب الرب؟

هذه هي النتيجة الحتمية عزيزي القارئ للنعاس الروحي، فبعدم انفصالنا عن العالم يدخل طُوبِيَّا الْعَمُّونِيُّ الذي يُمثل الجسد ويدنس بيت الرب، ويدخل سَنْبَلَّط الْحُورُونِيُّ الذي يمثل الشيطان ويدنس ميراث الرب. ليت الرب يحفظنا كَجَنَّةٌ مُغْلَقَةٌ، عَيْنٌ مُقْفَلَةٌ، يَنْبُوعٌ مَخْتُومٌ (نش٤: ١٢).


عياد ظريف