أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يناير السنة 2013
دراسات عن الروح القدس - دراسات عن الروح القدس
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
الروح القدس في رسالتي تيموثاوس الثانية ورسالة تيطس

في الرسالة الثانية إلى تيموثاوس، يُقدِّم الرسول بولس كلمة نافعة جدًا «لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ» (2تي1: 7).  وإني أعتقد أن تيموثاوس شعر بوجود صعوبات عظيمة ومُريعة عليه أن يواجهها.  إن جميع المسيحيين الذين في أَسِيَّا قد تحوَّلوا عن الرسول بولس، وعن الحق السماوي، وهو بلا شك قد شعر بهذا.  وكان مُعرّضًا لليأس والوهن، لذلك فإن روح الله – بواسطة بولس – يُذكّره بطبيعته المُميَّزة في مثل هذا اليوم من الصعوبات، حينما يقول: «لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ».  هذه هي الأشياء التي يملأ بها الروح القدس قلب المسيحي، وإلى هذا يُضيف بولس في العدد الرابع عشر «اِحْفَظِ الْوَدِيعَةَ الصَّالِحَةَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ السَّاكِنِ فِينَا».  إنه بواسطة الروح القدس فقط نستطيع أن نحفظ ما أودعه الله لنا.  إن كل شيء يتوقف على الطريقة التي بها نعامل الروح القدس الساكن فينا شخصيًا، والروح الساكن إلى الأبد في وسط الكنيسة جماعيًا.

أما في الرسالة إلى تيطس فنجد كلمة منعشة جدًا عن الروح القدس.  هناك نتعلَّم كيف خلَّصنا الله «لاَ بِأَعْمَالٍ فِي بِرٍّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ - خَلَّصَنَا بِغَسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، الَّذِي سَكَبَهُ بِغِنًى عَلَيْنَا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا» (تي3: 5، 6).  وإني أعتقد أنه حق منعش جدًا أن نعرف أن الروح القدس قد سُكِب علينا ”بِغِنًى“.  هل كل المؤمنين المسيحيين يؤمنون به؟ هل أنت تؤمن به.

الروح القدس في الرسالة إلى العبرانيين

وإذ نتحول إلى الرسالة إلى العبرانيين، نجد أن الروح القدس يُعرَّف لنا كمَن هو على الأرض، كما في الأصحاح السادس والعدد الرابع، حيث نقرأ عن أولئك الذين «صَارُوا شُرَكَاءَ الرُّوحِ الْقُدُسِ».  وهذا لا يعني أنهم قَبِلوا الروح القدس ليسكن فيهم، لكن كانوا في مكان الامتياز – بيت الله – حيث يسكن الروح القدس، وبذلك كانوا شركاءه.  وهذا ينطبق على كل مَن اعتمد معترفًا بالمسيح.  وكم هو أمر خطير ومحزن، أنه رغم هذا الامتياز فإن المسيح غير معروف بالحقيقة.  لكن الرسول بولس كان قد تيقن «أُمُورًا أَفْضَلَ» من جهة أولئك الذين كتب إليهم.  ثم يأتي الحديث بعد ذلك عن الروح القدس «كالرُوح الأزَليّ»، «روُح النِّعْمَةِ». 

ففي الأصحاح التاسع والعدد الرابع عشر، نقرأ أن المسيح «بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ (أو بالروح الأزلي) قَدَّمَ نَفْسَهُ لِلَّهِ بِلاَ عَيْبٍ».  إن المسيحية تتعامل مع حقائق أزلية، وفي هذه الرسالة نجد أن الروح القدس قد أتى ليُعطينا أن نعرف المركز أو المكان الذي لنا بواسطة الرب يسوع المسيح.
وفي الأصحاح العاشر يأخذ الروح القدس مكانًا مباركًا جدًا كالشاهد الذي أتى من عند الله ليشهد عن قيمة عمل المسيح، وعن البركات التي نتجت لنا من ذلك.  ففي العدد التاسع من هذا الأصحاح نجد مشيئة الله، وفي العدد العاشر عمل المسيح، وفي العدد الخامس عشر شهادة الروح القدس.  وهكذا نجد أقانيم اللاهوت الثلاثة عاملين جميعًا لأجل البركة.  وفي الجزء الأخير من العدد التاسع والعشرين من هذا الأصحاح العاشر نجد اسمًا جميلاً يُعطى للروح القدس.  إن عبارة «ازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ»، هي على النقيض مع الناموس الذي كل مَن يكسره «يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ» (عب10: 28).

الروح القدس في رسالتي بطرس الرسول

لم يذكر يعقوب أية إشارة في رسالته إلى الروح القدس، لكن الرسول بطرس يُعطينا كلمة معبرة جدًا في رسالته الأولى والأصحاح الأول، حيث يقول في العدد العاشر «الْخَلاَصَ الَّذِي فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِي لأَجْلِكُمْ، بَاحِثِينَ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يَدُلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِي فِيهِمْ، إِذْ سَبَقَ فَشَهِدَ بِالآلاَمِ الَّتِي لِلْمَسِيحِ، وَالأَمْجَادِ الَّتِي بَعْدَهَا.  الَّذِينَ أُعْلِنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَيْسَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لَنَا كَانُوا يَخْدِمُونَ بِهَذِهِ الأُمُورِ الَّتِي أُخْبِرْتُمْ بِهَا أَنْتُمُ الآنَ، بِوَاسِطَةِ الَّذِينَ بَشَّرُوكُمْ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُرْسَلِ مِنَ السَّمَاءِ.  الَّتِي تَشْتَهِي الْمَلاَئِكَةُ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَيْهَا.  لِذَلِكَ مَنْطِقُوا أَحْقَاءَ ذِهْنِكُمْ صَاحِينَ، فَأَلْقُوا رَجَاءَكُمْ بِالتَّمَامِ عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي يُؤْتَى بِهَا إِلَيْكُمْ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بط1: 10-13). 

إن روح النبوة المُشار إليه بوفرة في العهد القديم، يُشار إليه هنا كالكاشف للآلام التي للمسيح والأمجاد التي بعدها.  فأولاً تأتي آلام المُخلِّص، ثم الأمجاد عند استعلان يسوع المسيح.  لكن ماذا يأتي بينهما؟ الروح القدس الذي أتى من السماء، لكي يُعطي المؤمن كل الفرح الذي تتضمنه المسيحية في ذاتها، وذلك بمعرفة الآب ومعرفة الابن.

أما في رسالته الثانية فيُشير بطرس إلى العمل السابق للروح القدس «لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (2بط1: 21).  لقد ملأ الروح القدس، واستخدم أواني متنوعة، في أزمنة العهد القديم، ليكشف ويُظهر فكر الله ومشيئته، وقد انقاد بطرس بالروح لكي يقول إنَّهم تكلَّموا بالروح القدس.

الروح القدس في رسائل يوحنا ورسالة يهوذا

أما شهادة الرسول يوحنا للروح القدس، فهو يُشير إليه كشاهد لقيمة عمل المُخلِّص.  ففي الرسالة الأولى وفي الأصحاح الخامس والعدد الثامن، نقرأ: «وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ.  وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِدِ» (1يو5: 8).  إن المسيحي الآن هو أمام الله في كل قيمة العمل الذي قد أكمله ابن الله المبارك، والروح القدس هو الشاهد للعمل ونتائجه، وذلك في عطية الله لنا، وهي الحياة الأبدية في ابنه.

أما يهوذا فيتحدث عن الارتداد وانحطاط وفساد المسيحية المعترفة، ولا يوجد شيء أكثر ظلامًا مما يصفه.  إنه يقول: «هَؤُلاَءِ هُمُ الْمُعْتَزِلُونَ بِأَنْفُسِهِمْ (أو الذين يعزلون أنفسهم)، نَفْسَانِيُّونَ لاَ رُوحَ لَهُمْ (أو ليس لهم الروح القدس).  وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ» (يه19-21).

إن الأمر الجدير بالاعتبار في كل الرسائل، هو أن المؤمن يُنْظَر إليه كمن قَبِلَ الروح القدس.  هل لك الروح القدس؟ لا أسألك هل لك الإيمان؟ لكن هل لك الروح القدس؟ «فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ».  هذا ما يجب أن تكون عليه حالة شعب الله العادية الآن.
(يتبع)



و. ت. ب. ولستون