لقد كان اتهام استفانوس للقادة اليهود قاسٍيًا جدًا عليهم، ويمكننا أن نلخّصه في أربع نقاط: كسر الناموس, اضطهاد الأنبياء, قتل البار، والإستخفاف بالروح القدس. كان هذا تقريرًا مخيفًا بالنسبة لهم. أما ذروة إتهامه لهم فورد فى عبارة «أَنْتُمْ دَائِمًا تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ»! (أع7: 51).
 
لقد وُصف يوسف فى شهادة يعقوب النبوية بغصن مثمر، إلا أن إخوته أبغضوه وفصلوه عنهم. لكن من الناحية الأخرى رفعه الله بأن أتخذه مثالاً، فأجازه فى تجارب طويلة، وفي النهاية باركه بمكان سامٍ جليل. لقد كانت محبة يعقوب ليوسف مثالاً لسرور الآب بالمسيح. أما إخوة يوسف حسب الجسد فحسدوه ولم يحتملوا استحسان أبيهم الواضح له. لقد احتُقر يوسف وأُسيء إليه وبيع بعشرين من الفضة. كما نقرأ أيضًا أن رؤساء الكهنة أسلموا المسيح لبيلاطس حسدًا (مر15: 10). لقد سُلب المسيح من مجده الملكي وحقوقه المسياوية، وبيع بثلاثين من الفضة وانفصل عن ذويه الأرضيين، فأُبطلت تمامًا الرابطة الوحيدة بين الله والإنسان فى هذا النظام بموت المسيح.

وعلى الرغم من أن العالم يحتفل بميلاد المسيح وموته، إلا أنه ما زال مرفوضًا فعليًا منه. لا مكان فى هذا العالم المسكين للمسيح! لكن على الرغم من كونه مرفوضًا هنا، إلا أن الله استقبله فى المجد، حيث صار هو ينبوع البركة لكل الكون. لقد خطا إبليس إلى أرض معرض الخليقة البكر، وزرع أكذوبة فى عقل الإنسان الأول. لكن الله أقام الإنسان الثانى، المسيح الذى أتى لمسرة الله ومجده. أما إبليس فلم يحتمل هذا العرض من الله، ولم يهدأ حتى نجح فى إغواء الإنسان حتى يُخرج المسيح من العالم عن طريق الصليب.

لقد ظن إبليس أنه أطفأ نور العالم إلى الأبد، لكنه بذلك أظهر غباءه، لأن المسيح لا يزال هو نور العالم فى دائرة سامية، وله ألوف لاتُعد من حاملى النور العاكسين نوره لينيروا ظلمة هذا العالم. وكما انحنت كل الركب ليوسف الذى كان صاحب السلطة العليا والمتسلط على كل موارد مصر، هكذا قرر الله أنه لا بد أن تجثو كل ركبه ليسوع، ويعترف الكل بأنه ربٌ، وأنه المتصرف فى كل غنى السماء!

في تكوين 45 نرى مشاعر يوسف وهو يعلن نفسه لإخوته فى الوقت الذى أخرج من أمامه جميع المصريين. لأنه مهما كانت ثقافة المصري، لا يمكن أن يشترك فى هذه المشاعر. هكذا اليوم يعلن الرب عن ذاته لخاصته الذين أحبهم إلى المنتهى، ولا توجد مفاهيم فلسفية تستطيع أن تعي هذا الحب! إن روح الله هو المكلف بمهمة إستعلان مجد الرب المبارك لنا. لقد رأى استفانوس السماوات مفتوحة لتمكَّنه من النظر إلى مجد الله، وليرى المسيح المستعد للمجيء ثانية.

إن عبرانيين 2 تقدم المسيح لعين الإيمان كمركز لكل مشورات الله. فهناك جزءان من مقاصد الله تجاه المسيح: فهو متسلط على الكل، رغم أن كل شيء لم يوضع بعد تحت قدميه، لكننا بالإيمان نراه مكللاً بالمجد والكرامة. وهو أيضًا المثال الحقيقي الكامل لرئيس الكهنة، اللابس ثياب المجد والجلال، فى العهد القديم. إن الرسالة إلى العبرانيين تتقدم بنا إلى أعماق التعاليم الواردة فى أعمال 7 حيث عرفنا عن مقاصد الله تجاهنا، التى أُظهرت لنا، وكيف أن الله مشغول بأن يأتى بأبناء كثيرين إلى المجد. إنه سيأخذنا إلى بيت الآب، إلى مكان الأبناء.

لقد كان استفانوس صورة لسيده فى اللحظات القليلة قبيل رجمه حتى الموت، وكالشهيد الأول صار نموذجًا لطابور طويل من الشهود الأمناء حتى الموت. لقد كان ممتلئًا من الروح القدس، فتمكن من رؤية السماوات المفتوحة ومجد الله والمسيح هناك.

يا لروعة تأثير هذا علينا! وإلا صرنا فى هذا العالم المظلم المتخبط كسفينة بلا دفة.

ب. ر. فير