أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد أبريل السنة 2016
الجبال المُشبعة - للمتألمين
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
«ارْجِعْ وَأَشْبِهْ يَا حَبِيبِي الظَّبْيَ

أَوْ غُفْرَ الأَيَائِلِ

عَلَى الْجِبَالِ الْمُشَعَّبَةِ»

(نش٢: ١٧)

إن العروس وهي تجتاز الضيقة، وتهدر حزنًا في غياب حبيبها، وتشعر بقسوة الحياة وشراسة الأعداء، وتقف أمام صعوبات كبيرة تبدو كالجبال المشعبة، تشعر بالحيرة والضعف والصغر، فماذا عساها أن تفعل؟ إن رجاءها الوحيد هو أن يفيح النهار وتنهزم الظلال، وتخرج من فكي الضيق إلى رحب لا حصر فيه، وتسمع صوت حبيبها قادمًا طافرًا ظافرًا مناديًا إياها: «قُومِي يَا حَبِيبَتِي، يَا جَمِيلَتِي وَتَعَالَيْ». وإلى أن يتحقق ذلك الرجاء، وبينما هي ما زالت على أرض الواقع الأليم، فإنها ترجوه أن يسرع إلى نجدتها ومعونتها ويأتيها كالظبي أو غفر الأيائل على الجبال المشعبة، فهو يركب السماء في معونتها، ولا تعوقه جبال أو سدود!

وأنت يا رفيقي المتألم ... يا من طال ليلك وكلَّتْ عيناك من انتظار إلهك ... يا من عصفتْ بك الرياح وأمواج الحياة، وترنحتَ بين المد والجزر. فمرة تعلقتَ بالأمل وبدا الانفراج وشيكًا، ومرة تعقدتْ الأمور ودنوتَ للفشل أو رجوتَ فحصدتَ خيبةً بعد الأمل ... ثق أنه بعد طول الليل لا بد نهار، وأن الرب خلف الغيوم هو المنار، والشفيع كلما هاج العدو أو ثار، إنه ضامن العهد وبيمناه القرار. ويا لها من تعزية عندما ندرك أنه يسيطر على الأحداث ويمسك بالزمام ولا شيء يحدث إلا بإذنه، ويجعل كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبونه! فلا شر الإنسان ولا عداوة الشيطان يمكن أن تُغيِّر أو تُفشِّل المُخَطط الإلهي الذي قصده قبل الدهور لمجدنا. فسريعًا ستمضي الأيام وينتهي الزمان، ونصل إلى بيت الآب حيث تغيب الأعداء وتُلغَى الآلام، والقلب يطيب في دار السلام.

صديقي ... ثق أن الله يحبك ويشعر بك ويسمع صوت بكائك ويحفظ دموعك في زقه ويكتبها في سفره. ثق أنه لا يُخطئ ولا يترك ولا يهمل ولا ينسى ولا يقسو ولا يحطم ولا يغدر، فقلبه الرقيق دائم الحنان، وقدرته الفائقة تعطي لنا الأمان. إنه كالبرق يسرع لكل مستجير، وسيأتيك كالظبي أو غُفر الأيائل على الجبال المُشعَّبة، بل يجعل قدميك كالأيائل ويمشيك على مرتفعاتك.

قد لا يفهمك الآخرون أو يفسرون ظروفك على أنها معاملات تأديبية، مثلما فعل أصحاب أيوب. لا تنزعج ... فالرب في صفك، وله الكلمة الأخيرة، وسيخرج مثل النور برك، والأهم أنه سيُغيرك ويُشكِّل في إنائك ويطبع صورته الحلوة عليك، وستحمل تأثيرًا إلهيًا عميقًا للآخرين.

محب نصيف