أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مايو السنة 2013
الخلاص والمخلص بعيدان!!
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
: 2298/1974عنوان هذه السطور غريب عمَّا تعودنا أن نسمعه عن الخلاص والمُخلِّص، ولكنه يُظهر خطورة الموقف الخاطئ الذي قد يتخذه الإنسان، إذ يُبعد عن نفسه الخلاص والمُخلِّص في الوقت ذاته.  وليت الرب يجعل هذه السطور بمثابة صوت إنذار، وعلامة تحذير على طريق الحياة، فيستفيق القارئ ويأتي مُحتميًا في ذبيحة المسيح الكفارية، فيفوز بالحياة الأبدية. 

الْخَلاَصُ بَعِيدٌ

يقول المرنم: «الْخَلاَصُ بَعِيدٌ عَنِ الأَشْرَارِ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَمِسُوا فَرَائِضَكَ» (مز119: 155).  فمع أن الله قد أعد الخلاص للإنسان بموت ابنه على الصليب، لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به، بل تكون له حياة الأبدية، وهذا من منطلُق محبة الله للبشر التعساء الأشقياء، إلا أن الإنسان - في عناد قلبه الشرير وقساوته، وتحجر قلبه - يبتعد عن الطريق الصحيح، ويرفض النور فيصير الخلاص بعيدًا عنه.  وكلما ازداد البشر في عنادهم، كلما كان الخلاص بعيدًا عنهم.  ولعل السبب في هذه الحالة التي يصل إليها الإنسان هو ما أصاب ذهنه من عمى قد صنعه فيه إبليس «الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ الله» (2كو4: 4). 
وكما يقول أيضًا «أُغْلِظَتْ أَذْهَانُهُمْ» (2كو3: 14).  لقد فعل إبليس فعلته في أذهان البشر، فأصابها بالعمى والغلاظة، فضلوا الطريق، وأخذ هو يعبث بهم، فضيّع مصيرهم، وأتاه مسارهم، فصار الخلاص بعيدًا عنهم.  إن إبليس يكره خير الإنسان وبركته، وهو عدو لله، وفي حقده لا يطيق نعمة الله، ولا يُسرّ برحمة الله المُقدَّمة للإنسان.  حقًا إنه عدو رديء.  لكن شكرًا للرب، لقد هشم أضراس الظالم، ومن بين أسنانه خطف الفريسة.

عزيزي القارئ: هل أنت ممن ابتعدوا عن الخلاص فابتعد الخلاص عنهم؟! إن كنت كذلك فهيا الآن اقترب، واغترف لنفسك من فيض نعمة الله المُخلّصة، التي ظهرت لجميع الناس، دون تمييز بينهم! اغترف منها ما يكفي لخلاص نفسك، ولا تُضيع الفرصة الثمينة، فالمسيح مات لأجلك، والروح القدس يُجاهد معك، وأجراس النعمة تعزف لك لحن الخلاص، والإنجيل يعلن لك الخبر السار وأنشودة الفداء.  فهل تأتي لتنال العزاء، ويتبدل معك الشقاء إلى فرح وهناء؟! هيا إليه إنه ينتظرك.

اَلرَّبُّ بَعِيدٌ


يقول الحكيم: «اَلرَّبُّ بَعِيدٌ عَنِ الأَشْرَارِ، وَيَسْمَع صَلاَةَ الصِّدِّيقِينَ» (أم15: 29)، ويقول الرسول بولس: «إنَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيدًا» (أع17: 27).  وكلا القولين صحيح.  فالرب قريب جدًا من النفس المسكينة والمُحطمة، التي أعياها الشر وكسرها الإثم، ويريد أن يُخلّصها ويُحررها، إلا أن الإنسان - في إصراره على السير في طريق البعد والتيه - يبتعد عن الله، ولسان حاله «ابْعُدْ عَنَّا، وَبِمَعْرِفَةِ طُرُقِكَ لاَ نُسَرُّ» (أي21: 14).  كما أننا نرى الذين يرتدون ثوب التدين في الظاهر كما لو كانوا قريبين من الله  نظير الفريسي (لو18)، ولكن هؤلاء هم الذين وبخهم الرب قائلا: «هذَا الشَّعْبَ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ بِفَمِهِ وَأَكْرَمَنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَأَبْعَدَهُ عَنِّي، وَصَارَتْ مَخَافَتُهُمْ مِنِّي وَصِيَّةَ النَّاسِ مُعَلَّمَةً» (إش29: 13).
وقد قال عنهم إرميا النبي: «أَنْتَ قَرِيبٌ فِي فَمِهِمْ وَبَعِيدٌ مِنْ كُلاَهُمْ» (إر12: 2).  هذه الحالة يُبغضها الرب جدًا لأنه لا يطيق الإثم والاعتكاف، لذا -

عزيزي القارئ - لا تجعل عدو نفسك يُدخلك إلى هذه الدائرة المُظلمة، ويخدعك بها، ثم تفاجأ بمصيرك المحتوم، ولا ينفعك حينئذٍ ندم ولا حسرة، إذ تفلت الفرصة وتكون أيامك قد ضاعت في أوهام خداع التدين الكاذب.
ولا تنسَ صرخة الويل المُرعبة: «وَيْلٌ لَهُمْ! لأَنَّهُمْ سَلَكُوا طَرِيقَ قَايِينَ» (يه11).  فهل تُصغي لمن هو أصدق حتى من نفسك تجاه نفسك.  إن سمعت وقبلت، فزت ونجوت.  وإن أبيت وعصيت، خسرت وهلكت.  والآن أي الطريقين تختار؟  نصيحتي تعال للمُخلِّص، واربح الحياة، واحصل على الخلاص والنجاة، فالعمر كالخيال، وحياة كل إنسان كظل مائل، وأيامه أسرع من الوشيعة (المكوك)، وسني عمره أشبار، والحياة كالبخار، وهو مثل عشب الحقل، ورغد عيشه كالزهر سريع الذبول.
  فلا تُضيع فرصة حياتك في البحث عما لا يمكن أن تجده، ويفلت منك ما لا يمكن أن تعوضه.  واعلم أن المُخلِّص ينتظرك، فلا تجعله بعيدًا عنك.  اقترب منه يقترب إليك.  احتمِ به، يهبك الخلاص ببركاته العديدة، فتفوز به مخلصًا إلى الأبد.



خالد فيلبس