أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مايو السنة 2013
درس من الزنابق
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ.  
وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا» (مت6: 28، 29)

إبان خدمته على الأرض، كثيرًا ما استخدم الرب يسوع أمثلة من العالم المُحيط به ليشرح تعاليمه: موضوعات ومَشَاهد مألوفة لدى سامعيه، استقى منها دروسًا يُعلمهم إياها.  وهذا، فضلاً عن سلطانه الذي لا يُحدّ، جعل تعاليمه ماثلة في أذهانهم وذاكرتهم.

تَأَمَّلُوا الزَنَابِقَ

هل تمنيت مرة لو كنت تعيش أيام وجود الرب يسوع بالجسد على الأرض؟ قد تفكر قائلاً: “فقط لو كان هنا اليوم ... إذًا لجلست مع الجموع أُصغي إلى تعاليمه الآسرة”.  وإذا كان هذا مستحيلاً اليوم، إلا أن الكثير من الموضوعات والمواقف التي تكلَّم عنها ما زالت متواجدة معنا اليوم.  ويقينًا سنفيد منها أيما استفادة إذا صرفنا وقتًا نتأملها.

ورغم أن “زنابق الحقل” التي كان الرب ينظر إليها وقتها، يصعب تعريفها بدقة اليوم (اختلف شراح كلمة الله بشأنها)، إلا أننا جميعًا نألف الزهور البرية وهي تتمايل مع النسيم: إنها تبدو جميلة للغاية، ولكنها في الوقت ذاته بسيطة جدًا.  فهي تنمو وفق دورة حياة منتظمة.  فأولاً تظهر نبتة صغيرة، لا تلبث أن تتحول إلى برعم، ثم تتحول إلى زهرة متفتحة ناضجة جميلة.

واحدة منها
تتألق زنابق الحقل بمجد وبهاء ذاتيين.  والمدهش – كما قال الرب يسوع –  «إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا».  كان سليمان أعظم ملوك إسرائيل.  لقد فاق كل الملوك الآخرين ثراء وحكمة (1مل10: 23)، إذ اتسم حُكمه بالمجد.  ومع ذلك، يقول الرب يسوع: ”إن سليمان بكل مجده، لم يكن يلبس كواحدة من هذه الزهور البرية“.

إنها لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ
من الواضح أن ثمة صنوفًا متنوعة من المجد.  فمجد سليمان كان مُبهرًا، حتى إن زائريه – مثل ملكة سبأ – كانوا يُؤخَذون ويؤُسرون بهذا المجد.  كيف إذًا يمكن أن تفوق زنبقة الحقل سليمان في كل مجده؟  تكمن الإجابة في الكلمات: «لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ» (مت6: 28).  فثياب سليمان الملوكية كانت تُنسَج وتُطرَّز بمهارة.  وبالطبع يستلزم ذلك وقتًا وجهدًا كبيرين، وأما زنابق الحقل جميلة جمالاً طبيعيًا، دون تعب ولا غزل، فنموها يأتي دونما أدنى مجهود من جانبها، وجمالها ينبع من داخلها.

السر
هذا هو السر بكل بساطة.  فمجد حياتنا لا يعتمد على جهدنا وكدَّنا كبشر.  يريد الله أن يسود الروح القدس علينا، عاملاً في داخلنا بهدوء، ليَحفّزنا على النمو، ليُنتج فينا ثمره النفيس المُميَّز.  هذا هو الطريق الأكيد لنَجلِب المجد لخالقنا، والبركة للآخرين.
«فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الْحَقْلِ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ، يُلْبِسُهُ اللَّهُ هَكَذَا، أَفَلَيْسَ بِالْحَرِيِّ جِدًّا يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟» (مت6: 30).
      


مارتن جيرالد