كانت ولادة يسوع حدث مليء بالمحبة، مثلما هو عميق في الحكمة والاتضاع. ولكن هذا ما وعد به يهوه من قديم العصور، وما اشتاق إليه رؤساء الآباء. وحينما عصى الإنسان، وتمرد على خالقه، وسقط تحت سلطان الشيطان، فإن الله في نعمته التي لا حدود لها، أنار الظلمة والمشهد البائس بأكبر بشارة تفيض بالرحمة؛ أن نسل المرأة سيسحق رأس الحيَّة. وهكذا ورد الإعلان بفادٍ للإنسان الساقط، وأنه سيُولد من امرأة. وبعد ذلك عرَّف إبراهيم بأن النسل الموعود سيأتي منه، ومن ابنه إسحاق «لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ» (تك ٢١: ١٢). وبعد ذلك أيضًا أُعلِن لداود أن النسل الموعود سيكون ثمرة أحشائه، وأنه بعد موته وقيامته سيجلس على عرش داود (١أخ ١٧).
وبعد فترة تالية أخرى تنبأ إشعياء النبي، مسوقًا من الروح القدس، أن المُخلِّص سيكون ابنًا لعذراء «يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ» (إش ٧: ١٤). وأكثر من ذلك أنه تكلَّم أيضًا عن ألوهية المسيح، وأنه سيملك بقوة، كملك لليهود، على كرسي داود أبيه، قائلاً: «لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلَهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ. لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ، وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى مَمْلَكَتِهِ، لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ، مِنَ الآنَ إِلَى الأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هَذَا» (إش ٩: ٦، ٧). وبعد ذلك أيضًا نجد أن النبي ميخا قد صدر له الأمر بأن يُبلِّغ شعب الله عن البلدة التي سيُولد فيها المسيا «أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ» (مي ٥: ٢).
من هذه النصوص الكتابية نرى أنه كان لا بُدَّ أن يُولد المسيا من امرأة ... إله وإنسان في شخص واحد ... ابنًا لعذراء ... يُولد في بيت لحم ... وهو نسل إبراهيم ... من نفس تسلسل النسب إلى داود ... وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ ... وسيجلس على كرسي داود أبيه ... وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ.
ونستطيع هكذا أن ندخل قليلاً إلى سؤال المَجُوس الحُكماء: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟»، فقد كان الكثيرون – في ذلك التدبير الأخير – يتطلعون إلى مجيء المسيا ليملك بالمجد، وتوّقعوا إتمام النصوص الكتابية النبوية بخصوص مملكته، ولكن تجاهلوا مسيرة اتضاعه وآلامه وسفك دمه وموته، كطريق المسيا إلى كرسي داود. ولم يروا طريقة الله الوحيدة لوضع الإنسان في موضع البركة، قبل مروره في الموت والقيامة. ومع ذلك كان قلائل هم الذين ينطبق عليهم القول: «مُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ» (لو ٢: ٣٨).
وفي هذا الأصحاح (مت ٢)، نجد ثلاث فئات من الشخصيات موضوعة أمامنا:
(١) هِيرُودُسُ الْمَلِكُ.
(٢) رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْبِ.
(٣) المَجُوس الحُكماء.
وسيكون من النافع لنا أن نتأمل فيها بمعونة الرب:
أولاً: هِيرُودُسُ الْمَلِكُ
كان هيرودس ملكًا في أورشليم، ولذلك انزعج جدًا من الإعلان بأن ملك اليهود قد وُلد. لقد أثر فيه ذلك بقوة لأنه علم أن المسيا الحقيقي قد أتى، وبالتالي فإنه لن يستمر ملكًا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن وقع خبر الملك الذي عيَّنه الله ليأتي، كان كافيًا لتنبيه الضمير، وإيقاظ الخوف والرعدة. ولقد شعر آخرون بنفس الإحساس، ولذلك يُخبرنا البشير بما حدث عندئذٍ «فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ» (ع ٣). وفي الواقع لم تحدث رعود أو بروق، ولم تنطلق تهديدات ولا أصوات منذرة، ومع ذلك فقد اضطربوا. ولقد ترنم الملائكة مُسَبِّحِينَ اللهَ وَقَائِلِينَ: «الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ» (لو ٢: ١٤). وفيما بعد هتف أحد المؤمنين قائلاً: «الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ» (لو ٢: ٢٩، ٣٠). ومع ذلك فإن «هِيرُودُسُ الْمَلِكُ اضْطَرَبَ وَجَمِيعُ أُورُشَلِيمَ مَعَهُ».
إن حالة الاضطراب التي انتابت الملك قادته ليستقصي الأمر. فبدأ أولاً بجمع «كُلَّ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْبِ»، الذين رأى أنهم قادرون أن ينقلوا إليه أفضل المعلومات، وطلب منهم أن يُخبروه أين يُولد المسيح. ولكن رغم أن إجابتهم كانت صحيحة، إلا أنها لم تُريحه من الاضطراب. فعندئذٍ اجتهد أن يعرف من الْمَجُوس الحكماء، ولكن إجابتهم له كان من شأنها أن تُعزز حقيقة أن المسيا قد جاء فعلاً (ع ٧). فماذا كان يمكن لهيرودس أن يفعله؟ كانت حيرته عظيمة للغاية، وعانت نفسه من الحزن والخوف، ولكن مع كل هذا القدر من البراهين التي لا تُدحض، فإنه لم يسعَ للبحث عن المسيا المولود. ولم يكن هِيرُودُسُ مزمعًا في قلبه أن يتخذ أية خطوة واحدة لهذا السعي، بل قال للْمَجُوس: «اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ. وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضًا وَأَسْجُدَ لَهُ» (ع ٨). لقد قال ذلك على سبيل الخداع، وكانت رغبته العارمة الوحيدة أن يُريح ذهنه المضطرب.
يا لتعاسة هذا الهِيرُودُس! لقد اتضحت حالة نفسه الحقيقية تمامًا بعد ذلك. لقد أشعل فتيل الكبرياء لتُصبح لهبًا من العداوة ضد الله ومسيحه، سكنت في قلبه الشرير. وإذ رأى «أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ»، إذ لم يرجعوا إليه، «غَضِبَ جِدًّا»، وإذ لم تكن لديه وسيلة لتنفيث غضبه، «أَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَبِ الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ» (ع ١٦)، مُتوقعًا بذلك أن يتخلَّص من ضيقاته بقتل «الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ».
هذا هو الإنسان! وهذه هي عداوة الذهن الجسدي لمسيح الرب المبارك! قد يسمع الناس القول الأمين: «الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ» (١تي ١: ١٥)، وقد يسبب هذا لهم الخوف والاضطراب، من ثم يبدأوا في الاستفسار، ويستمعوا إلى أقوال الكتاب المقدس، ويجدوا مَن يقرأه لهم ويشرحه، وعندئذٍ يلجأؤون إلى خدام الرب، ويصغون لأقوالهم في هذا الموضوع، ويسمعونهم يقولون أن فرحتهم القصوى أن يتأملوا في مُخلِّص الخطاة، وأن يعبدوه مُرنمين ومُسبحين له، ثم يسعون إلى تهدئة أرواحهم المضطربة بأن يقطعوا عهودًا للعبادة عندما يحين الوقت مستقبلاً لذلك. ولكنهم في كل ما سبق – يشبهون هِيرُودُس ليس إلا – فبالنسبة له لم يأته الوقت لكي يسجد؛ ومثله أيضًا، فإن التبكيت الذي يحدث لهم لا يكون عميقًا، ولذلك لا يُفكرون بأي شيء أسمى من شكل العبادة المظهرية أمام الناس، وليست لديهم رغبة جادة للحصول على مغفرة الخطايا، وليس لهم اشتياق إلى محو الذنوب، وليس لهم أي اعتبار عن كيف تكون الأمور حقًا بين نفوسهم، وبين الإله الحي الحقيقي، وليس لهم اهتمام جاد لأبعد من بعض الأفكار المبهمة عن طرق العبادة وأماكن العبادة، وصور وأشكال العبادة، وما شابه ذلك! ومع ذلك فإن هذه الحالة الذهنية تنتج من الظروف، وإذ تتغيَّر الظروف، يتغيَّرون هم أيضًا. ومثل هذه التأثيرات «كَسَحَابِ الصُّبْحِ، وَكَالنَّدَى الْمَاضِي بَاكِرًا» (هو ٦: ٤)، سرعان ما تنقضي وتتبخر، لتكشف العداوة الطبيعية ضد المسيح نفسها بسهولة. وسرعان ما يهتف هؤلاء بحرارة مع الجموع التي من حولهم، والتي تبغض المسيح: «لَيْسَ هَذَا بَلْ بَارَابَاسَ!» (يو ١٨: ٤٠).
قارئي العزيز: هل لي أن أسألك إذا ما كان قد حدث ذات مرة أن انزعجت عندما سمعت بشارة نعمة الله؟ وإن كان ذلك قد حدث، فدعني أسألك بمحبة صادقة أن تتفحص ما هو سبب انزعاجك؟ هل هذا الانزعاج والخوف قد نشأ من تغيِّر في ظروفك الخارجية؟ أم أن ذلك قد نشأ من إحساس عميق نابع من الضمير لأنك أخطأت إلى الله، وأنك لذلك تستحق الدينونة الأبدية؟ إن ذلك النوع الأخير هو حزن مقدس، يعمل فيك بالتوبة للخلاص، لأنك لم تتب حتى هذه اللحظة «لأَنَّ الْحُزْنَ الَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يُنْشِئُ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ، وَأَمَّا حُزْنُ الْعَالَمِ فَيُنْشِئُ مَوْتًا» (٢كو ٧: ١٠). وإذا كان هذا اختبارك فلن تكتفي بأن آخرين قد بحثوا عن المُخلِّص، وأنهم يتحدثون عنه إليك، بل يجب أن تبحث عنه لأجل نفسك. فحاجتك ستلزمك، وصرختك القلبية عندئذٍ ستكون: “خَلِّصْنِي يَا إِلَهِي مِنْ أَجْلِ رَحْمَتِكَ، لِئَلاَّ أَهْلكُ!”. وعندئذٍ ستتخذ في الرب يسوع ملجأ ليُخلِّصك. ولن تكتفي بمجرد الاندماج خارجيًا مع آخرين في العبادة، بل لن تجد راحةً حتى تتأكد من غفران خطاياك، وتعرف السلام مع الله.
أيها القارئ العزيز: احذر من الرياء! تذكَّر هِيرُودُس! احذر من أي شيء سوى المجيء إلى الرب يسوع ليُخلّصك. ولا تكتفي بالشعور بأنك انزعجت بعض الشيء، أو أنك تبحث وتستفسر قليلاً من الكتاب المُقدَّس، أو أن ترتاح لبعض النوايا الطيبة، وأن لك وعودًا حسنة نحو المستقبل. ولكنني أكرر تأكيدًا! احذر من أي شيء لا يُحقق مجيئك إلى الرب يسوع، لأنه عندئذٍ – وعندئذٍ فقط – ستكون آمنًا، لأنه قال: «مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا» (يو ٦: ٣٧).
ثانيًا: رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ الشَّعْبِ:
لم يبدِ هؤلاء أية مضايقة أو أي استفسار، ولا حتى أي غضب. كانوا متسمين بعدم الاهتمام، بل والهدوء، أمام ولادة المسيا. ولقد كانت أقوال الأنبياء جاهزة على شفاههم، ولكن لم يُبدوا أي اهتمام نحو المسيا، بخلاف ما فعل هِيرُودُس. ومع ذلك فقد كانت لهم معرفة مُلفتة بالكتاب، فقد استطاعوا أن يُخبروا عن المكان الذي يُولد فيه المسيح. كما سمعوا الإعلان العظيم بأن المسيا قد أتى. ولقد أصغوا إلى شهادة المَجُوس الحكماء، أن إله السماء والأرض قد أمر نجمًا أن يتحرَّك خارج فلكه المُعتاد، ليقودهم. ومع كل هذا لم يتحركوا ولم يهتموا. بل إن معرفتهم الحرفية بالكتاب قد جعلتهم مُكتفين منتفخين متعجرفين. وفي حماقتهم ظنوا أنهم حكماء، ولم يعرفوا أنهم أشقياء وتعساء وعميان وعرايا (رؤ ٣: ١٧). قد يظن المرء أن شيئًا بالغ الخطورة، مثل ولادة المسيح، من شأنه أن يستثير أغلظ القلوب، ولكن لم يحدث. كان شعار الإنسان: “الاستمتاع بالحاضر، بغير التفات للمستقبل الأبدي”!
كان الناس يثقون في هؤلاء “الْكَهَنَةِ والكَتَبَةِ” ويصدقونهم، وكان الملك يُكرمهم، لذا شعروا بأنهم قد امتلكوا مفاتيح المعرفة. لقد كانوا هم القادة البارزين في إسرائيل، وكانوا يُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي!» (مت ٢٣: ٦، ٧). وكان هذا بالنسبة لهم كافيًا، لذلك سعوا فقط إلى “الاكتفاء بالحاضر” ، ولم يهتموا إطلاقًا “بالمستقبل الأبدي”.
ونخشى أن يكون الكثير من الناس من هذه الفئة، في يومنا الحاضر. إنهم يمتلكون بعض المعرفة الكتابية، ويستطيعون أن يُجيبوا عن أسئلة كثيرة، بما في ذلك ما يتعلَّق بالمخلِّص، ولكنهم هادئون وغير مهتمين، بينما يضطرب الكثيرون من حولهم! إنهم لا يعرفون حاجتهم الحقيقية، ويُقارنون أنفسهم بالوثني الجاهل، ويظنون أنهم حكماء، ويُغبّطون أنفسهم لأنهم وُلدوا في عائلات مسيحية، ولهم أسلاف مسيحيون، وتلقوا تعليمًا دينيًا مسيحيًا، ويحضرون عظات قويمة الاعتقاد، ولذلك فهم ليسوا جاهلين بالأمور الروحية. ولكن مع كل معرفتهم الوهمية، فإنهم يجهلون “بِرُّ اللهِ”. وهم لا يعرفون أنهم لو وُزنوا بالموازين الإلهية، لوُجدوا ناقصين. وهم يجهلون أن أفضل أعمالهم إنما هي خطايا رهيبة. وهم لم يُدركوا أنهم لا بد أن يُولدوا ثانية. وهم لم يعرفوا عطية الله، ويجهلون أن الله لا يمكن أن يقبل أي اعتذار أو تبرير للخطية، ولا يقبل أي مقياس سوى مقياس بر قداسته التي لا تشوبها شائبة. ولذلك فهم يسعون إلى إقامة برهم الشخصي، وليس للخضوع لبر الله والمسيح «لأَنَّ غَايَةَ النَّامُوسِ هِيَ: الْمَسِيحُ لِلْبِرِّ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ» (رو ١٠: ٤).
فيا قارئي العزيز: اهرب من فخاخ المخادع الأكبر هذه. اصغ إلى كلمة الإله الحي الحقيقي التي لا ترجع فارغة قط. وتذكَّر أن الخلاص ليس في أي شيء آخر عدا الرب يسوع المسيح. إنه الطريق الوحيد، ولا وصول للمجد عن أي طريق سوى الرب يسوع المسيح. وإذا كانت الأبدية بالغة الأهمية بهذا القدر، فليس السؤال عنها هو ما تعرف، أو ماذا يظن الناس عنك؟ ولكن ما تظنه أنت عن المسيح. فليتك تفكر باهتمام في كلمات الرسول بولس الحاسمة هذه: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُحِبُّ الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا!» (١كو ١٦: ٢٢).
(يتبع)