أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ» (مت11: 11)
رغم أن جمال يوحنا المعمدان الأدبي بدا واضحًا للعيان، إلا أن الرب يسوع لم يكن يُشير إلى هذا الجانب عندما نطق بهذه الأقوال، بل كان بالحري يقصد أن يوحنا المعمدان كان المُعيَّن من الله ليُعدّ الطريق للمسيح، وهو الشرف الذي لم يحظَ به سواه. كما أن الرب لم يكن يتكلم عن عظمة السمات الأدبية للأصغر في ملكوت السَّماوات، بل عن عظمة المقام الممنوح من الله لكل مؤمن حقيقي في تدبير النعمة.
للرب يسوع كالملك مملكته، ولكن لم يكن ليوحنا المعمدان نصيب فيها إبان فترة وجوده على الأرض، كما يُخبرنا الرب نفسه في لوقا16: 16«كَانَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ إِلَى يُوحَنَّا. وَمِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ يُبَشَّرُ بِمَلَكُوتِ اللهِ».
هل للرب يسوع ملكوت في الوقت الحاضر؟ نعم، وإن لم يكن ملكوت المسيح ومجده، ولكن ملكوت المسيح وصبره (رؤ1: 9)، لأن اليوم ليس زمن ملكوت المسيح العلني، ولكن يوم ملكوت المسيح السري.
صحيح أن ملكوت السَّماوات يُشير أحيانًا إلى المؤمنين الحقيقيين، إلا أنه - من الناحية الأخرى – قد يضم أحيانًا المدَّعين أنهم مؤمنون. والرب مستقبلاً سينقي ملكوته من جميع الْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي الإِثْمِ (مت13: 41). ومثل هؤلاء الآخرين لا ينطبق عليهم أنهم أعظم من يوحنا المعمدان. كل المؤمنين الحقيقيين في الوقت الحاضر ليسوا فقط رعايا الملكوت، ولكنهم أيضًا أعضاء جسد المسيح، الكنيسة، يسكنهم الروح القدس، ومُباركين بكل بركة روحية في السَّماويات في المسيح. لم يكن يوحنا المعمدان يتمتع بهذا الشرف العظيم رغم أنه في يوم قادم سيكون مع المسيح، ومثله في المجد.
ل. م. جرانت