«أَيْضاً يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا تَاجِرًا يَطْلُبُ لآلِئَ حَسَنَةً، فَلَمَّا وَجَدَ لُؤْلُؤَةً وَاحِدَةً كَثِيرَةَ الثَّمَنِ، مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَاهَا» (مت١٣: ٤٥، ٤٦)
في هذا المَثَل بخصوص ملكوت السَّماوات، يتناول الرب يسوع هذا الملكوت من وجهة مختلفة. فهو هنا ليس معنيًا ببركة شعب على الأرض، كما هو الحال في مَثَل الكنز المُخفَى في حقلٍ. هنا يُرى الرب يسوع إنسانًا يطلب لآلىء حسنة، وإذ وجد هذه اللؤلُؤة الغالية، مضى وباع كل ما كان له ليشتري هذه اللؤلُؤة. هذه اللؤلُؤة لم تكن مُخفاة في حقل (العالم)، لأن اللآلىء تخرج من المياه التي ترمز لا لإسرائيل بل للأمم. واللؤلُؤة تنتج عن دخول جسم غريب إلى داخل صدفة محارية، فيجرح هذا الكائن، ومن ثم يفرز مادة لحماية نفسه، فتتكون اللؤلُؤة.
يالها من صورة رائعة وجلية لكنيسة الله المأخوذة من بين الأمم. وكما أن جمال اللؤلُؤة يتأتى من جرح جسم الصدفة الأم، كذلك فإن جمال كنيسة الله مُكتسب من ألم وموت الرب يسوع.
ثم إن الكتاب يقول إن التاجر المُشتري باع كل ما كان له، ويقول عن المسيح: «أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضاً الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا» (أف٥: ٢٥). مَن بمقدوره تقدير عظم هذه التضحية؟
دعونا نلاحظ أيضًا مدلول هذا التعبير: «لُؤْلُؤَةً وَاحِدَةً كَثِيرَةَ الثَّمَنِ». فبالنظر إلى كنز مُخفى في حقل، نجد أن الكنز مكون من أجزاء متعددة، تمامًا كما أن إسرائيل مُكوَّن من اثنى عشر سبطًا، الأمر الذي سيستمر حتى في الملك الألفي. ولكن حين ترد الإشارة إلى كنيسة الله، نجد مثل هذه التعبيرات: «لُؤْلُؤَةٌ وَاحِدَةٌ»، «جَسَدٌ وَاحِدٌ»، «رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ». وهذا من شأنه أن يؤكد على أن الله لا يرى انقسامًا اليوم في جماعة مفدييه، الذين جُمعوا إلى واحدٍ، بواسطة روح الله. ولتخجيلنا أقول إننا لا نسلك عمليًا في ضوء هذا الحق.