أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد نوفمبر السنة 2015
فشل الإيمان
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«ظَهَرَ إِلَهُ الْمَجْدِ لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، قَبْلَمَا سَكَنَ فِي حَارَانَ، وَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ، وَهَلُمَّ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. فَخَرَجَ حِينَئِذٍ مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ وَسَكَنَ فِي حَارَانَ. وَمِنْ هُنَاكَ نَقَلَهُ، بَعْدَ مَا مَاتَ أَبُوهُ، إِلَى هَذِهِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمُ الآنَ سَاكِنُونَ فِيهَا» (أع٧: ٢-٤).

تعوَّق إبراهيم بسبب الرابطة الجسدية الطبيعية إلى أن حرره موت أبيه، فترك حاران ليذهب إلى الأرض حيث أرسله الله.

صحيح أن الروابط الطبيعية مرتبة من قبل الله، ولكن لا ينبغي لها أبدًا أن تُعطل التكريس الحقيقي لله. لم يكن لأحد ثمة حب بنوي من نحو أمه، كما كان ليسوع، إلا أنه لم يسمح له أبدًا أن يُعوّق تكريسه، بل وفق بينه وبين طاعته لله في مزيج متناغم.

لقد تعوَّق إبراهيم بسبب خميرة صغيرة من عدم الإيمان. ونحن ينبغي لنا أن نتحذر لأنفسنا، لأن رجال الله القديسين، كلٌ سقط وفشل في الناحية التي هي مكمن قوته بحسب الطبيعة: فموسى، أحلم إنسان على وجه الأرض «فَرَطَ بِشَفَتَيْهِ» (عد١٢: ٣؛ مز١٠٦: ٣٣). وأيوب، مثال الصبر « فَتَحَ ... فَاهُ وَسَبَّ يَوْمَهُ» (يع٥: ١١؛ أي٣: ١). وإبراهيم، أبو المؤمنين حمل في قلبه بذرة عدم الإيمان، ولقد ظهرت ثمارها عندما تغرّب إلى مصر هربًا من المجاعة. لقد وعده الله أنه سيُنجب وارثًا (تك١٢: ٢)، ولكنه خاف أن يقتله المصريون ليحظوا بزوجته الجميلة (تك١٢: ١١-١٣)، فأقنعها بأن تخدعهم مدعية أنها ليست زوجته. فلو أنه آمن بالله واثقًا فيه، لبقي في المكان الذي دعاه الله إليه، وحينئذٍ لم يكن ثمة داع للخوف.

والروح القدس يُسجل فشل هؤلاء القديسين ليُحذرنا من اتخاذ خطوات خاطئة، قد تبعدنا عن سبيل الإيمان والكمال المسيحي.

ماكينتوش