أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد نوفمبر السنة 2015
جبلٌ أم طريق؟
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«وَأَجْعَلُ كُلَّ جِبَالِي طَرِيقًا، وَمَنَاهِجِي تَرْتَفِعُ» (إش٤٩: ١١)

أيها السائحُ بين شعابِ الجبالِ، أتُنشِدُ طريقًا؟ أيها المُتَسَكِّعُ فى دياجير الظلامِ، أتتلَمَّسُ من النورِ بصيصًا؟ أيُها المعيي من المتحديات الشاهقاتَ، التي كثيرًا ما باتت مركباتُ الحياةِ أمامَها مُعَرْقلةً، أتأمُلُ خارطةَ الطريقِ بل ومنهاجا؟

فإذا تساءَلتَ يا قارئي وكيف يتسنى لمن يسبحُ على سفوحِ جبالٍ، بل ورُبَّما اقتضَتِ الضرورةُ تسلقِها، أو كيف لمن تَعَيَّنَ عليهِ أن يَجتازَ بحرًا، تموَّجَتْ أمواهُهُ أو ربمَّا عَجَّتْ منقلِبةً، فَوَجَبَ على جسدِهِ الثقيلِ أن يتحوَّلَ إلى سفينةٍ رشيقةٍ، تَمْخُرُ عبابَ المياه وتُعلِنُ سلامةَ وصولِها؟ مع أن الوحشةَ هى طابعُ طريقِ العابِرِ، ووعورةُ الطريقِ تتحدى ساقَ المُكابر، والشعورُ بالضعفِ بل وبالعجزِ، بدون المسيح، هو خيرٌ مؤشِّرٍ لتَعَقُلِ المُسافِرِ!

هلُمَّ نجولُ فى كتابِ اللهِ، فنطمئنُ حاضرًا ومستقبلاً، فالواعِدُ بأن يجعَلَ جبالَه طريقًا كفوًا لوعدهِ وهو على وعدِهِ وكلمتِهِ ساهِرُ، وإن غدا الطريقُ قفرًا أو منهَلاً، فهكذا كُتِبَ عنه بل هو وَعَدَ:

(١) «هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ الْجَاعِلُ فِي الْبَحْرِ طَرِيقًا وَفِي الْمِيَاهِ الْقَوِيَّةِ مَسْلَكًا» (إش٤٣: ١٦). فهل طريقُكَ بحرٌ؟

(٢) «هَأَنَذَا صَانِعٌ أَمْرًا جَدِيدًا. الآنَ يَنْبُتُ. أَلاَ تَعْرِفُونَهُ؟ أَجْعَلُ فِي الْبَرِّيَّةِ طَرِيقًا، فِي الْقَفْرِ أَنْهَارًا» (إش٤٣: ١٩). فهل طريقُكَ بريةٌ واعِرة؟

(٣) «وَأَجْعَلُ كُلَّ جِبَالِي طَرِيقًا، وَمَنَاهِجِي تَرْتَفِعُ» (إش٤٩: ١١).

(٤) «اِسْتَيْقِظِي، اسْتَيْقِظِي! الْبِسِي قُوَّةً يَا ذِرَاعَ الرَّبِّ! اسْتَيْقِظِي كَمَا فِي أَيَّامِ الْقِدَمِ، كَمَا فِي الأَدْوَارِ الْقَدِيمَةِ. أَلَسْتِ أَنْتِ الْقَاطِعَةَ رَهَبَ، الطَّاعِنَةَ التِّنِّينَ؟ أَلَسْتِ أَنْتِ هِيَ الْمُنَشِّفَةَ الْبَحْرَ، مِيَاهَ الْغَمْرِ الْعَظِيمِ، الْجَاعِلَةَ أَعْمَاقَ الْبَحْرِ طَرِيقًا لِعُبُورِ الْمَفْدِيِّينَ؟» (إش٥١: ٩، ١٠).

فهل طريقُكَ جَبَلٌ أو لا بحرٌ فحسب، بل وعمقُ بحرٍ؟

أنتَ لي فى بحر الحياةِ طريق مسلكٌ قويمٌ فى لُجِّ المياه

قديمًا، وَعَدَ الربَّ ملكًا وثنيًا، ولكنه كان عتيدًا أن يصنَعَ مسرةَ الربِّ من جهةِ شعبِهِ، بإطلاق النداءِ لهم للرجوع إلى أرضهم بعد السبي البابلي فقال له: «أَنَا أَسِيرُ قُدَّامَكَ وَالْهِضَابَ أُمَهِّدُ. أُكَسِّرُ مِصْرَاعَيِ النُّحَاسِ، وَمَغَالِيقَ الْحَدِيدِ أَقْصِفُ» (إش٤٥: ٢).

وَإِنْ أَثْقَلَتْكَ هُمُومُ الْحَيَاهْ وَأَمْسَى صَلِيبُكَ لاَ يُحْتَمَل

فَعُدَّ الْمَرَاحِمَ تَلْقَ النَّجَاه وَتُنْشِدْ نَشِيدَ الْهَنَا وَالأَمَل

بطرس نبيل