أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
العدد السنوي - السجود
السنة 2006
طيب كثير الثمن

«ثم قبل الفصح بستة أيام أتى يسوع إلى بيت عنيا حيث كان لعازر الميت الذي أقامه من الأموات.  فصنعوا له هناك عشاءً.  وكانت مرثا تخدم وأما لعازر فكان أحد المتكئين معه.  فأخذت مريم منًا من طيب ناردين خالص كثير الثمن ودهنت قدمي يسوع ومسحت قدميه بشعرها، فامتلأ البيت من رائحة الطيب» (يو12: 1-3). 

لم تأتِ لتسمع عظة، مع أن أعظم معلِّم كان موجودًا، ولا أتت لتجلس عند قدميه، وتستمع إلى كلامه (لو10: 39). 

لم تأتِ لترفع إليه طلباتها؛ كما حدث، عندما في خضوع عميق لإرادته، «خرت عند رجليه قائلة له يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخي» (يو11: 32).  فلم يكن في فكرها الآن أيّة مطالب لتتقدم بها، لأن أخاها كان متكئًا معه على المائدة. 

ولم تأتِ لتتشرف بمقابلة القديسين، مع أن قديسين مباركين كانوا موجودين لأن «يسوع كان يحب مرثا...  ولعازر».  فالشركة معهم كانت مباركة، وكانت تتكرر كثيرًا، ولكن ليس شيء من هذا كان هدفها الآن. 

وهي لم تأتِ بعد إجهاد أسبوع من المحاربة مع العالم لكي تجدِّد قواها، مع أنها، مثل كل قديس، اختبرت تجارب البرية، وعلمت أن ينابيع الإنعاش المباركة هي فيه.

ولكنها أتت، في اللحظة التي كان العالم فيها يعبِّر عن أقسى عداوة له، لتسكب ما ادّخرت من أجله طوال حياتها، أغلى شيء تمتلكه على الأرض؛ على قدمي الشخص الوحيد الذي أسرّ قلبها واستحوذ على وجدانها. 

«فيسوع وحده» هو الذي ملأ قلبها، فدقَّ بالحب الصحيح له، «فدهنت قدمي يسوع ومسحت قدميه بشعرها». 
فالحب، والخضوع، والسجود، والإكرام كان هو كل ما يملأ فكرها، لتكريم الوحيد الذي هو الكل في الكل بالنسبة لها.  ولا شك أن هذا السجود سرَّ قلبه. 

قد يتذمر الشخص غير الروحي ويعترض (كما اعترض يهوذا)، ولكن الرب يسوع قدَّر هدفها، وناصر قضيتها، وقدَّر التعبير الشكور لقلب عرف قيمته وسمو مكانته.  وهكذا، دُوِّن سجل باقٍ عن المعنى الحقيقي للسجود. 
فلو اتجهت كل عين إلى الرب فقط، وأخلص كل قلب له، وصمم كل واحد ألا يرى إلا «يسوع وحده»؛ كم سيكون السجود كاملاً. 

إذًا، ليس بقوارير طيب في الوقت الحالي، بل بأجسادنا التي امتلأت بالروح القدس، سيرتفع شكرنا وأسمى سجودنا تكريمًا للوحيد المبارك، الذي يشرِّف المجد الآن، مثلما شرَّف أرضنا مرة.  ولكن من جانبنا ينبغي أن يكون سجودنا له بالروح والحق (يو4: 24).

د. ت. جريمستون