أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
العدد السنوي - الفرح
السنة 2014
الفرح .. في الضيقة العظيمة!
«افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا.  
وَيْلٌ لِسَاكِنِي الأَرْضِ وَالْبَحْرِ، لأَنَّ إِبْلِيسَ نَزَلَ إِلَيْكُمْ وَبِهِ غَضَبٌ عَظِيمٌ!
عَالِمًا أَنَّ لَهُ زَمَانًا قَلِيلاً» (رؤ12: 12)


قريبًا سيأتي الرب لأخذ قديسيه إليه في الاختطاف.  ويعقب ذلك فترة زمنية تتجاوز السبع سنوات بقليل، مليئة بالضيقات والضربات والويلات على العالم (رؤ6-18)، تزداد حدتها وشدتها في النصف الثاني من هذه المدة، وسيكون للشعب القديم ”إسرائيل“ نصيب وافر من هذه الضيقة، كما نفهم من نبوات الكتاب المقدس، الذي يُسميها «وَقْتُ ضِيقٍ عَلَى يَعْقُوبَ» (إر30: 7)، و«الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ» (رؤ7: 14).  وكما تضايق إخوة يوسف عليه بعد أن ذاقوا الأمَرَّين في مصر وقت سني جوع الأرض، في معاملات تدريبية قادتهم إلى التوبة والاعتراف بأشنع جريمة ارتكبوها بحق يوسف، الذي جاء إليهم ليفتقد سلامتهم، مُرسلاً من أبيه يعقوب.  هكذا بالتمام؛ ولكن على قياس أكبر، سيتضايق اليهود جدًا لسبب جريمتهم الأشنع برفضهم المسيا، الذي جاء إليهم في ملء الزمان مرسلاً من الآب، ليفتقدهم «الْمُشْرَقُ مِنَ الْعَلاَءِ»، فما كان منهم إلا أن هتفوا قائلين: «اصْلِبْهُ!  اصْلِبْهُ!» (لو23: 21؛ يو19: 6)، «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا» (مت27: 25).

والرب سيُوجِد لنفسه وسط هذه الضيقة العظيمة بقية من هذه الأمة بالتحديد، سترجع إليه من القلب، وتعترف بجريمة الآباء والأجداد.  هؤلاء الأتقياء سيجتازون الضيقة العظيمة مع مَنْ يقبلون شهادتهم من بين الأمم عن المسيا الوشيك أن يرجع ظاهرًا بالمجد والقوة، ليؤسِّس مُلكَه السعيد العتيد على الأرض «أَلْفَ سَنَةٍ» (رؤ20).  هذه البقية التقية، مع أنها ستجتاز هذه الفترة العصيبة، إلا أنها ستستند على الرب كمصدر معونتها ورجائها الوحيد الذي ليس فقط سيحفظها في الضيقة، وسيخرجها منها بظهوره بالمجد والقوة في آخر هذه السنوات السبع.

أما عن الحالة في هذه المدة، النصف الثاني من الأسبوع والتي يحددها الكتاب بالأيام (1260 يومًا)، أي 3 سنوات ونصف، فيقول يوحنا الرائي «وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلاً فِي السَّمَاءِ: الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا، الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلاً... مِنْ أَجْلِ هذَا، افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا.  وَيْلٌ لِسَاكِنِي الأَرْضِ وَالْبَحْرِ، لأَنَّ إِبْلِيسَ نَزَلَ إِلَيْكُمْ وَبِهِ غَضَبٌ عَظِيمٌ! عَالِمًا أَنَّ لَهُ زَمَانًا قَلِيلاً» (رؤ12: 10-12).

ومن الواضح هنا أن ثمة حدث هام وخطير ستبدأ به هذه الفترة العصيبة على الأرض، إذ سيُطرَح الشيطان من السماء إلى الأرض وبه غضب عظيم، عالمًا أن له زمانًا قليلاً، وبالتالي سيركز كل غضبه وانتقامه في هذه الفترة المحدودة لتكون ”وَيْلاً لِسَاكِنِي الأَرْضِ وَالْبَحْرِ“.  ولكن على النقيض التام، سيكون الأمر في السماء التي منها سيُطرَح إذ يقول الوحي «مِنْ أَجْلِ هذَا، افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا» (ع 12).

إذًا فهذه الفترة سيميزها الفرح في السماء، والويل على الأرض.  فيا لغبطة ساكني السماء في هذه الفترة؛ وأبرزهم مؤمنو الكنيسة.  ويا لبؤس ساكني الأرض وقتها، وغالبيتهم من غير المؤمنين بالمسيح (عدا بقية تقيّة صغيرة أمينة كما سبقت الإشارة، وهم ليسوا من مؤمني الكنيسة).

القارئ العزيز: بعد دخول الخطية إلى العالم، صارت الأرض، برًا وبحرًا وجوًا، مجالاً للويلات ولعَبَث إبليس وجنوده؛ ولولا وجود الروح القدس اليوم على الأرض في المؤمنين بالمسيح (الكنيسة الحقيقية) لاستُعلن سر الإثم تمامًا (2تس2: 7)، كما سيحدث عن قريب.

أما السماء، فطالما كانت مرفأ الغبطة والسرور والهناء لسكانها على مر العصور، وتعاقب الأجيال.  على أنه قريبًا ستُستعلَن هذه المباينة الرهيبة بقوة بين الأرض والسماء، عندما يجتاز العالم في الضيقة العظيمة.  تُرى: هل ستكون وقتها من سكان السماء المغبوطين، الذين افتُدوا بدم المسيح وهم معه كل حين؟  أم ستكون وقتها من سكان الأرض الذين رفضوا محبة الحق في عهد النعمة الحالي، فلم يتبقَ أمامهم سوى يوم الانتقام والويلات المتعاقبة، والشيطان المطروح إليهم من السماء، وبه غضب عظيم، لينتهي بهم المآل إلى العذاب الأبدي مع إبليس وملائكته؟

إن المباينة تستحق التأمُّل وسرعة حسم القرار قبل ضياع الفرصة وفوات الأوان.

إسحق إيليا